Pages

الثلاثاء، 1 أبريل 2014

إرجاء ربيع المدخلي الواضح وبيان مخالفته للسلف في الإيمان


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:
فقد خرج علينا حامل راية الإرجاء في عصره ربيع المدخلي بمقالة جديدة ملأها بالدعوة للإرجاء زاعما الرد على الحدادية التي توجد في فكره الفاسد ، فكلما أراد رد أمر ألصقه بالحدادية تنفيرا منه وتضليلا لأتباعه المقلدة بغير علم، والمقالة تظهر إرجاء الرجل وجهله بعقيدة السلف غاية الجهل ، فقد جاء بأحاديث الشفاعة زاعما أنها تؤيد منهجه المردي فخلط كعادته في بعده عن التحقيق العلمي ، هذا إن كان هو الكاتب وليس بعض شرذمته المرجئة كما هي عادته التي عرفها أهل الحق، ولبيان خبث منهج الرجل أردت الكلام في جزئيتن فقط تبين أنه قاصد للباطل معرض عن الحق.
أولا: ذكر عدة أحاديث في الشفاعة وأخذ منها ما يراه _جهلا _ أنه يؤيد ضلاله ، وأعرض عن حديث في البخاري ينسف باطله من أساسه ويبين أن الرجل غير مؤتمن على أديان الناس ، فقد أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة  عن النبي عليه السلام قوله:
..حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنْ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ السُّجُودِ تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيَخْرُجُونَ مِنْ النَّارِ قَدْ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ) الحديث.
وفي آخر الحديث :
قَالَ عَطَاءُ بْنُ يَزِيدَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لَا يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِهِ شَيْئًا حَتَّى إِذَا حَدَّثَ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ مَعَهُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا حَفِظْتُ إِلَّا قَوْلَهُ ذَلِكَ لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ أَشْهَدُ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ.ا.ه
في هذا الحديث رد عليه فيما ادعاه من شمول الشفاعة لمن لم يعمل خيرا قط ، وتمسكه الباطل بعبارة لم يشركوا بالله شيئا وأعرض عما يليها من البيان تدليسا على أتباعه.
فقد نقل عن البخاري باقي الأحاديث وأعرض عن هذا لأحد أمرين:
1_إما لأنه يضعف الحديث لأنه يخالف هواه ، أو يراه مدسوسا في البخاري كما زعمه في غير مرة في كتب أخرى.
2_ أو أنه أعرض عنه لأنه لا يوافق هواه وهذا الأرجح لما عرف عن الرجل من تعامل بالانفعالات والأهواء.
وفي هذا الحديث جمع بين عدم الشرك بالله وبين الصلاة ، وفيها شرط العمل الصالح ليخرج من النار ، وهذا الحديث حدث به أبو هريرة بمشهد من أبي سعيد رضي الله عنهما ولم ينكر عليه لفظه في الحديث إلا العبارة الأخيرة ولو كان فيه ما نسيه غير ذلك لنبهه أبو سعيد رضي الله عنه.
ولبيان ضلال الرجل وانحرافه عن السنة فهذه بعض أقوال السلف في أحاديث الشفاعة التي تمسك بها المرجئ: ففي الشريعة للآجري (2/684):
حدثنا جعفر قال : حدثنا الفضل قال : حدثنا أبو عبد الله قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا سلمة بن نبيط ، عن الضحاك بن مزاحم قال : ذكروا عنده من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة فقال : هذا قبل أن تحد الحدود ، وتنزل الفرائض.
وفي ص687:
قال : حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال : حدثنا يوسف القطان قال : حدثنا جرير ، عن عطاء بن السائب ، عن الزهري قال لي عبد الملك بن مروان : الحديث الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم : « من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ، وإن زنى وإن سرق » قال : فقلت له : أين يذهب بك يا أمير المؤمنين ؟ « هذا قبل الأمر والنهي ، وقبل الفرائض.
وقد يرد باختلاط عطاء وليس ذاك بمسلم لأن ليس من قبيل المرفوع حتى يخشى منه ب هو يحكي قصة سمعها من الزهري وهي أبقى في الذاكرة من غيرها.
وهذا القول ذكره الترمذي ووجده حامل الراية لكنه قال :
الظاهر أن القول لا يثبت عن الإمام الزهري، ولهذا عبر عنه الترمذي بصيغة التمريض "روي" ولم يذكر له إسنادا ، ولهذا تعقبه الترمذي بالقول الصواب عن أهل العلم.ا.ه
وفي قوله هذا أمور:
أولا: الرجل علق على الشريعة ومر على الإسناد والآن لم ينتبه له فلم يذكر سنده ، وهذا يبين مقداره في العلم وعقيدة  السلف. إلا أن يكون الكاتب غيره وهو محل شك كبير.
ثانيا: الترمذي لم يقل الصواب عن أهل العلم ، فهذا من كذب الرجل نصرة لباطله، بل لم يتعقب قوله وقال :«وَوَجْهُ هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ العِلْمِ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ سَيَدْخُلُونَ الجَنَّةَ، وَإِنْ عُذِّبُوا بِالنَّارِ بِذُنُوبِهِمْ فَإِنَّهُمْ لَا يُخَلَّدُونَ فِي النَّارِ» إلى آخر كلامه رحمه الله
ثالثا : قال الترمذي عند بعض أهل العلم وحذف الرجل كلمة بعض ليستقيم له الاستدلال على باطله ، فإن قيل اختلاف نسخ قلت: هي نفسها في نسخة أحمد شاكر وفي نسخة بشار عواد .مما يبين
وقال الآجري في الشريعة:
من قال : الإيمان قول دون العمل ، يقال له : رددت القرآن والسنة ، وما عليه جميع العلماء ، وخرجت من قول المسلمين ، وكفرت بالله العظيم فإن قال : بم ذا ؟ قيل له : إن الله عز وجل ، أمر المؤمنين بعد أن صدقوا في إيمانهم : أمرهم بالصلاة والزكاة ، والصيام والحج والجهاد ، وفرائض كثيرة ، يطول ذكرها ، مع شدة خوفهم ، على التفريط فيها ، النار والعقوبة الشديدة ، فمن زعم أن الله تعالى فرض على المؤمنين ما ذكرنا ، ولم يرد منهم العمل ، ورضي منهم بالقول ، فقد خالف الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، فإن الله عز وجل لما تكامل أمر الإسلام بالأعمال قال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا  وقال النبي صلى الله عليه وسلم : « بني الإسلام على خمس » ، وقال صلى الله عليه وسلم : « من ترك الصلاة فقد كفر » .ا.هـ
وقال رحمه الله ردا على هذا المرجئ:
ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم لأمته شرائع الإسلام ، حالا بعد حال ، وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى ، وهذا رحمكم الله طريق المسلمين فإن احتج محتج بالأحاديث التي رويت : « من قال : لا إله إلا الله دخل الجنة » قيل له : هذه كانت قبل نزول الفرائض ، على ما تقدم ذكرنا له ، وهذا قول علماء المسلمين ، ممن نفعهم الله تعالى بالعلم ، وكانوا أئمة يقتدى بهم ، سوى المرجئة الذين خرجوا عن جملة ما عليه الصحابة ، والتابعون لهم بإحسان ، وقول الأئمة الذين لا يستوحش من ذكرهم في كل بلد وسنذكر من ذلك ما حضرنا ذكره إن شاء الله تعالى ، والله سبحانه وتعالى الموفق لكل رشاد ، والمعين عليه ، ولا قوة إلا بالله.ا.هــ
وإنه لمن عجيب الأمر أن يشرح الرجل كتاب الشريعة وفيه فهم السلف لأحاديث الشفاعة ثم يفسرها بهواه لينصر مذهبه الإرجائي الخبيث .
أما استدلاله بأحاديث الشفاعة فيمن لم يشرك بالله شيئا فمن أسمج الاستدلال وأقبحه ، فهل معناه أن من سب الله وكان مرتدا يستحق الشافعة لأنه لم يشرك بالله شيئا.
وهل من جحد الصلاة أو الزكاة يستحق الشفاعة لأنه لم يشرك بالله شيئا؟
وهل من كفر الصحابة يدخل فيمن قال لا إله إلا الله فيستحق الشفاعة ؟ إلا أن تسمي هؤلاء مشركين.
فإن قلت أن هؤلاء كفار لا يستحقونها بموجب نصوص أخرى قلنا وهو جوابنا على استدلالك العام فيما فيه نص آخر ، وهو كفر تارك العمل.
قال ابن رجب :
(وقد ذهب طائفة إِلَى أن هذه الأحاديث المذكورة أولاً وما في معناها، كانت قبل نزول الفرائض والحدود، منهم:
الزهري والثوري وغيرهما.
وهذا بعيد جدًا، فإن كثيرًا منها كان بالمدينة قد نزل بعد نزول الفرائض والحدود، وفي بعضها أنَّه كان في غزوة تبوك (وهي) في آخر حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهؤلاء منهم من يقول في هذه الأحاديث أنها منسوخة، ومنهم من يقول: هي محكمة، ولكن ضم إليها شرائط، ويلتفت هذا إِلَى أن الزيادة عَلَى النص: هل هي نسخ أم لا؟ والخلاف في ذلك بين الأصوليين مشهور.
وقد صرَّح الثَّوري وغيره بأنها منسوخة، وأن نسخها الفرائض والحدود، وقد يكون مرادهم بالنسخ البيان والإيضاح، فإن السَّلف كانوا يطلقون النسخ عَلَى مثل ذلك كثيرًا،
ويكون مقصودهم أن آيات الفرائض والحدود تبين بها توقفُ دخول الجنة والنجاة من النار عَلَى فعل الفرائض واجتناب المحارم، فصارت تلك النصوص منسوخة، أي: مبيَّنة مفسَّرة، ونصوص الفرائض والحدود ناسخة أي: مفسَّرة لمعنى تلك، موضِّحة لها...) الخ.
وعلى قول من فهم أحاديث الشفاعة على ظاهرها أن يقر بدخول المنافقين فيها لأنهم يقولون لا إله إلا الله ،فإن قال أنهم لا يدخلون لأنهم لم يأتوا بعمل القلب لأدلة أخرى ، قلنا كذلك دلت الأدلة الأخرى على دخول جنس عمل الجوارح ولا بد ، وبضميمة أحاديث الشفاعة مع الأحاديث الدالة على دخول الأعمال في مسمى الإيمان تفهم النصوص وبأن الناجي من النار والخلود فيها لابد أن ياتي بعمل يصحح به الشهادة .
هذا ما ظهر لي باختصار وسياتي بيان تهافت هذا المقال في رد أطول لا حقا إن شاء الله.

 

1 التعليقات:

جزاك الله خيرا أبا عبد الرحمن ...رد موفق مدعم بكلام أئمة السلف الأعلام الذي ترتاح النفس لهم .

إرسال تعليق