Pages

الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

الصلاة خلف مجهول الحال عند انتشار البدع والشركيات



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فمن المعلوم عند كل سني صادق ما نعانيه من انتشار الشرك والكفر والبدع والضلالات بين الناس ، فلا تكاد تجد ناجيا منها إلا من رحم الله ، وقد ابتلينا بكثرة أئمة المساجد الذين هم على غير السبيل لا كثرهم الله ، فمنهم الجهمي الخبيث  ومنهم من يوالي أهل الكفر والزندقة ، ومنهم من لا يبرأ من عبادة الطاغوت ، وفيهم من هو كالبهيمة لا يدري عن دين الله شيئا فلا تكاد تجد له معتقدا يعتقده، وكثير منهم إن لم يكن أكثرهم لا يكفر عباد القبور وهي من نواقض الإسلام ، ناهيك عن غيرها ، ولعموم البلوى بهذا الأمر أحببت جمع بعض الآثار في الصلاة خلف هؤلاء خاصة عند انتشار الكفر والشرك ، وأعلمُ أن ابن تيمية نقل الإجماع على جواز الصلاة خلف المستور، فلا يعترض علي به ، لكن هذا يحمل على حالة عدم انتشار البدع والتجهم والكفر بين الناس ، وإن قيل بخلاف ذلك فالإجماع منقوض بما ورد عن السلف من آثار تخالفه وهذه بعضها:
قال أحمد رحمه الله في رسالته إلى مسدد :
والخروج مع كل إمام خرج في غزوة وحجة والصلاة خلف كل بر وفاجر صلاة الجمعة والعيدين.ا.ه
وقال فيها:
وأرى الصلاة خلف كل بر وفاجر وقد صلى ابن عمر خلف الحجاج يعني الجمعة والعيدين.ا.ه
فلم يتكلم أحمد عن الصلوات الخمس بل على الجمعة والعيدين .
وقال ابن البنا الحنبلي في المختار في أصول السنة(ص:104):
وصلاة الجمعة خلف كل بر وفاجر، والصلاة على من مات من أهل القبلة سنة. ا.ه المراد.
فلم يتكلم عن باقي الصلوات.
وفي رسالة الاصطخري كما في طبقات الحنابلة(1/26):
والجمعة والعيدان والحج مع السلطان وإن لم يكونوا بررة عدولا أتقياء.
وفي طبقات الحنابلة (1/419):
وقال يوسف بن موسى أيضاً سمعت أحمد بن حنبل يقول صلاة الجمعة والعيدين جائزة خلف الأئمة البر والفاجر ما داموا يقيمونها.ا.ه
وأخرج اللالكائي في أصول الاعتقاد (1/161):
 عن أحمد قوله في رسالة عبدوس:
وصلاة الجمعة خلفه وخلف من ولي جائزة تامة ركعتين من أعادهما فهو مبتدع تارك للآثار مخالف للسنة ليس له من فضل الجمعة شيء إذا لم ير الصلاة خلف الائمة من كانوا برهم وفاجرهم فالسنة أن تصلي معهم ركعتين من أعادهما فهو مبتدع وتدين بأنها تامة ولا يكن في صدرك من ذلك شك.ا.ه
وقال المروذي كما في طبقات الحنابلة(1/58):
سئل أحمد: أمر في الطريق فأسمع الإقامة ترى أن أصلي؟
 فقال: قد كنت أسهل فأما إذ كثرت البدع فلا تصل إلا خلف من تعرف.ا.ه
فبان بهذا أن كلام أحمد الذي فيه إباحة الصلاة خلف  كل بر وفاجر يحمل إما على صلاة الجمعة والعيدين كما هو في كثير من الروايات ، أو يحمل على زمن لم تنتشر فيه البدع وهذا ما تبينه رواية المروذي عنه .
أما الصلوات الخمس فالأولى ألا تصليها إلا خلف من تثق بعقيدته خاصة في زمن انتشار البدع وفشوها كما في عصرنا، حيث انتشرت بدع الأشاعرة والصوفية وغيرها بل وانتشرت أسباب الردة انتشارا  فظيعا، يؤيد هذا  ما قاله الثوري رحمه الله  لشعيب بن حرب كما في شرح أصول الاعتقاد لللالكائي(1/170):
يا شعيب لا ينفعك ما كتبت حتى ترى الصلاة خلف كل بر وفاجر ،والجهاد ماض إلى يوم القيامة ، والصبر تحت لواء السلطان جار أم عدل .
 قال شعيب فقلت لسفيان :يا أبا عبد الله الصلاة كلها؟ .
 قال: لا ولكن صلاة الجمعة والعيدين ،صل خلف من أدركت وأما سائر ذلك فأنت مخير لا تصل إلا خلف من تثق به وتعلم أنه من أهل السنة والجماعة.ا.ه

وقال ابن أبي زمنين في أصول السنة (1/284):
وَحَدَّثَنِي وَهْبٌ عَنْ اِبْنِ وَضَّاحٍ قَالَ: سَأَلْتُ حَارِثَ بْنَ مِسْكِينٍ هَلْ نَدَعُ اَلصَّلَاةَ خَلْفَ أَهْلِ اَلْبِدَعِ?
فَقَالَ: أَمَّا اَلْجُمُعَةُ خَاصَّةً فَلَا، وَأَمَّا غَيْرُهَا مِنْ اَلصَّلَاةِ فَنَعَمْ.
قَالَ اِبْنُ وَضَّاحٍ وَسَأَلْتُ يُوسُفَ بْنَ عَدِيٍّ عَنْ تَفْسِيرِ حَدِيثِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلْفَ كُلِّ بَرٍّ وَفَاجِرٍ قَالَ: اَلْجُمُعَةُ خَاصَّةً، قُلْتُ: وَإِنْ كَانَ اَلْإِمَامُ صَاحِبَ بِدْعَةٍ?
قَالَ نَعَمْ، وَإِنْ كَانَ صَاحِبَ بِدْعَةٍ; لِأَنَّ اَلْجُمُعَةَ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ لَيْسَ تُوجَدُ فِي غَيْرِهِ.
وجاء في كتاب السنة لعبد الله بن أحمد:
سَمِعْتُ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ، يَقُولُ: " مَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ لَا يُصَلَّى خَلْفَهُ الْجُمُعَةَ وَلَا غَيْرَهَا: إِلَّا أَنَّا لَا نَدَعُ إِتْيَانَهَا فَإِنْ صَلَّى خلفه الجمعة رَجُلٌ أَعَادَ الصَّلَاةَ، يَعْنِي: مَنْ قَالَ: الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ ".
وقوله لا ندع إتيانها محمول على الجمعة ، بدليل ما بعده ، فإن قيل حكم الجماعة هو نفس حكم الجمعة قلنا جاء عن السلف التفريق فمن جعلهم بنفس الحكم فعليه الدليل .
ويحمل قولهم أن الجمعة كانت تؤدى بمكان واحد في المصر فلا يصح تركها ،أو أن الأئمة فيها كانوا هم الولاة ، أما الجماعة فيمكن أن يوجد إمام من ائمة السنة ، ولكن ما العمل في حال لم يوجد غير الجهمية؟
يؤيد هذا ما قاله أبو داود السجستانى:
946 - قلت أيام كان يصلى الجمع الجهمية قلت له: الجمعة؟ قال:
أنا أعيد ومتى ما صليت خلف أحد ممن يقول: القرآن مخلوق فأعد.
وفي هذا بيان أنهم يصلونها خلف الجهمية لأنهم كانوا هم الولاة.
فقد قال البربهاري رحمه الله في (شرح السنة ) ص :49: " والصلوات الخمس جائزة خلف من صليت إلا أن يكون جهميا فإنه معطل وإن صليت خلفه فأعد صلاتك .ا.ه المراد
وفيه أنها لا تجزئ خل الجهمي ، ومنص لى أعاد ولا يفيد ذلك وجوبها خلفهم مع وجوب الإعادة وما يدل على أنهم كانوا يأتون الجمعة لإمامة الولاة قوله بعد ذلك:
(وإن كان امامك يوم الجمعة جهميا وهو سلطان فصل خلفه وأعد صلاتك وإن كان إمامك من السلطان وغيره صاحب سنة فصل خلفه ولا تعد صلاتك ).ا.هـ
فإن قيل تعامل الصلوات الخمس كالجمعة قلت : جاء عن السلف التفريق ، ومن أوجبها خلف الجهمية مع الإعادة فقد أوجب على الناس مالم يوجبه الشرع ونسب إلى السلف مالم يقولوه اللهم إلا فهما من عنده.
ومن أجاز الصلاة خلفهم فهو كمن أجازها خلف النصراني قال أبو عبد الله(أي البخاري) : ما أبالي صليت خلف الجهمي و الرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى .كما في خلق أفعال العباد.
فهل من قائل بذلك؟
ومن لديه بعض الإضافات أو الفوائد من اقوال السلف فلا يبخل علينا
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق