Pages

الاثنين، 31 مارس 2014

الرد السهل على كلام المدخلي ربيع في العذر بالجهل


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:

فقد عرف أهل السنة انحراف المدخلي في مسألة العذر بالجهل بما تكلم به مرارا حولها ، وتبعه عليها فئام من الناس لا يحصون كثرة اغترارا به وتقليدا له من غير بحث ولا تحقيق ،إذ كثير من الناس يهمهم القائل من غير نظر لقوله وحجته، وكلما اطلعت على مقال في المسألة إلا ووجدت كاتبه يستدل بكلامه ، فكنت أعرض عن الرد عنه دفعا لبعض المفاسد المتوقعة من جراء ذلك ، لكن انتشار المقالة الباطلة بسبب جوابه حتم علي الرد وبيان غلطه الواضح فيها ، وليته خالف وسكت ، بل سب وجدع وشنع عمن خالفه فيها ونسبهم للبدعة والتكفير وغيرها من أوصاف التنفير على طريقة الفارغين من الحجة، ثم زاد الطين بلة بأن نسب الأمر للسلف ولم يقم على دعواه برهانا صحيحا إلا مجرد دعوى لا يعجز عنها جاهل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حتى رمى كتب أئمة الدعوة بالتناقض والاختلاف ، وما ذاك إلا جهلا منه بحقيقة المسألة وبما كان عليه أئمة الدعوة رحمهم الله، من تكفير عباد القبور ولم يكن يعرف فيها خلاف حتى عصرنا هذا ولعل أول من قال بالخلاف الألباني وتبعه عليه المدخلي ، لاعتقاده أن الألباني إمام من أئمة السنة.
وإني أطلب من كل من رأى في المقال مجازفة مني أو بيانا بغير حجة أن يناقش القول ولا ينظر للقائل ، ولست على استعداد لأجيب من يسأل من أنت وأين درست وو، وغيرها من أسئلة الترهيب التي يمارسها المرجئة بحجة نصرة السنة
أما من يسب ويجدع فالموعد الله ، وهو الحكم العدل سبحانه وتعالى. وأسأل الله أن يجعل ما أكتب خالصا له وأن يكتبه في ميزان حسناتي إنه ولي ذلك والقادر عليه والآن إلى بيان الغلط في كلام المدخلي هداه الله.
قال المدخلي كما في مجموع كتبه(14/309-312(:
(هذه المسألة؛ مسألة العذر بالجهل أو عدم العذر، يركض من ورائها أناس أهل فتنة، ويريدون تفريق السلفيين، وضرب بعضهم ببعض(.
وجوابه:
هذا الكلام مرسل بلا زمام والسؤال عن تأصيل المسألة لا عما يترتب عنها ، فكان عليك _وأنت الإمام _أن تذكر الأدلة على صحة قولك ، لا أن تذهب تجدع وتشنع ، والمسألة على قولك خلافية فلم تنكر على مخالفك وتصفه بالحدادي ومنهم من لا يعرف الحداد بل لا يسمع به إلا منك فقط لكثرة ذكرك له عند كل قضية.
ثم قال :
وأنا كنتُ في المدينة اتصل بي رياض السعيد وهو معروف وموجود في الرياض الآن قال لي: إنَّ هنا في الطائف خمسين شاباً كلهم يكفِّرون الألباني!!.
لماذا؟!
لأنه لا يكفِّر القبوريين ويعذرهم بالجهل!!.)
أولا إن كفره بعضهم فلا يلزم منه رد المسألة ونفيها فالألباني أخطأ فيها خطأ بينا ، وتابعته أنت من غير بينة ولا حجة نيرة ، إلا محض التعصب .
وتكفير من كل من عذر عباد نص عليه غير واحد من أئمة الدعوة ، وليس هذا موضع بيان ذلك. ثم قال:

طيب؛ هؤلاء يكفرون ابن تيمية وابن القيم وكثير من السلف،  لأنهم يعذرون بالجهل.
الجواب:
ابن تيمية وابن القيم لا يعذران عباد القبور ، ونصوصهم منثورة منشورة يستدل بها ائمة الدعوة  وسأنقل لك بعض ما قاله عنهما أئمة الدعوة لتتبين أنك لا تعرف قولهم في المسالة على وجهه.
قال  شيخ الإسلام رحمه الله في رده على الأخنائي(1/60):
وأهل البدع والجهل يفعلون ما هو من جنس الأذى لله ورسوله، ويدعون ما أمر الله به من حقوقه وهم يظنّون أنهم يعظّمونه؛ كما تفعل النصارى بالمسيح، فيضلهم الشيطان كما أضل النصارى، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. والذين يزورون قبور الأنبياء والصالحين ويحجّون إليها ليدعوهم ويسألوهم، أو ليعبدوهم ويدعوهم من دون الله؛ هم مشركون.ا.ه
فسماهم مشركين وقد وصفهم بالجهل في بدء حديثه فتنبه. وهذا عين ما نقوله ويقوله ك سلفي بحق.
وقال في مجموع الفتاوى (4/54):
وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ فِيهَا مُخْطِئٌ ضَالٌّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ صَاحِبُهَا ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي طَوَائِفَ مِنْهُمْ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَعْلَمُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مُخَالِفَهَا ؛ مِثْلُ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ هَذَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُ أَمْرِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِيجَابِهِ لَهَا وَتَعْظِيمِ شَأْنِهَا وَمِثْلُ مُعَادَاتِهِ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَمِثْلُ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالرِّبَا وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . ثُمَّ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَقَعُوا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتُوبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَعُودُونَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ : أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَرَى وُجُوبَهَا ؛ كَرُؤَسَاءِ الْعَشَائِرِ مِثْلِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وعُيَيْنَة بْنِ حِصْنٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَدَخَلَ فِيهِ فَفِيهِمْ مَنْ كَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَمَرَضِ الْقَلْبِ وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.اهـ
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب_ رحمه الله_ في مفيد المستفيد:
وقال أبو العباس رحمه الله تعالى في كتاب ( إقتضاء الصراط المستقيم ) في الكلام على قوله تعالى : ( وما أهل به لغير الله ) ظاهره أن ما ذبح لغير الله سواء لفظ به أو لم يلفظ ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه النصراني للحم وقال فيه باسم المسيح ونحوه ، كما أن ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله سبحانه كان أزكى مما ذبحناه للحم وقلنا عليه باسم الله ، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور ، والعبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله فلو ذبح لغير الله متقربا به إليه لحرم وإن قال فيه باسم الله ، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة ، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبائحهم بحال ، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان ، وهذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن . انتهى كلام الشيخ وهو الذي ينسب إليه بعض أعداء الدين أنه لا يكفر المعين ، فانظر أرشدك الله إلى تكفيره من ذبح لغير الله من هذه الأمة ، وتصريحه أن المنافق يصير مرتداً بذلك ، وهذا في المعين إذ لا يتصور أن تحرم إلا ذبيحة معين .ا.ه
وقال أيضا ص8: وأنا أذكر لفظه الذي احتجوا به على زيغهم قال رحمه الله تعالى : أنا من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير ، أو تبديع ، أو تفسيق ، أو معصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى . انتهى كلامه .
وهذا صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة ، وأما إذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير ، أو تفسيق ، أو معصية .
وصرح رضي الله عنه أن كلامه في غير المسائل الظاهرة ، فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا قال : وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال أنه فيها مخطئ ضال تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها ، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بها ، وكفر من خالفها ، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ، ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ، ومثل إيجاب الصلوات الخمس وتعظيم شأنها ، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ، ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين .ا.ه
وقال: على أن الذي نعتقده وندين لله به ونرجو أن يثبتناً عليه أنه لو غلط هو أو أجلَّ منه في هذه المسألة وهي مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة ، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين ، أو يزعم أنه على حق ، أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة ، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط من غلط .
فكيف والحمد لله ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة ، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون : ( فما بال القرون الأولى ) أو حجة قريش : ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) .ا.ه
انظر نفيه الخلاف فيها أصلا فمن أين أتيت بالخلاف فيها؟


وقال العلامة ابن سحمان في كشف الأوهام والالتباس ص 48:
وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى قد صرحا في غير موضع أن الخطأ والجهل قد يغفرا لمن لم يبلغه الشرع ولم تقم عليه الحجة في مسائل مخصوصة إذا اتقى الله ما استطاع واجتهد بحسب طاقته وأين التقوى وأين الاجتهاد الذي يدعيه عباد القبور والداعون للموتى والغائبين والمعطلون للصانع عن علوه على خلقه ونفي أسمائه وصفات كماله ونعوت جلاله كيف والقرآن يتلى في المساجد والمدارس والبيوت ونصوص السنة النبوية مجموعة مدونة معلومة الصحة والثبوت
 وقد بين ابن القيم رحمه الله تعالى في الطبقات تنويع الجهال المقلدين لأهل الكفر من الجهمية وعباد القبور وغيرهم وفصل النزاع وأزال الإشكال فقال رحمه الله تعالى.
الطبقة السابعة عشر طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبع يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة ولنا أسوة بهم ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصب له أولئك أنفسهم من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام
 إلى أن قال :
 والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان برسوله واتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بها فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى وكذب رسوله إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله تعالى في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم فإنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار.
ثم قال:
قال شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في رده على داود العراقي لما ذكر كلام ابن القيم المتقدم ذكره قال :
 فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه رحمه الله لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته له فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين وأما العراقي وإخوانه المبطلون فشبهوا أن الشيخ لا يكفر الجاهل وأنه يقول هو معذور وأجملوا القول ولم يفصلوا وجعلوا هذه الشبهة ترسا يدفعون بها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وصاحوا على عباد الله الموحدين كما جرى لأسلافهم من عباد القبور والمشركين وإلى الله المصير وهو الحاكم بعلمه بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون انتهى.
وكلام ابن القيم في طريق الهجرتين وفي مفتاح دار السعادة واضح جلي في الحكم بالظاهر على من فعل الشرك، فأين الاعتذار لهم بالجهل؟
اللهم إلا من نشأ في بادية بعيدة أو كان حديث عهد بالإسلام فليس هذا محل الخلاف.
ولولا طول المقال لسقت من كلامهم وكلام أئمة الدعوة ما يجعل هذه الشبهة كالريح.
أما دعواك أن كثيرا من السلف على العذر فهذا كذب عليهم فالمسألة محل إجماع ولا خلاف فيها بين أهل السنة ، أما أهل البدع الذين أشار إليهم ابن القيم فليسوا ممن يعتبر خلافهم في المسألة، وانظر كلام الشافعي والطبري والسمعاني والبربهاري وقد شرحت كتابه شرح السنة لكنك لم تستفد من كلامه ، فهو يوجب تكفير من عبد القبور.
ولمزيد من البيان يرجى مراجعة ردود أئمة الدعوة على من قال بهذا القول ففي كلامهم الشفاء من هذا الداء.
ثم قال المدخلي:
وعندهم أدلة منها: "وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا" الإسراء/15، ونصوص أخرى فيها الدلالة الواضحة، ومنه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" النساء/115، "وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون" التوبة/115.
الجواب :
نفي التعذيب جمهور المفسرين على أنها في العذاب الأخروي لا في الحكم الدنيوي.هذا أولا.
ثانيا: لو كان في الحكم الدنيوي فقد بعث الرسول وقامت به الحجة ، فلا تعلق لكم بالآية .
أما الآية الثانية فجوابنا على الاستدلال بها هو:
ما قاله الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في مصباح الظلام:
وأما قول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] [النساء / 115] وما بعدها من الآيات، فهو الحق الذي لا ريب فيه، والهدى الذي لا ضلال يعتريه، والشأن كل الشأن في فهم خطابه وما دل عليه، وما انطوى عليه من الأحكام والدلالات، ليس المعنى ما زعمه هذا من أنه لا يكفر أحد حتى يتبين له الإيمان ويختار الكفر، بل المراد عند أهل العلم بالتأويل أن من تبين له ما جاء به الرسول من الحجة والبيان، ثم عاند وأصر وشاق الرسول، ولو ظنَّ إصابة نفسه، كالخوارج، متوعد بهذا الوعيد العظيم في هذه الآيات الكريمات، وليس المراد أنه لا يكفر إلا هذا الصنف من الناس، وقد تقدم من الآيات الدالة على تكفير من زين له سوء عمله فراه حسنًا، ومن ضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه محسن.
وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36] الآية
وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره حال المقلدين لرؤساء الكفر من عامتهم وضعفائهم وجزموا بكفرهم، كما دلَّت عليه الآيات المحكمات.
قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: 31] الآيات [سبأ / 31] .
وكذلك آية الحجر  وغيرها من الآيات الدالة على تكفير الأتباع على ما هم فيه من الكفريات و الضلالات.ا.ه
وقال العلامة ابن سحمان في الضياء الشارق ص 6:
وقد قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115].
فإن الله تعالى قد بين الحق بيانا كافيا شافياً، وأرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق بالحق مبشراً ونذيراً وداعياً، ونصب الأدلة، وأوضح المحجة، فلم يبق للناس على الله بعد الرسل من حجة، فمن أجاب داعي الله فقد نجا، ومن تولى عن الحق معرضاً أفضى به عوجاً.ا.ه
ثم الرسول بين للناس الهدى من الضلال ، ومسائل التوحيد والشرك من أهم ما بينه بل ما أرسل الرسل إلا لأجله، فكيف يبقى غامضا على الناس ويعذرون فيه بالجهل ؟ أما من أعرض عن دين الله وتوحيده وأشرك مع الله غيره فأنى له العذر وهو تارك لأمر دينه.
قال الإمام المجدد كما في الدرر السنية(10/94):
إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة، وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؟ فهذا من العجب، كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة؛ ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر; وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" ،وقوله: "شر قتلى تحت أديم السماء" ، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد؛ وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.ا.ه
أما آية ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون)
فقد بين الله في كتابه ووضح الحجة للناس ، خاصة في أمور التوحيد والشرك وهي مما تعرف بالعقل والفطر السليمة، ثم ماذا لو أنكر أحد وجوب الصلاة ودافع عنه آخر بهذه الآيات فما جوابك عنه؟
فما كان جوابك هنا هو جوابنا عليك فيما قلت.
ولماذا تكفر من يسب الله إذن ولا تعذره بالجهل ، وترى أنها مسألة واضحة لا تحتاج لإقامة الحجة ، فهل الشرك بالله من الخفيات عندك؟
ثم قال:
 ونصوص أخرى تدل على أنَّ المسلم لا يكفر بشيء من الكفر وقع فيه، نقول: وقع في الكفر؛ هذا كفر وقع فيه عن جهل مثلاً، فلا نكفره حتى نبين له الحجة ونقيم عليه الحجة، فإذا عاند كفرناه.


الجواب:
ماذا عن تكفيرك ساب الله؟ ألا تنطبق عليه هذه القاعدة العرجاء التي أحدثتموها، للاعتذار لرؤوس الكفر ؟أم هو من تناقضك المعروف؟
وكلامك هذا إرجاء بين فليس الكفر هو العناد فقط ، كما قرره أئمة السنة ، فقد قال الإمام المجدد كما في الدرر السنية(12/ .69.68):
واحتج بعض من يجادل عن المشركين بقصة الذي قد أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته، على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر، ولا يكفر إلا المعاند.
والجواب عن ذلك كله: أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل؛ وأعظم ما أرسلوا به ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره؛ فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهل، فمن الذي لا يعذر؟!
ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند، مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله، بل لا بد أن يتناقض، فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أو شك في البعث، أو غير ذلك من أصول الدين، والشاك جاهل؛ والفقهاء يذكرون في كتب الفقه حكم المرتد: أنه المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، نطقا أو فعلا أو شكا أو اعتقادا، وسبب الشك الجهل.
ولازم هذا: أنا لا نكفر جهلة اليهود والنصارى، والذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم، ولا الذين حرقهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بالنار، لأنا نقطع أنهم جهال؛ وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى، أو شك في كفرهم، ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال.
وقال الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى: من سب الصحابة رضوان الله عليهم، أو واحدا منهم، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي، أو أن جبرائيل غلط، فلا شك في كفر هذا، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره.
قال: ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر، أو أنهم فسقوا، فلا ريب في كفر قائل ذلك، بل من شك في كفره فهو كافر.
وقال بعدها:
ووصفهم الله سبحانه بغاية الجهل، كما في قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [سورة الأعراف آية: 179].
وقد ذم الله المقلدين، بقوله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 22] الآيتين، ومع ذلك كفّرهم; واستدل العلماء بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في معرفة الله والرسالة، وحجة الله سبحانه قائمة بإرساله الرسل، وإن لم يفهموا حجج الله وبيناته.ا.ه
ثم قال:
وهذا القول عليه عدد من أئمة العلماء في نجد، وبعضهم قد يختلف كلامه، مرة يشترط قيام الحجة، ومرة يقول: لا يعذر بالجهل!!؛ فيتعلَّق أناس بأقوال مَنْ لا يعذر بالجهل، ويهمل النصوص الواضحة في اشتراط قيام الحجة، وأنه لا يكفر المسلم الذي وقع في مكفّر حتى تقام عليه الحجة؛ ومنه ما ذكرته لكم عن الإمام الشافعي رحمه الله، والنصوص التي ذكرتها لكم.
الجواب:
ليس على هذا القول أحد من أئمة الدعوة فلا ترم الكلام جزافا ، بل هم مجمعون على المسألة كما كان السلف، ومن ادعى الخلاف فليبينه بالنقل الصحيح ، أما مجرد التهويل والدعاوى فلا يعجز عنه أحد ولا يفرق به بين العالم والجاهل.
أما تعلقك الباهت باشتراطهم إقامة الحجة فإليك البيان الشافي لمن طلب الحق فقد قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن في رسالة تكفير المعين:
وذكر الذي حدثني عن هذا أنه سأله بعض الطلبة عن ذلك وعن مستدلهم، فقال: نكفر النوع ولا نعين الشخص إلاَّ بعد التعريف، ومستندنا ما رأيناه في بعض رسائل الشيخ محمد -قدَّس الله روحه- على أنه امتنع من تكفير من عبد قبة الكواز وعبد القادر من الجهال لعدم من ينبِّه...
 ونحن نقول: الحمد لله وله الثناء، ونسأله المعونة والسداد، ولا نقول إلاَّ كما قال مشايخنا، الشيخ محمد في إفادة المستفيد، وحفيده في رده على العراقي، وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم، ومما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام: أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة المعتبر، وهو ما كان عليه الصحابة، وليس المرجع إلى عالم بعينه في ذلك.
فمن تقرر عنده هذا الأصل تقريرًا لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المشتبه في بعض مصنفات أئمته، إذ لا معصوم إلاَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومسألتنا هذه وهي: عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من عبادة ما سواه، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر، الذي ينقل عن الملَّة، هي أصل الأصول، وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وقامت على الناس الحجة بالرسول وبالقرآن وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين في ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله، فإنه يستتاب فإن تاب وإلاَّ قتل، ولا يذكرون التعريف في مسائل الأصول، إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية، التي قد يخفي دليلها على بعض المسلمين، كمسائل نازع بها بعض أهل البدع، كالقدرية والمرجئة، أو في مسألة خفية: كالصرف والعطف.
وكيف يعرفون عبَّاد القبور، وهم ليسوا بمسلمين، ولا يدخلون في مسمَّى الإسلام، وهل يبقى مع الشرك عمل والله تعالى يقول: {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، «ومن يشرك بالله فقد حبط عمله»(1) . إلى غير ذلك من الآيات، ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح، وهو: أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن، نعوذ بالله من سوء الفهم الذي أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول. بل أهل الفترة الذين، لم تبلغهم الرسالة والقرآن، وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ولا يستغفر لهم، وإنما اختلف أهل العلم في تعذيبهم في الآخرة.ا.ه
وقال المجدد في رسالته لأحمد بن عبد الكريم صاحب الأحساء :
وقال أيضًا في كلامه على المتكلمين، ومن شاكلهم، لما ذكر من أئمتهم شيئًا من أنواع الردة، والكفر قال رحمه الله تعالى: وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن يقع في طوائف منهم في هذه الأمور الظاهرة، التي يعلم المشركون واليهود والنصارى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بعث بها وكفَّر من خالفها، مثل: أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة وغيرهم، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام. ثم تجد كثيرًا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وكثير تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة، - إلى أن قال-: وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في الردة، كما صنف: الرازي في عبادة الكواكب، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين.
هذا لفظه بحروفه، فتأمل كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية، وبين ما نحن فيه في كفر المعين، وتأمل تكفيره رؤسائهم فلانًا وفلانًا بأعيانهم وردتهم ردة صريحة، وتأمل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام، مع كونه من أكابر أئمة الشافعية، هل يناسب هذا من كلامه أن المعين لا يكفر، ولو دعا عبد القادر في الرخاء والشدة، ولو أحبَّ عبد الله بن عوف، وزعم أن دينه حسن، مع عبادته لأبي حديدة...)ا.ه
وقال الشيخان إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ و عبدالله بن عبد اللطيف آل الشيخ في فتيتان في كفر الجهمية نقلا عن المجدد:
وأما الجهمية وعباد القبور فلا يستدل بمثل هذه النصوص على عدم تكفيرهم إلا من لم يعرف حقيقة الإسلام وما بعث الله به الرسل الكرام لأن حقيقة ما جاؤا به ودعوا إليه وجوب عبادة الله وحده لا شريك له وإخلاص العمل له وأن لا يشرك في واجب حقه أحدا من خلقه وأن يوصف بما وصف به نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال فمن خالف ما جاؤا به ونفاه وأبطله فهو كافر ضال وإن قال لا إله إلا الله وزعم أنه مسلم لأن ما قام به من الشرك يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد فلا ينفعه التلفظ بقول لا إله إلا الله لأنه تكلم بما لم يعمل به ولم يعتقد ما دل عليه .
وأما قوله نقول بأن القول كفر ولا نحكم بكفر القائل
 فإطلاق هذا جهل صرف لأن هذه العبارة لا تنطبق إلا على المعين ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قولا يكون القول به كفرا فيقال من قال بهذا القول فهو كافر لكن الشخص المعين إذا قال ذلك لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس كما في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء فإن بعض أقوالهم تتضمن أمورا كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفرا ولا يحكم على قائله بالكفر لاحتمال وجود مانع كالجهل وعدم العلم بنقض النص أو بدلالته فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في كثير من كتبه وذكر أيضا تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة قال : وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله انتهى
 ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة  وأما قوله وهؤلاء فهموا الحجة فهذا مما يدل على جهله وأنه لم يفرق بين فهم الحجة وبلوغ الحجة ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر فقد تقوم الحجة على من لم يفهمها وقد قال شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كلام له فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسائل خفية مثل مسألة الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف وأما أصول الدين التي وضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه فقد بلغته الحجة ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة فإن الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون } إلى قوله { سبيلا } وقال تعالى { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا } فقيام الحجة وبلوغها نوع وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إياهم مع كونهم لم يفهموها إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.ا.ه
وفي هذا لكلام رد واضح على كلامك السابق بتكفير النوع لا العين بإطلاق ودون تقييد ، وفيه رد على نسبة العذر بالجهل لأئمة الدعوة زورا وبهتانا.
بل فيه تجهيل لمن قال يقال العمل كفر ولا يكفر الفاعل فتنبه.
ثم قال:
وجلستُ مرة في إحدى المجالس وواحد يقرر عدم العذر بالجهل، فذكرتُ له هذه الأدلة وذكرتُ له أنَّ علماء نجد يعرف بعضهم بعضاً؛ بعضهم يعذر بالجهل وبعضهم لا يعذر، وهم متآخون، ليس هناك خلافات، ولا خصومات، ولا إشاعات، ولا، ولا..، فسكت ولم يجادل لأنه لا يريد الفتن.
فنحن نعرف أنَّ الخلاف واقع في نجد بين بعض المشايخ وغيرهم، لكن لا خصومة ولا تضليل ولا فتن؛ وإنما هذه طريقة الحدادية؛ يا إخوان، الفتنة الحدادية الماكرة الضالة أنشأت لإثارة الفتن بين أهل السنة وضرب بعضهم ببعض، وهم تكفيريون مستترون، وعندهم بلايا أخرى، يمكن غير التكفير، ويستخدمون أخبث أنواع التقية ستراً على منهجهم الخبيث وأغراضهم الفاسدة.
الجواب:
سبق الجواب على دعوى الخلاف بين أئمة الدعوة وتبين أنها من نسج خيالك لا أكثر ولا حقيقة لها في واقع الأمر ودونك كتبهم وأخرج نصوصهم في ذلك .
أما التهويل  ونسبة ذلك للحدادية فليس من العلم في شيء، فحقيق بمثلك أن يرتفع عنه وإن كان لديك دليل على أن هذا من فعل الحدادية فأخرجه ، ولا تنس أن الشيخ الفوزان _ حفظه الله _ قال بأن الخلاف في المسألة أحدثه المرجئة فقط.
وقد قال شيخ الإسلام:
النَّوْعُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ مَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ . فَإِنَّ الرَّدَّ بِمُجَرَّدِ الشَّتْمِ وَالتَّهْوِيلِ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَحَدٌ . وَالْإِنْسَانُ لَوْ أَنَّهُ يُنَاظِرُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ : لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مِنْ الْحُجَّةِ مَا يُبَيِّنُ بِهِ الْحَقَّ الَّذِي مَعَهُ وَالْبَاطِلَ الَّذِي مَعَهُمْ . فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . فَلَوْ كَانَ خَصْمُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ - سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَشْهَرِ الطَّوَائِفِ بِالْبِدَعِ كَالرَّافِضَةِ - لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْحُجَّةَ وَيَعْدِلَ عَمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ كَانَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ دَع  وَالْمُنَازِعُونَ لَهُ - كَمَا ادَّعَاهُ - هُمْ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ.ا.ه
وفيه غنية لطالب الحق فالسب لم يكن يوما علما ، والتهويل طريقة المفلس من الحجة والبرهان ، وعلى هذا سار كثير ممن قال هذا القول تقليدا لا غير.
ثم قال:

وفي مناقشاتي له قلتُ له: قوم كفار في جزيرة من الجزر في إحدى جزر بريطانيا أو جزر المحيط الهادي أو غيرها ما أتاهم أحد من السلفيين وجاءهم جماعة التبليغ وعلموهم، وقالوا: هذا الإسلام فيه خرفات فيه بدع فيه شركيات وفيه وفيه ...
قالوا لهم: هذا الإسلام فقبلوه وتقربوا إلى الله ويعبدون الله على هذا الدين الذي يسمى الإسلام.
تكفرهم أنت أم تبين لهم وتقيم عليهم الحجة؟
قال: هم كفَّار!، ولا يشترط إقامة الحجة.
قلت: اذهب إلى الجزائر فأنت أشد من هؤلاء الثوار الآن، أنت أشد تكفيراً منهم، ليس لك مجال في هذه البلاد.
الجواب:
كل من وقع في الشرك حكم عليه به في الدنيا ، وعومل معاملة المشرك أما في الآخرة فأمره إلى الله .
قال الشيخان حسين وعبد الله ابنا محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع، في الجواب على مسألة وردت عليهم، ضمن مسائل عدة («الدرر السنية»: (10/142).:
(المسألة الثالثة عشرة): فيمن مات قبل هذه الدعوة، ولم يدرك الإسلام، وهذه الأفعال التي يفعلها الناس اليوم يفعلها، ولم تقم عليه الحجة ما الحكم فيه؟ وهل يلعن أو يسب أو يكف عنه؟ وهل يجوز لابنه الدعاء له؟ وما الفرق بين من لم يدرك هذه الدعوة، وبين من أدركها، ومات معاديًا لهذا الدين وأهله؟
الجواب: أن من مات من أهل الشرك، قبل بلوغ هذه الدعوة، فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفًا بفعل الشرك، ويدين به، ومات على ذلك فهذا ظاهره أنه مات على الكفر، فلا يدعى له، ولا يضحى له، ولا يتصدق عليه.
وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى، فإن كان قد قامت عليه الحجة في حياته، وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله تعالى.
وأما سبه ولعنه فلا يجوز، بل لا يجوز سبُّ الأموات مطلقًا، كما في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا»، إلاَّ إن كان أحد من أئمة الكفر وقد اغتر الناس به فلا بأس بسبه إذا كان فيه مصلحة دينية، والله أعلم .ا.ه
فلك الآن أن تحكم عليهما بأنهما مثل ثوار الجزائر كما فعلت مع الشاب ولا فرق.
وقال:

مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في هذا قائم على الحجج والبراهين وهو مذهب السلف إنْ شاء الله.
الجواب:
مذهبها هو مذهب السلف وهو مخالف لمذهبك وسبق النقل عنهما والإحالة لكتب ابن القيم ، أما الدعاوى فليست من العلم والتحقيق في شيء.
وهات نصوصهما في عذر عابد القبر تنصيصا لا كلاما عاما يحمل على وجوه عدة، نحن بالانتظار.
وقال:
ومَنْ تبنى واقتنع بغير هذا وسكت ما لنا شغل فيه، لكن يذهب يثير الفتن ويضلِّل ويكفِّر فلا؛ لا والله لا يسكت عنه.
الجواب:
التضليل شيء والتكفير شيء ثاني ، فالأول يطلق على من والى وعادى على الخطأ في المسألة ولا كرامة ، أما التكفير لمن يعذر عباد القبور فهو منوط بإقامة الحجة وإزالة الشبهة كما قرره سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على كشف الشبهات.
ثم عليك ببحث المسألة ولا عليك ممن جازف وكفر.
وقال:
وأنصح الشباب أن يتركوا هذه القضية لأنها وسيلة من وسائل أهل الشر .
والفتن يبثونها بين المسلمين.
الجواب:
ليست من وسائل الشر إلا عند المرجئة وأهل الأهواء، أما عند أهل السنة فهي من صميم التوحيد ومن شروط الشهادة ، فمن شروطها الكفر بالطاغوت ومنها معاداة أهل الإشراك وتكفيرهم والبراءة منهم .
وتسمية هذه المسألة بوسيلة شر زلة منكرة تحاسب عنها بين يدي ربك حين تلقاه ، فما بعث الأنبياء إلا بالتوحيد ودحر الشرك والبراءة منه ومن أهله.
ومثل هذا الكلام كثير في كتب أئمة الدعوة التي ترميها بالتناقض زورا وبهتانا.
وقال:
طيب؛ مرَّ عليكم دهور من عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا ليس هناك صراعات بينهم في القضية هذه أبداً، الذي اجتهد ورأى هذا المذهب سكت ومشى، قرره في كتابه ونشره فقط ومشى، والذي يخالفه مشى، كلهم إخوة ليس بينهم خلافات، ولا خصومات، ولا أحد يضلل أحداً، ولا يكفره.
الجواب:
لم يكن هناك صراعات لأن المسألة كانت محل إجماع، لا ينكرها إلا مخالف للدعوة النجدية ، ومن خالف فيها كحال ابن جرجيس وغيره فضحه أئمة الدعوة وبينوا جهله وضلاله. وردودهم على مخالفيهم منتشرة فمالك أعرضت عنها؟
أما أن يكون منهم من يعذر بالجهل فلا يوجد ولم يوجد إلا في عصرنا بدء من الألباني ثم أنت وتبعك عليها الدهماء.
وقال:
أما هؤلاء يكفرون، انظروا توصلوا به إلى تكفير أئمة الإسلام، مما يدلك على خبث طواياهم وسوء مقاصدهم.
الجواب:
نعم نكفر المشرك ولا كرامة له عندنا بحمد الله وسم ذلك بما شئت والله الموعد.
من أئمة الإسلام الذين كفرناهم ؟ سمهم لنا ,وإلا لزمك الصمت واترك التهويل فلا ينفع مع العلم والحجة..
وقال:
والمذهب الراجح: اشتراط إقامة الحجة، وإذا ما ترجَّح له فعليه أن يسكت ويحترم إخوانه الآخرين، فلا يضللهم لأنهم عندهم حق، وعندهم كتاب الله، وعندهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندهم منهج السلف.
الجواب:
إن كنت ترى المسألة خلافية أو اجتهادية فأي الرأيين أرجح ؟ أم أن كلاهما صواب عندك ؟
تقول الراجح كذا ثم تقول للمخالف لديه منهج السلف !
هل الحق يتعدد ؟ أم كل مجتهد مصيب على قول بعضهم؟
وسأبين تناقضك في قولك اشتراط الحجة في مسألتين:
الأولى: سب الله ، لم تكفر فاعله من غير ذلك ؟ فقد قلت أنها من المسائل الظاهرة ، ونحن نقول لك الشرك برب العالمين كذلك وفاعله مشرك .فإن قلت لا يستويان طلبنا منك ضابط التفريق الدقيق ليتضح مذهبك الغامض وتخرج من التناقض.
وإن سويت بينهما لزمك أن تكفر المشرك ، أو تحكم بإسلام ساب الله أو الدين.
الثانية:قولك :
"من وقع في بدعة؛ فعلى أقسام: القسم الأول: أهل البدع: كالروافض، والخوارج، والجهمية، والقدرية، والمعتزلة، والصوفية القبورية، والمرجئة، ومن يلحق بهم؛ كالإخوان، والتبليغ، وأمثالهم؛ فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة؛ فالرافضي يقال عنه: مبتدع، والخارجي يقال عنه: مبتدع، وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.ا.ه
حتى القبورية عددتها بدعة فقط ولم تشترط في الحكم بها إقامة الحجة فمالك تناقضت هنا ورجحت خلافه؟
فهل البدع الواضحة أظهر من الشرك برب العالمين ؟ أليس هذا من الشطط والتناقض المردي ؟
أيشترط إقامة الحجة فيما كل الرسالات جاءت لأجله وتدركه العقول السليمة  والفطر المستقيمة ، ثم لا تشترط في البدع الظاهرة؟
ننتظر الجواب الدقيق وأنا على إياس أنه لن يكون.          
وقال:
والذي يريد أن يكفِّر يكفِّر السلف، يكفِّر ابن تيمية وابن عبد الوهاب أيضاً، الإمام محمد بن عبد الوهاب قال: نحن لا نكفر الذين يطوفون حول القبور ويعبدونها حتى نقيم عليهم الحجة لأنهم لم يجدوا مَنْ يبين لهم)).
الجواب:
سبق الجواب بكل وضوح فلا السلف ولا ابن تيمية ولا ابن القيم عذروا عباد القبور ، والإمام المجدد كلامه أشهر من نار على علم في تكفيرهم ، هذه الكلمة التي تتعلقون بها من دون كل كلام الشيخ يدل على هوى وليس من التحقيق العلمي في شيء وجوابها ما قاله الشيح سليمان سحمان رحمه الله في كشف الأوهام والالتباس نقلا عن الشيخ عبد اللطيف :
وأما قوله - عن الشيخ محمد، رحمه الله -: إنه لا يكفر من كان على قبة الكواز، ونحوه، ولا يكفر الوثني حتى يدعوه، وتبلغه الحجة، فيقال: نعم; فإن الشيخ محمدا رحمه الله، لم يكفر الناس ابتداء، إلا بعد قيام الحجة والدعوة، لأنهم إذ ذاك في زمن فترة، وعدم علم  بآثار الرسالة، ولذلك قال: لجهلهم وعدم من ينبههم، فأما إذا قامت الحجة، فلا مانع من تكفيرهم وإن لم يفهموها.
وفي هذه الأزمان، خصوصا في جهتكم، قد قامت الحجة على من هناك، اتضحت لهم المحجة، ولم يزل في تلك البلاد من يدعو إلى توحيد الله، ويقرره، ويناضل عنه، ويقرر مذهب السلف، وما دلت عليه النصوص من الصفات العلية، والأسماء القدسية، ويرد ما يشبه به بعض أتباع الجهمية، ومن على طريقتهم، حتى صار الأمر في هذه المسائل، ؛ في تلك البلاد، أظهر منه في غيرها، ولا تخفى النصوص والأدلة، حتى على العوام؛ فلا إشكال - والحالة هذه - في قيام الحجة وبلوغها، على من في جهتكم من المبتدعة، والزنادقة الضلال.
ولا يجادل في هذه المسألة، ويشبه بها، إلا من غلب جانب الهوى، ومال إلى المطامع الدنيوية، واشترى بآيات الله ثمنا قليلا، والله أعلم.ا.ه
فهذا كلام الشيخ ابن سحمان على أهل زمانه فماذا عن زماننا وكل الوسائل متاحة لبلوغ الحجة؟
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم.














بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:
فقد عرف أهل السنة انحراف المدخلي في مسألة العذر بالجهل بما تكلم به مرارا حولها ، وتبعه عليها فئام من الناس لا يحصون كثرة اغترارا به وتقليدا له من غير بحث ولا تحقيق ،إذ كثير من الناس يهمهم القائل من غير نظر لقوله وحجته، وكلما اطلعت على مقال في المسألة إلا ووجدت كاتبه يستدل بكلامه ، فكنت أعرض عن الرد عنه دفعا لبعض المفاسد المتوقعة من جراء ذلك ، لكن انتشار المقالة الباطلة بسبب جوابه حتم علي الرد وبيان غلطه الواضح فيها ، وليته خالف وسكت ، بل سب وجدع وشنع عمن خالفه فيها ونسبهم للبدعة والتكفير وغيرها من أوصاف التنفير على طريقة الفارغين من الحجة، ثم زاد الطين بلة بأن نسب الأمر للسلف ولم يقم على دعواه برهانا صحيحا إلا مجرد دعوى لا يعجز عنها جاهل، ولم يقف الأمر عند هذا الحد حتى رمى كتب أئمة الدعوة بالتناقض والاختلاف ، وما ذاك إلا جهلا منه بحقيقة المسألة وبما كان عليه أئمة الدعوة رحمهم الله، من تكفير عباد القبور ولم يكن يعرف فيها خلاف حتى عصرنا هذا ولعل أول من قال بالخلاف الألباني وتبعه عليه المدخلي ، لاعتقاده أن الألباني إمام من أئمة السنة.
وإني أطلب من كل من رأى في المقال مجازفة مني أو بيانا بغير حجة أن يناقش القول ولا ينظر للقائل ، ولست على استعداد لأجيب من يسأل من أنت وأين درست وو، وغيرها من أسئلة الترهيب التي يمارسها المرجئة بحجة نصرة السنة
أما من يسب ويجدع فالموعد الله ، وهو الحكم العدل سبحانه وتعالى. وأسأل الله أن يجعل ما أكتب مخلصا له وأن يكتبه في ميزان حسناتي إنه ولي ذلك والقادر عليه والآن إلى بيان الغلط في كلام المدخلي هداه الله.
قال المدخلي كما في مجموع كتبه(14/309-312(:
(هذه المسألة؛ مسألة العذر بالجهل أو عدم العذر، يركض من ورائها أناس أهل فتنة، ويريدون تفريق السلفيين، وضرب بعضهم ببعض(.
وجوابه:
هذا الكلام مرسل بلا زمام والسؤال عن تأصيل المسألة لا عما يترتب عنها ، فكان عليك _وأنت الإمام _أن تذكر الأدلة على صحة قولك ، لا أن تذهب تجدع وتشنع ، والمسألة على قولك خلافية فلم تنكر على مخالفك وتصفه بالحدادي ومنهم من لا يعرف الحداد بل لا يسمع به إلا منك فقط لكثرة ذكرك له عند كل قضية.
ثم قال :
وأنا كنتُ في المدينة اتصل بي رياض السعيد وهو معروف وموجود في الرياض الآن قال لي: إنَّ هنا في الطائف خمسين شاباً كلهم يكفِّرون الألباني!!.
لماذا؟!
لأنه لا يكفِّر القبوريين ويعذرهم بالجهل!!.)
أولا إن كفره بعضهم فلا يلزم منه رد المسألة ونفيها فالألباني أخطأ فيها خطأ بينا ، وتابعته أنت من غير بينة ولا حجة نيرة ، إلا محض التعصب .
وتكفير من كل من عذر عباد نص عليه غير واحد من أئمة الدعوة ، وليس هذا موضع بيان ذلك. ثم قال:

طيب؛ هؤلاء يكفرون ابن تيمية وابن القيم وكثير من السلف،  لأنهم يعذرون بالجهل.
الجواب:
ابن تيمية وابن القيم لا يعذران عباد القبور ، ونصوصهم منثورة منشورة يستدل بها ائمة الدعوة  وسأنقل لك بعض ما قاله عنهما أئمة الدعوة لتتبين أنك لا تعرف قولهم في المسالة على وجهه.
قال  شيخ الإسلام رحمه الله في رده على الأخنائي(1/60):
وأهل البدع والجهل يفعلون ما هو من جنس الأذى لله ورسوله، ويدعون ما أمر الله به من حقوقه وهم يظنّون أنهم يعظّمونه؛ كما تفعل النصارى بالمسيح، فيضلهم الشيطان كما أضل النصارى، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. والذين يزورون قبور الأنبياء والصالحين ويحجّون إليها ليدعوهم ويسألوهم، أو ليعبدوهم ويدعوهم من دون الله؛ هم مشركون.ا.ه
فسماهم مشركين وقد وصفهم بالجهل في بدء حديثه فتنبه. وهذا عين ما نقوله ويقوله ك سلفي بحق.
وقال في مجموع الفتاوى (4/54):
وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ فِيهَا مُخْطِئٌ ضَالٌّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ صَاحِبُهَا ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي طَوَائِفَ مِنْهُمْ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَعْلَمُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مُخَالِفَهَا ؛ مِثْلُ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ هَذَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُ أَمْرِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِيجَابِهِ لَهَا وَتَعْظِيمِ شَأْنِهَا وَمِثْلُ مُعَادَاتِهِ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَمِثْلُ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالرِّبَا وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . ثُمَّ تَجِدُ كَثِيرًا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ وَقَعُوا فِي هَذِهِ الْأُمُورِ فَكَانُوا مُرْتَدِّينَ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتُوبُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيَعُودُونَ إلَى الْإِسْلَامِ فَقَدْ حُكِيَ عَنْ الْجَهْمِ بْنِ صَفْوَانَ : أَنَّهُ تَرَكَ الصَّلَاةَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا لَا يَرَى وُجُوبَهَا ؛ كَرُؤَسَاءِ الْعَشَائِرِ مِثْلِ الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ وعُيَيْنَة بْنِ حِصْنٍ وَنَحْوِهِمْ مِمَّنْ ارْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ وَدَخَلَ فِيهِ فَفِيهِمْ مَنْ كَانَ يُتَّهَمُ بِالنِّفَاقِ وَمَرَضِ الْقَلْبِ وَفِيهِمْ مَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ.اهـ
قال الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب_ رحمه الله_ في مفيد المستفيد:
وقال أبو العباس رحمه الله تعالى في كتاب ( إقتضاء الصراط المستقيم ) في الكلام على قوله تعالى : ( وما أهل به لغير الله ) ظاهره أن ما ذبح لغير الله سواء لفظ به أو لم يلفظ ، وتحريم هذا أظهر من تحريم ما ذبحه النصراني للحم وقال فيه باسم المسيح ونحوه ، كما أن ما ذبحناه نحن متقربين به إلى الله سبحانه كان أزكى مما ذبحناه للحم وقلنا عليه باسم الله ، فإن عبادة الله سبحانه بالصلاة والنسك له أعظم من الاستعانة باسمه في فواتح الأمور ، والعبادة لغير الله أعظم كفراً من الاستعانة بغير الله فلو ذبح لغير الله متقربا به إليه لحرم وإن قال فيه باسم الله ، كما قد يفعله طائفة من منافقي هذه الأمة ، وإن كان هؤلاء مرتدين لا تباح ذبائحهم بحال ، لكن يجتمع في الذبيحة مانعان ، وهذا ما يفعل بمكة وغيرها من الذبح للجن . انتهى كلام الشيخ وهو الذي ينسب إليه بعض أعداء الدين أنه لا يكفر المعين ، فانظر أرشدك الله إلى تكفيره من ذبح لغير الله من هذه الأمة ، وتصريحه أن المنافق يصير مرتداً بذلك ، وهذا في المعين إذ لا يتصور أن تحرم إلا ذبيحة معين .ا.ه
وقال أيضا ص8: وأنا أذكر لفظه الذي احتجوا به على زيغهم قال رحمه الله تعالى : أنا من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير ، أو تبديع ، أو تفسيق ، أو معصية ، إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة ، وفاسقاً أخرى ، وعاصياً أخرى . انتهى كلامه .
وهذا صفة كلامه في المسألة في كل موضع وقفنا عليه من كلامه لا يذكر عدم تكفير المعين إلا ويصله بما يزيل الإشكال أن المراد بالتوقف عن تكفيره قبل أن تبلغه الحجة ، وأما إذا بلغته حكم عليه بما تقتضيه تلك المسألة من تكفير ، أو تفسيق ، أو معصية .
وصرح رضي الله عنه أن كلامه في غير المسائل الظاهرة ، فقال في الرد على المتكلمين لما ذكر أن بعض أئمتهم توجد منه الردة عن الإسلام كثيرا قال : وهذا إن كان في المقالات الخفية فقد يقال أنه فيها مخطئ ضال تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها ، لكن هذا يصدر عنهم في أمور يعلم الخاصة والعامة من المسلمين أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث بها ، وكفر من خالفها ، مثل أمره بعبادة الله وحده لا شريك له ، ونهيه عن عبادة أحد سواه من الملائكة والنبيين وغيرهم ، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام ، ومثل إيجاب الصلوات الخمس وتعظيم شأنها ، ومثل تحريم الفواحش والربا والخمر والميسر ، ثم تجد كثيراً من رؤوسهم وقعوا فيها فكانوا مرتدين .ا.ه
وقال: على أن الذي نعتقده وندين لله به ونرجو أن يثبتناً عليه أنه لو غلط هو أو أجلَّ منه في هذه المسألة وهي مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة ، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين ، أو يزعم أنه على حق ، أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة ، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط من غلط .
فكيف والحمد لله ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة ، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون : ( فما بال القرون الأولى ) أو حجة قريش : ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) .ا.ه
انظر نفيه الخلاف فيها أصلا فمن أين أتيت بالخلاف فيها؟


وقال العلامة ابن سحمان في كشف الأوهام والالتباس ص 48:
وشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم رحمهما الله تعالى قد صرحا في غير موضع أن الخطأ والجهل قد يغفرا لمن لم يبلغه الشرع ولم تقم عليه الحجة في مسائل مخصوصة إذا اتقى الله ما استطاع واجتهد بحسب طاقته وأين التقوى وأين الاجتهاد الذي يدعيه عباد القبور والداعون للموتى والغائبين والمعطلون للصانع عن علوه على خلقه ونفي أسمائه وصفات كماله ونعوت جلاله كيف والقرآن يتلى في المساجد والمدارس والبيوت ونصوص السنة النبوية مجموعة مدونة معلومة الصحة والثبوت
 وقد بين ابن القيم رحمه الله تعالى في الطبقات تنويع الجهال المقلدين لأهل الكفر من الجهمية وعباد القبور وغيرهم وفصل النزاع وأزال الإشكال فقال رحمه الله تعالى.
الطبقة السابعة عشر طبقة المقلدين وجهال الكفرة وأتباعهم وحميرهم الذين هم معهم تبع يقولون إنا وجدنا آباءنا على أمة ولنا أسوة بهم ومع هذا فهم مسالمون لأهل الإسلام غير محاربين لهم كنساء المحاربين وخدمهم وأتباعهم الذين لم ينصبوا أنفسهم لما نصب له أولئك أنفسهم من السعي في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته بل هم بمنزلة الدواب وقد اتفقت الأمة على أن هذه الطبقة كفار وإن كانوا جهالا مقلدين لرؤسائهم وأئمتهم إلا ما يحكى عن بعض أهل البدع أنه لم يحكم لهؤلاء بالنار وجعلهم بمنزلة من لم تبلغه الدعوة وهذا مذهب لم يقل به أحد من أئمة المسلمين لا الصحابة ولا التابعون ولا من بعدهم وإنما يعرف عن بعض أهل الكلام المحدث في الإسلام
 إلى أن قال :
 والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان برسوله واتباعه فيما جاء به فما لم يأت العبد بها فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى وكذب رسوله إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله تعالى في القرآن في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم فإنهم يتحاجون في النار وأن الأتباع يقولون ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار.
ثم قال:
قال شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في رده على داود العراقي لما ذكر كلام ابن القيم المتقدم ذكره قال :
 فقف هنا وتأمل هذا التفصيل البديع فإنه رحمه الله لم يستثن إلا من عجز عن إدراك الحق مع شدة طلبه وإرادته له فهذا الصنف هو المراد في كلام شيخ الإسلام وابن القيم وأمثالهما من المحققين وأما العراقي وإخوانه المبطلون فشبهوا أن الشيخ لا يكفر الجاهل وأنه يقول هو معذور وأجملوا القول ولم يفصلوا وجعلوا هذه الشبهة ترسا يدفعون بها الآيات القرآنية والأحاديث النبوية وصاحوا على عباد الله الموحدين كما جرى لأسلافهم من عباد القبور والمشركين وإلى الله المصير وهو الحاكم بعلمه بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون انتهى.
وكلام ابن القيم في طريق الهجرتين وفي مفتاح دار السعادة واضح جلي في الحكم بالظاهر على من فعل الشرك، فأين الاعتذار لهم بالجهل؟
اللهم إلا من نشأ في بادية بعيدة أو كان حديث عهد بالإسلام فليس هذا محل الخلاف.
ولولا طول المقال لسقت من كلامهم وكلام أئمة الدعوة ما يجعل هذه الشبهة كالريح.
أما دعواك أن كثيرا من السلف على العذر فهذا كذب عليهم فالمسألة محل إجماع ولا خلاف فيها بين أهل السنة ، أما أهل البدع الذين أشار إليهم ابن القيم فليسوا ممن يعتبر خلافهم في المسألة، وانظر كلام الشافعي والطبري والسمعاني والبربهاري وقد شرحت كتابه شرح السنة لكنك لم تستفد من كلامه ، فهو يوجب تكفير من عبد القبور.
ولمزيد من البيان يرجى مراجعة ردود أئمة الدعوة على من قال بهذا القول ففي كلامهم الشفاء من هذا الداء.
ثم قال المدخلي:
وعندهم أدلة منها: "وماكنا معذبين حتى نبعث رسولا" الإسراء/15، ونصوص أخرى فيها الدلالة الواضحة، ومنه: "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً" النساء/115، "وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون" التوبة/115.
الجواب :
نفي التعذيب جمهور المفسرين على أنها في العذاب الأخروي لا في الحكم الدنيوي.هذا أولا.
ثانيا: لو كان في الحكم الدنيوي فقد بعث الرسول وقامت به الحجة ، فلا تعلق لكم بالآية .
أما الآية الثانية فجوابنا على الاستدلال بها هو:
ما قاله الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن في مصباح الظلام:
وأما قول الله تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] [النساء / 115] وما بعدها من الآيات، فهو الحق الذي لا ريب فيه، والهدى الذي لا ضلال يعتريه، والشأن كل الشأن في فهم خطابه وما دل عليه، وما انطوى عليه من الأحكام والدلالات، ليس المعنى ما زعمه هذا من أنه لا يكفر أحد حتى يتبين له الإيمان ويختار الكفر، بل المراد عند أهل العلم بالتأويل أن من تبين له ما جاء به الرسول من الحجة والبيان، ثم عاند وأصر وشاق الرسول، ولو ظنَّ إصابة نفسه، كالخوارج، متوعد بهذا الوعيد العظيم في هذه الآيات الكريمات، وليس المراد أنه لا يكفر إلا هذا الصنف من الناس، وقد تقدم من الآيات الدالة على تكفير من زين له سوء عمله فراه حسنًا، ومن ضلَّ سعيه في الحياة الدنيا وهو يحسب أنه محسن.
وقد قال تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36] الآية
وقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله تعالى وغيره حال المقلدين لرؤساء الكفر من عامتهم وضعفائهم وجزموا بكفرهم، كما دلَّت عليه الآيات المحكمات.
قال تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: 31] الآيات [سبأ / 31] .
وكذلك آية الحجر  وغيرها من الآيات الدالة على تكفير الأتباع على ما هم فيه من الكفريات و الضلالات.ا.ه
وقال العلامة ابن سحمان في الضياء الشارق ص 6:
وقد قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً} [النساء: 115].
فإن الله تعالى قد بين الحق بيانا كافيا شافياً، وأرسل رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى الخلق بالحق مبشراً ونذيراً وداعياً، ونصب الأدلة، وأوضح المحجة، فلم يبق للناس على الله بعد الرسل من حجة، فمن أجاب داعي الله فقد نجا، ومن تولى عن الحق معرضاً أفضى به عوجاً.ا.ه
ثم الرسول بين للناس الهدى من الضلال ، ومسائل التوحيد والشرك من أهم ما بينه بل ما أرسل الرسل إلا لأجله، فكيف يبقى غامضا على الناس ويعذرون فيه بالجهل ؟ أما من أعرض عن دين الله وتوحيده وأشرك مع الله غيره فأنى له العذر وهو تارك لأمر دينه.
قال الإمام المجدد كما في الدرر السنية(10/94):
إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة، وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؟ فهذا من العجب، كيف تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة؛ ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين من المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً}.
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر; وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها. إن أشكل عليكم ذلك، فانظروا قوله صلى الله عليه وسلم في الخوارج: "أينما لقيتموهم فاقتلوهم" ،وقوله: "شر قتلى تحت أديم السماء" ، مع كونهم في عصر الصحابة، ويحقر الإنسان عمل الصحابة معهم، ومع إجماع الناس أن الذي أخرجهم من الدين هو التشدد والغلو والاجتهاد؛ وهم يظنون أنهم يطيعون الله، وقد بلغتهم الحجة، ولكن لم يفهموها.ا.ه
أما آية ( وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون)
فقد بين الله في كتابه ووضح الحجة للناس ، خاصة في أمور التوحيد والشرك وهي مما تعرف بالعقل والفطر السليمة، ثم ماذا لو أنكر أحد وجوب الصلاة ودافع عنه آخر بهذه الآيات فما جوابك عنه؟
فما كان جوابك هنا هو جوابنا عليك فيما قلت.
ولماذا تكفر من يسب الله إذن ولا تعذره بالجهل ، وترى أنها مسألة واضحة لا تحتاج لإقامة الحجة ، فهل الشرك بالله من الخفيات عندك؟
ثم قال:
 ونصوص أخرى تدل على أنَّ المسلم لا يكفر بشيء من الكفر وقع فيه، نقول: وقع في الكفر؛ هذا كفر وقع فيه عن جهل مثلاً، فلا نكفره حتى نبين له الحجة ونقيم عليه الحجة، فإذا عاند كفرناه.


الجواب:
ماذا عن تكفيرك ساب الله؟ ألا تنطبق عليه هذه القاعدة العرجاء التي أحدثتموها، للاعتذار لرؤوس الكفر ؟أم هو من تناقضك المعروف؟
وكلامك هذا إرجاء بين فليس الكفر هو العناد فقط ، كما قرره أئمة السنة ، فقد قال الإمام المجدد كما في الدرر السنية(12/ .69.68):
واحتج بعض من يجادل عن المشركين بقصة الذي قد أوصى أهله أن يحرقوه بعد موته، على أن من ارتكب الكفر جاهلا لا يكفر، ولا يكفر إلا المعاند.
والجواب عن ذلك كله: أن الله سبحانه وتعالى أرسل رسله مبشرين ومنذرين، لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل؛ وأعظم ما أرسلوا به ودعوا إليه: عبادة الله وحده لا شريك له، والنهي عن الشرك الذي هو عبادة غيره؛ فإن كان مرتكب الشرك الأكبر معذورا لجهل، فمن الذي لا يعذر؟!
ولازم هذه الدعوى: أنه ليس لله حجة على أحد إلا المعاند، مع أن صاحب هذه الدعوى لا يمكنه طرد أصله، بل لا بد أن يتناقض، فإنه لا يمكنه أن يتوقف في تكفير من شك في رسالة محمد صلى الله عليه وسلم أو شك في البعث، أو غير ذلك من أصول الدين، والشاك جاهل؛ والفقهاء يذكرون في كتب الفقه حكم المرتد: أنه المسلم الذي يكفر بعد إسلامه، نطقا أو فعلا أو شكا أو اعتقادا، وسبب الشك الجهل.
ولازم هذا: أنا لا نكفر جهلة اليهود والنصارى، والذين يسجدون للشمس والقمر والأصنام لجهلهم، ولا الذين حرقهم علي ابن أبي طالب رضي الله عنه بالنار، لأنا نقطع أنهم جهال؛ وقد أجمع المسلمون على كفر من لم يكفر اليهود والنصارى، أو شك في كفرهم، ونحن نتيقن أن أكثرهم جهال.
وقال الشيخ تقي الدين، رحمه الله تعالى: من سب الصحابة رضوان الله عليهم، أو واحدا منهم، واقترن بسبه دعوى أن عليا إله أو نبي، أو أن جبرائيل غلط، فلا شك في كفر هذا، بل لا شك في كفر من توقف في تكفيره.
قال: ومن زعم أن الصحابة ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر، أو أنهم فسقوا، فلا ريب في كفر قائل ذلك، بل من شك في كفره فهو كافر.
وقال بعدها:
ووصفهم الله سبحانه بغاية الجهل، كما في قوله تعالى: {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} [سورة الأعراف آية: 179].
وقد ذم الله المقلدين، بقوله عنهم: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُهْتَدُونَ} [سورة الزخرف آية: 22] الآيتين، ومع ذلك كفّرهم; واستدل العلماء بهذه الآية ونحوها، على أنه لا يجوز التقليد في معرفة الله والرسالة، وحجة الله سبحانه قائمة بإرساله الرسل، وإن لم يفهموا حجج الله وبيناته.ا.ه
ثم قال:
وهذا القول عليه عدد من أئمة العلماء في نجد، وبعضهم قد يختلف كلامه، مرة يشترط قيام الحجة، ومرة يقول: لا يعذر بالجهل!!؛ فيتعلَّق أناس بأقوال مَنْ لا يعذر بالجهل، ويهمل النصوص الواضحة في اشتراط قيام الحجة، وأنه لا يكفر المسلم الذي وقع في مكفّر حتى تقام عليه الحجة؛ ومنه ما ذكرته لكم عن الإمام الشافعي رحمه الله، والنصوص التي ذكرتها لكم.
الجواب:
ليس على هذا القول أحد من أئمة الدعوة فلا ترم الكلام جزافا ، بل هم مجمعون على المسألة كما كان السلف، ومن ادعى الخلاف فليبينه بالنقل الصحيح ، أما مجرد التهويل والدعاوى فلا يعجز عنه أحد ولا يفرق به بين العالم والجاهل.
أما تعلقك الباهت باشتراطهم إقامة الحجة فإليك البيان الشافي لمن طلب الحق فقد قال الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن بن حسن في رسالة تكفير المعين:
وذكر الذي حدثني عن هذا أنه سأله بعض الطلبة عن ذلك وعن مستدلهم، فقال: نكفر النوع ولا نعين الشخص إلاَّ بعد التعريف، ومستندنا ما رأيناه في بعض رسائل الشيخ محمد -قدَّس الله روحه- على أنه امتنع من تكفير من عبد قبة الكواز وعبد القادر من الجهال لعدم من ينبِّه...
 ونحن نقول: الحمد لله وله الثناء، ونسأله المعونة والسداد، ولا نقول إلاَّ كما قال مشايخنا، الشيخ محمد في إفادة المستفيد، وحفيده في رده على العراقي، وكذلك هو قول أئمة الدين قبلهم، ومما هو معلوم بالاضطرار من دين الإسلام: أن المرجع في مسائل أصول الدين إلى الكتاب والسنة وإجماع الأمة المعتبر، وهو ما كان عليه الصحابة، وليس المرجع إلى عالم بعينه في ذلك.
فمن تقرر عنده هذا الأصل تقريرًا لا يدفعه شبهة وأخذ بشراشير قلبه، هان عليه ما قد يراه من الكلام المشتبه في بعض مصنفات أئمته، إذ لا معصوم إلاَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - .
ومسألتنا هذه وهي: عبادة الله وحده لا شريك له والبراءة من عبادة ما سواه، وأن من عبد مع الله غيره فقد أشرك الشرك الأكبر، الذي ينقل عن الملَّة، هي أصل الأصول، وبها أرسل الله الرسل وأنزل الكتب، وقامت على الناس الحجة بالرسول وبالقرآن وهكذا تجد الجواب من أئمة الدين في ذلك الأصل عند تكفير من أشرك بالله، فإنه يستتاب فإن تاب وإلاَّ قتل، ولا يذكرون التعريف في مسائل الأصول، إنما يذكرون التعريف في المسائل الخفية، التي قد يخفي دليلها على بعض المسلمين، كمسائل نازع بها بعض أهل البدع، كالقدرية والمرجئة، أو في مسألة خفية: كالصرف والعطف.
وكيف يعرفون عبَّاد القبور، وهم ليسوا بمسلمين، ولا يدخلون في مسمَّى الإسلام، وهل يبقى مع الشرك عمل والله تعالى يقول: {وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} [الأعراف: 40]، {وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} [الحج: 31]، {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ} [النساء: 48]، «ومن يشرك بالله فقد حبط عمله»(1) . إلى غير ذلك من الآيات، ولكن هذا المعتقد يلزم منه معتقد قبيح، وهو: أن الحجة لم تقم على هذه الأمة بالرسول والقرآن، نعوذ بالله من سوء الفهم الذي أوجب لهم نسيان الكتاب والرسول. بل أهل الفترة الذين، لم تبلغهم الرسالة والقرآن، وماتوا على الجاهلية لا يسمون مسلمين بالإجماع ولا يستغفر لهم، وإنما اختلف أهل العلم في تعذيبهم في الآخرة.ا.ه
وقال المجدد في رسالته لأحمد بن عبد الكريم صاحب الأحساء :
وقال أيضًا في كلامه على المتكلمين، ومن شاكلهم، لما ذكر من أئمتهم شيئًا من أنواع الردة، والكفر قال رحمه الله تعالى: وهذا إذا كان في المقالات الخفية فقد يقال: إنه مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر تاركها، لكن يقع في طوائف منهم في هذه الأمور الظاهرة، التي يعلم المشركون واليهود والنصارى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بعث بها وكفَّر من خالفها، مثل: أمره بعبادة الله وحده لا شريك له، ونهيه عن عبادة أحد سواه من النبيين والملائكة وغيرهم، فإن هذا أظهر شعائر الإسلام. ثم تجد كثيرًا من رؤسائهم وقعوا في هذه الأنواع فكانوا مرتدين، وكثير تارة يرتد عن الإسلام ردة صريحة، - إلى أن قال-: وأبلغ من ذلك أن منهم من صنف في الردة، كما صنف: الرازي في عبادة الكواكب، وهذه ردة عن الإسلام باتفاق المسلمين.
هذا لفظه بحروفه، فتأمل كلامه في التفرقة بين المقالات الخفية، وبين ما نحن فيه في كفر المعين، وتأمل تكفيره رؤسائهم فلانًا وفلانًا بأعيانهم وردتهم ردة صريحة، وتأمل تصريحه بحكاية الإجماع على ردة الفخر الرازي عن الإسلام، مع كونه من أكابر أئمة الشافعية، هل يناسب هذا من كلامه أن المعين لا يكفر، ولو دعا عبد القادر في الرخاء والشدة، ولو أحبَّ عبد الله بن عوف، وزعم أن دينه حسن، مع عبادته لأبي حديدة...)ا.ه
وقال الشيخان إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ و عبدالله بن عبد اللطيف آل الشيخ في فتيتان في كفر الجهمية نقلا عن المجدد:
وأما الجهمية وعباد القبور فلا يستدل بمثل هذه النصوص على عدم تكفيرهم إلا من لم يعرف حقيقة الإسلام وما بعث الله به الرسل الكرام لأن حقيقة ما جاؤا به ودعوا إليه وجوب عبادة الله وحده لا شريك له وإخلاص العمل له وأن لا يشرك في واجب حقه أحدا من خلقه وأن يوصف بما وصف به نفسه من صفات الكمال ونعوت الجلال فمن خالف ما جاؤا به ونفاه وأبطله فهو كافر ضال وإن قال لا إله إلا الله وزعم أنه مسلم لأن ما قام به من الشرك يناقض ما تكلم به من كلمة التوحيد فلا ينفعه التلفظ بقول لا إله إلا الله لأنه تكلم بما لم يعمل به ولم يعتقد ما دل عليه .
وأما قوله نقول بأن القول كفر ولا نحكم بكفر القائل
 فإطلاق هذا جهل صرف لأن هذه العبارة لا تنطبق إلا على المعين ومسألة تكفير المعين مسألة معروفة إذا قال قولا يكون القول به كفرا فيقال من قال بهذا القول فهو كافر لكن الشخص المعين إذا قال ذلك لا يحكم بكفره حتى تقوم عليه الحجة التي يكفر تاركها وهذا في المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على بعض الناس كما في مسائل القدر والإرجاء ونحو ذلك مما قاله أهل الأهواء فإن بعض أقوالهم تتضمن أمورا كفرية من رد أدلة الكتاب والسنة المتواترة فيكون القول المتضمن لرد بعض النصوص كفرا ولا يحكم على قائله بالكفر لاحتمال وجود مانع كالجهل وعدم العلم بنقض النص أو بدلالته فإن الشرائع لا تلزم إلا بعد بلوغها ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه في كثير من كتبه وذكر أيضا تكفير أناس من أعيان المتكلمين بعد أن قرر هذه المسألة قال : وهذا إذا كان في المسائل الخفية فقد يقال بعدم التكفير وأما ما يقع منهم في المسائل الظاهرة الجلية أو ما يعلم من الدين بالضرورة فهذا لا يتوقف في كفر قائله انتهى
 ولا تجعل هذه الكلمة عكازة تدفع بها في نحر من كفر البلدة الممتنعة عن توحيد العبادة والصفات بعد بلوغ الحجة ووضوح المحجة  وأما قوله وهؤلاء فهموا الحجة فهذا مما يدل على جهله وأنه لم يفرق بين فهم الحجة وبلوغ الحجة ففهمها نوع وبلوغها نوع آخر فقد تقوم الحجة على من لم يفهمها وقد قال شيخنا الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كلام له فإن الذي لم تقم عليه الحجة هو الذي حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو يكون ذلك في مسائل خفية مثل مسألة الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف وأما أصول الدين التي وضحها الله وأحكمها في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه فقد بلغته الحجة ولكن أصل الإشكال أنكم لم تفرقوا بين قيام الحجة وفهم الحجة فإن الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم كما قال تعالى { أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون } إلى قوله { سبيلا } وقال تعالى { وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا } فقيام الحجة وبلوغها نوع وفهمها نوع آخر وكفرهم الله ببلوغها إياهم مع كونهم لم يفهموها إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.ا.ه
وفي هذا لكلام رد واضح على كلامك السابق بتكفير النوع لا العين بإطلاق ودون تقييد ، وفيه رد على نسبة العذر بالجهل لأئمة الدعوة زورا وبهتانا.
بل فيه تجهيل لمن قال يقال العمل كفر ولا يكفر الفاعل فتنبه.
ثم قال:
وجلستُ مرة في إحدى المجالس وواحد يقرر عدم العذر بالجهل، فذكرتُ له هذه الأدلة وذكرتُ له أنَّ علماء نجد يعرف بعضهم بعضاً؛ بعضهم يعذر بالجهل وبعضهم لا يعذر، وهم متآخون، ليس هناك خلافات، ولا خصومات، ولا إشاعات، ولا، ولا..، فسكت ولم يجادل لأنه لا يريد الفتن.
فنحن نعرف أنَّ الخلاف واقع في نجد بين بعض المشايخ وغيرهم، لكن لا خصومة ولا تضليل ولا فتن؛ وإنما هذه طريقة الحدادية؛ يا إخوان، الفتنة الحدادية الماكرة الضالة أنشأت لإثارة الفتن بين أهل السنة وضرب بعضهم ببعض، وهم تكفيريون مستترون، وعندهم بلايا أخرى، يمكن غير التكفير، ويستخدمون أخبث أنواع التقية ستراً على منهجهم الخبيث وأغراضهم الفاسدة.
الجواب:
سبق الجواب على دعوى الخلاف بين أئمة الدعوة وتبين أنها من نسج خيالك لا أكثر ولا حقيقة لها في واقع الأمر ودونك كتبهم وأخرج نصوصهم في ذلك .
أما التهويل  ونسبة ذلك للحدادية فليس من العلم في شيء، فحقيق بمثلك أن يرتفع عنه وإن كان لديك دليل على أن هذا من فعل الحدادية فأخرجه ، ولا تنس أن الشيخ الفوزان _ حفظه الله _ قال بأن الخلاف في المسألة أحدثه المرجئة فقط.
وقد قال شيخ الإسلام:
النَّوْعُ الثَّانِي أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ لَيْسَ فِيهِ مِنْ الْحُجَّةِ وَالدَّلِيلِ مَا يَسْتَحِقُّ أَنْ يُخَاطَبَ بِهِ أَهْلُ الْعِلْمِ . فَإِنَّ الرَّدَّ بِمُجَرَّدِ الشَّتْمِ وَالتَّهْوِيلِ لَا يَعْجِزُ عَنْهُ أَحَدٌ . وَالْإِنْسَانُ لَوْ أَنَّهُ يُنَاظِرُ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلَ الْكِتَابِ : لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ مِنْ الْحُجَّةِ مَا يُبَيِّنُ بِهِ الْحَقَّ الَّذِي مَعَهُ وَالْبَاطِلَ الَّذِي مَعَهُمْ . فَقَدْ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { ادْعُ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وَقَالَ تَعَالَى : { وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } . فَلَوْ كَانَ خَصْمُ مَنْ يَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ - سَوَاءٌ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ أَبُو الْفَرَجِ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ أَشْهَرِ الطَّوَائِفِ بِالْبِدَعِ كَالرَّافِضَةِ - لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ الْحُجَّةَ وَيَعْدِلَ عَمَّا لَا فَائِدَةَ فِيهِ إذْ كَانَ فِي مَقَامِ الرَّدِّ عَلَيْهِمْ دَع  وَالْمُنَازِعُونَ لَهُ - كَمَا ادَّعَاهُ - هُمْ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ أَعْلَمُ مِنْهُ بِالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ.ا.ه
وفيه غنية لطالب الحق فالسب لم يكن يوما علما ، والتهويل طريقة المفلس من الحجة والبرهان ، وعلى هذا سار كثير ممن قال هذا القول تقليدا لا غير.
ثم قال:

وفي مناقشاتي له قلتُ له: قوم كفار في جزيرة من الجزر في إحدى جزر بريطانيا أو جزر المحيط الهادي أو غيرها ما أتاهم أحد من السلفيين وجاءهم جماعة التبليغ وعلموهم، وقالوا: هذا الإسلام فيه خرفات فيه بدع فيه شركيات وفيه وفيه ...
قالوا لهم: هذا الإسلام فقبلوه وتقربوا إلى الله ويعبدون الله على هذا الدين الذي يسمى الإسلام.
تكفرهم أنت أم تبين لهم وتقيم عليهم الحجة؟
قال: هم كفَّار!، ولا يشترط إقامة الحجة.
قلت: اذهب إلى الجزائر فأنت أشد من هؤلاء الثوار الآن، أنت أشد تكفيراً منهم، ليس لك مجال في هذه البلاد.
الجواب:
كل من وقع في الشرك حكم عليه به في الدنيا ، وعومل معاملة المشرك أما في الآخرة فأمره إلى الله .
قال الشيخان حسين وعبد الله ابنا محمد بن عبد الوهاب رحم الله الجميع، في الجواب على مسألة وردت عليهم، ضمن مسائل عدة («الدرر السنية»: (10/142).:
(المسألة الثالثة عشرة): فيمن مات قبل هذه الدعوة، ولم يدرك الإسلام، وهذه الأفعال التي يفعلها الناس اليوم يفعلها، ولم تقم عليه الحجة ما الحكم فيه؟ وهل يلعن أو يسب أو يكف عنه؟ وهل يجوز لابنه الدعاء له؟ وما الفرق بين من لم يدرك هذه الدعوة، وبين من أدركها، ومات معاديًا لهذا الدين وأهله؟
الجواب: أن من مات من أهل الشرك، قبل بلوغ هذه الدعوة، فالذي يحكم عليه أنه إذا كان معروفًا بفعل الشرك، ويدين به، ومات على ذلك فهذا ظاهره أنه مات على الكفر، فلا يدعى له، ولا يضحى له، ولا يتصدق عليه.
وأما حقيقة أمره فإلى الله تعالى، فإن كان قد قامت عليه الحجة في حياته، وعاند فهذا كافر في الظاهر والباطن، وإن كان لم تقم عليه الحجة فأمره إلى الله تعالى.
وأما سبه ولعنه فلا يجوز، بل لا يجوز سبُّ الأموات مطلقًا، كما في صحيح البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا»، إلاَّ إن كان أحد من أئمة الكفر وقد اغتر الناس به فلا بأس بسبه إذا كان فيه مصلحة دينية، والله أعلم .ا.ه
فلك الآن أن تحكم عليهما بأنهما مثل ثوار الجزائر كما فعلت مع الشاب ولا فرق.
وقال:

مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم في هذا قائم على الحجج والبراهين وهو مذهب السلف إنْ شاء الله.
الجواب:
مذهبها هو مذهب السلف وهو مخالف لمذهبك وسبق النقل عنهما والإحالة لكتب ابن القيم ، أما الدعاوى فليست من العلم والتحقيق في شيء.
وهات نصوصهما في عذر عابد القبر تنصيصا لا كلاما عاما يحمل على وجوه عدة، نحن بالانتظار.
وقال:
ومَنْ تبنى واقتنع بغير هذا وسكت ما لنا شغل فيه، لكن يذهب يثير الفتن ويضلِّل ويكفِّر فلا؛ لا والله لا يسكت عنه.
الجواب:
التضليل شيء والتكفير شيء ثاني ، فالأول يطلق على من والى وعادى على الخطأ في المسألة ولا كرامة ، أما التكفير لمن يعذر عباد القبور فهو منوط بإقامة الحجة وإزالة الشبهة كما قرره سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على كشف الشبهات.
ثم عليك ببحث المسألة ولا عليك ممن جازف وكفر.
وقال:
وأنصح الشباب أن يتركوا هذه القضية لأنها وسيلة من وسائل أهل الشر .
والفتن يبثونها بين المسلمين.
الجواب:
ليست من وسائل الشر إلا عند المرجئة وأهل الأهواء، أما عند أهل السنة فهي من صميم التوحيد ومن شروط الشهادة ، فمن شروطها الكفر بالطاغوت ومنها معاداة أهل الإشراك وتكفيرهم والبراءة منهم .
وتسمية هذه المسألة بوسيلة شر زلة منكرة تحاسب عنها بين يدي ربك حين تلقاه ، فما بعث الأنبياء إلا بالتوحيد ودحر الشرك والبراءة منه ومن أهله.
ومثل هذا الكلام كثير في كتب أئمة الدعوة التي ترميها بالتناقض زورا وبهتانا.
وقال:
طيب؛ مرَّ عليكم دهور من عهد الإمام محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا ليس هناك صراعات بينهم في القضية هذه أبداً، الذي اجتهد ورأى هذا المذهب سكت ومشى، قرره في كتابه ونشره فقط ومشى، والذي يخالفه مشى، كلهم إخوة ليس بينهم خلافات، ولا خصومات، ولا أحد يضلل أحداً، ولا يكفره.
الجواب:
لم يكن هناك صراعات لأن المسألة كانت محل إجماع، لا ينكرها إلا مخالف للدعوة النجدية ، ومن خالف فيها كحال ابن جرجيس وغيره فضحه أئمة الدعوة وبينوا جهله وضلاله. وردودهم على مخالفيهم منتشرة فمالك أعرضت عنها؟
أما أن يكون منهم من يعذر بالجهل فلا يوجد ولم يوجد إلا في عصرنا بدء من الألباني ثم أنت وتبعك عليها الدهماء.
وقال:
أما هؤلاء يكفرون، انظروا توصلوا به إلى تكفير أئمة الإسلام، مما يدلك على خبث طواياهم وسوء مقاصدهم.
الجواب:
نعم نكفر المشرك ولا كرامة له عندنا بحمد الله وسم ذلك بما شئت والله الموعد.
من أئمة الإسلام الذين كفرناهم ؟ سمهم لنا ,وإلا لزمك الصمت واترك التهويل فلا ينفع مع العلم والحجة..
وقال:
والمذهب الراجح: اشتراط إقامة الحجة، وإذا ما ترجَّح له فعليه أن يسكت ويحترم إخوانه الآخرين، فلا يضللهم لأنهم عندهم حق، وعندهم كتاب الله، وعندهم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعندهم منهج السلف.
الجواب:
إن كنت ترى المسألة خلافية أو اجتهادية فأي الرأيين أرجح ؟ أم أن كلاهما صواب عندك ؟
تقول الراجح كذا ثم تقول للمخالف لديه منهج السلف !
هل الحق يتعدد ؟ أم كل مجتهد مصيب على قول بعضهم؟
وسأبين تناقضك في قولك اشتراط الحجة في مسألتين:
الأولى: سب الله ، لم تكفر فاعله من غير ذلك ؟ فقد قلت أنها من المسائل الظاهرة ، ونحن نقول لك الشرك برب العالمين كذلك وفاعله مشرك .فإن قلت لا يستويان طلبنا منك ضابط التفريق الدقيق ليتضح مذهبك الغامض وتخرج من التناقض.
وإن سويت بينهما لزمك أن تكفر المشرك ، أو تحكم بإسلام ساب الله أو الدين.
الثانية:قولك :
"من وقع في بدعة؛ فعلى أقسام: القسم الأول: أهل البدع: كالروافض، والخوارج، والجهمية، والقدرية، والمعتزلة، والصوفية القبورية، والمرجئة، ومن يلحق بهم؛ كالإخوان، والتبليغ، وأمثالهم؛ فهؤلاء لم يشترط السلف إقامة الحجة من أجل الحكم عليهم بالبدعة؛ فالرافضي يقال عنه: مبتدع، والخارجي يقال عنه: مبتدع، وهكذا، سواء أقيمت عليهم الحجة أم لا.ا.ه
حتى القبورية عددتها بدعة فقط ولم تشترط في الحكم بها إقامة الحجة فمالك تناقضت هنا ورجحت خلافه؟
فهل البدع الواضحة أظهر من الشرك برب العالمين ؟ أليس هذا من الشطط والتناقض المردي ؟
أيشترط إقامة الحجة فيما كل الرسالات جاءت لأجله وتدركه العقول السليمة  والفطر المستقيمة ، ثم لا تشترط في البدع الظاهرة؟
ننتظر الجواب الدقيق وأنا على إياس أنه لن يكون.          
وقال:
والذي يريد أن يكفِّر يكفِّر السلف، يكفِّر ابن تيمية وابن عبد الوهاب أيضاً، الإمام محمد بن عبد الوهاب قال: نحن لا نكفر الذين يطوفون حول القبور ويعبدونها حتى نقيم عليهم الحجة لأنهم لم يجدوا مَنْ يبين لهم)).
الجواب:
سبق الجواب بكل وضوح فلا السلف ولا ابن تيمية ولا ابن القيم عذروا عباد القبور ، والإمام المجدد كلامه أشهر من نار على علم في تكفيرهم ، هذه الكلمة التي تتعلقون بها من دون كل كلام الشيخ يدل على هوى وليس من التحقيق العلمي في شيء وجوابها ما قاله الشيح سليمان سحمان رحمه الله في كشف الأوهام والالتباس نقلا عن الشيخ عبد اللطيف :
وأما قوله - عن الشيخ محمد، رحمه الله -: إنه لا يكفر من كان على قبة الكواز، ونحوه، ولا يكفر الوثني حتى يدعوه، وتبلغه الحجة، فيقال: نعم; فإن الشيخ محمدا رحمه الله، لم يكفر الناس ابتداء، إلا بعد قيام الحجة والدعوة، لأنهم إذ ذاك في زمن فترة، وعدم علم  بآثار الرسالة، ولذلك قال: لجهلهم وعدم من ينبههم، فأما إذا قامت الحجة، فلا مانع من تكفيرهم وإن لم يفهموها.
وفي هذه الأزمان، خصوصا في جهتكم، قد قامت الحجة على من هناك، اتضحت لهم المحجة، ولم يزل في تلك البلاد من يدعو إلى توحيد الله، ويقرره، ويناضل عنه، ويقرر مذهب السلف، وما دلت عليه النصوص من الصفات العلية، والأسماء القدسية، ويرد ما يشبه به بعض أتباع الجهمية، ومن على طريقتهم، حتى صار الأمر في هذه المسائل، ؛ في تلك البلاد، أظهر منه في غيرها، ولا تخفى النصوص والأدلة، حتى على العوام؛ فلا إشكال - والحالة هذه - في قيام الحجة وبلوغها، على من في جهتكم من المبتدعة، والزنادقة الضلال.
ولا يجادل في هذه المسألة، ويشبه بها، إلا من غلب جانب الهوى، ومال إلى المطامع الدنيوية، واشترى بآيات الله ثمنا قليلا، والله أعلم.ا.ه
فهذا كلام الشيخ ابن سحمان على أهل زمانه فماذا عن زماننا وكل الوسائل متاحة لبلوغ الحجة؟
وصلى الله على نبيه محمد وعلى آله وسلم.





2 التعليقات:

كتابات رائعة وردود مميزة لمن يعقلها غير انك قطعت الفرع وتركت الاصل

لولا الفرع ما انتشر ضلال الأصل وفقك الله

إرسال تعليق