Pages

السبت، 8 أغسطس 2015

أبو حنيفة بين السلف والفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:

فهذه حلقة أخرى من حلقات كشف عبث الفوزان بمنهج السلف وبيان تأصيلاته الفاسدة ، لعل الله أن يوفق طالب حق لمعرفة هذا ،وهذه المرة مع ثناء له على راس الضلالة وإمام الرأي والحيل أبي حنيفة ، وثناءات الفوزان عنه كثيرة اخترت منها هذه لما فيها من جهل بالغ من بقية السلف المزعوم ، وإلى المقصود:
سئل الفوزان:
فضيلة الشيخ وفّقكم اللهُ أسئلة كثيرة تقول: ما موقف طالب العلم ممّا جاء في بعض كتب الأئمّة من الطّعن الشّديد على أبي حنيفة رحمه الله كما يُذكر في كتاب السُّنّة للإمام عبدالله ابن الإمام أحمد وغير ذلك؟ وما هو الموقف منها؟
هذا ما كان معروف عند النّاس إلاّ لمّا أثاره بعض الجهلة في بعض المحطّات الفضائيّة من يومين، وإلاّ فالنّاس ما بحثوا في هذا.


الجواب:
كذبت يا فوزان ؛ بل كان معروفا من عهد السلف وما أخفاه إلا بعض الجهلة من المعاصرين ومن قبلهم ممن استساغ مخالفة السلف ، وعدم بحث الخالفين عنه لا يعني أنه باطل مع اتفاق السلف على الكلام في أبي جيفة وتضليله.
وقال في جوابه:
نعم في كتاب السُّنّة للإمام عبدالله ابن الإمام أحمد في آخره كلام في أبي حنيفة أُلحق به، والنُّسخة المطبوعة ليس فيها شيء من هذا لكن أُلحق به أخيرًا.
وجوابا عليه أقول:
أولا : كلامك يدل على جهلك حتى بالكتاب فكلام الأئمة في ابي جيفة في أول الكتاب لا في آخره وهذه سوأة لا تصدر من طالب علم فضلا عن بقية السلف المزعوم!!!
ثانيا: الكلام لم يلحق به أخيرا بل كتبه عبد الله عن علم ودراية ليبين حال هذا المنحرف عن السنة ، لعلمهم بما يجره على أديان الناس من فساد ، لكنك لما قل فقهك لم ترفع بهذا رأسا بل جعلت نفسك ندا لهؤلاء الأئمة وأنت الذي لا تصل كعب أقلهم علما.
ثالثا: النسخة المطبوعة التي تتحدث عنها ليست حجة بل الحق ما في المخطوط فلم الكذب على الناس بلا حياء ، وعمل قضاة مكة لا يساوي شيئا بل هو خيانة للأمانة وجناية عظمى على الإسلام والسنة ، ومن تقليب المفاهيم أن تجعل فعل هؤلاء الجهلة حجة وتترك اتفاق السلف على تضليل الرجل .
فماذ لو طبع أحدهم البخاري وحذف منه كتاب التوحيد لأنه لا يرضي الجهمية الذين تنافح عنهم ؟
وماذا لو حذفت كتب الرد على الجهمية من السنن ؟
أكان ذلك سائغا؟
طبعا لن ترض بذلك وهذه كتلك المراد منها كتم السنة ونشر البدع ،وما تجيب به على هذا السؤال هو جوابنا هناك والأمر أوضح.
رابعا : الكلام في أبي جيفة ليس في السنة فقط ، فحذفكم إياه من الكتاب لا ينفعكم لأنكم ستضطرون لحذفه من كتب كثيرة كالضعفاء للعقيلي ، وتاريخ بغداد للخطيب والسنة للكرماني والثقات لابن حبان ،وغيرها من كتب الرجال ، ومسائل عنه منثورة في كتب السؤالات ، لكن لأنك لا تعرف الباقي ظننت أن عبد الله بن أحمد فقط من تفرد بذلك ولست بمحق فيما قلت.
ثم قال :
 وقصد السّلف الّذين تكلّموا في أبي حنيفة من ناحية أنّ أبا حنيفة يعتمد على القياس، ولم يستدل بالأحاديث وإنّما عُمدته غالبًا على القياس؛ هذا مأخذ مَن أخذ عليه، فقط أنّه يقول بالقياس، والقياس لا شكّ أنّه دليل شرعيّ؛ لأنّ أُصول الأدلّة: الكتاب والسُّنّة والإجماع والقياس، لكن الأئمّة لا يَصِيرُون إلى القياس إلاّ عند الضّرورة، إذا لم يجدوا دليلاً من الكتاب والسُّنّة ولا من الإجماع؛ يقولون بالقياس.أمّا أبو حنيفة رحمه الله توسّع في القياس؛ هذا الّذي أخذوه عليه وعابوه عليه.
والجواب :
هذا كذب بقرون لا يقوله عاقل يستحي من الله فضلا عمن يوصف بالإمامة في الدين .
أبو حنيفة تكلم فيه الأئمة لأمور عدة بعضها مكفر لكنك تهون من شأن الكلام فيه ،وكأن هذا المجرم لم يجرح إلا بالتوسع في القياس ،وإليك بعض ما ورد فيه من كلام وهل له علاقة بالقياس أم هو أمر أعظم خطرا من ذلك؟
أولا ": القول بخلق القرآن
 وقد استتيب منه مرارا ، ومن يقع في مثل هذه الزلة حتى بعد توبته لا يمكن أن يجعل إماما ومحنة للناس كما هو فعلك .
حتى قال المعلمي في التنكيل أن الاستتابة متواترة .
وقال شريك قد علم ذلك العواتق في خدورهن.
ومع هذا جهله الفوزان وشلته وما ذاك إلا لقلة العلم بالسنة والانحراف عنها.
حتى أن  تلميذه أبا يوسف نسبه للجهمية فقال كما في السنة وغيرها:
وما تصنع به مات جهميا.
ثانيا :قوله بالإرجاء .
وهذا لا يحتاج كبير عناء لإثباته عنه .بل أنتم تثبتونه لكن تهونون منه بتسميته إرجاء الفقهاء حتى قال بعضكم مرجئة أهل السنة.
ومن ذلك ما قاله الخطيب في تاريخ بغداد (15/507)
خْبَرَنَا الحُسَيْن بن مُحَمَّد بن الحَسَن أخو الخلال، قَالَ: أَخْبَرَنَا جبريل بن مُحَمَّد العدل بهمذان، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن جبويه النَّخَّاس، قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، قَالَ: حَدَّثَنَا وكيع، قَالَ: سَمِعْتُ الثوري، يَقُولُ: نَحْنُ المؤمنون، وأهل القبلة عندنا مؤمنون؛ في المناكحة، والمواريث، والصلاة، والإقرار، ولنا ذنوب ولا ندري ما حالنا عند الله؟ قَالَ وكيع: وَقَالَ أَبُو حنيفة: من قَالَ بقول سُفْيَان هَذَا فَهُوَ عندنا شاك، نَحْنُ المؤمنون هنا وعند الله حقا، قَالَ وكيع: وَنَحْنُ نقول بقول سُفْيَان، وقول أَبِي حنيفة عندنا جرأة.
أَخْبَرَنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن عَبْد الله المُعَدَّل، قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّد بن عَمْرو بن البَخْتَرِيّ الرَّزَّاز، قَالَ: حَدَّثَنَا حَنْبَل بن إِسْحَاق، قَالَ: حَدَّثَنَا الحُمَيْدِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حمزة بن الحارث بن عُمَيْر، عن أَبِيهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رجلا يسأل أَبَا حنيفة في المسجد الحرام عن رجل قَالَ: أشهد أن الكعبة حق، ولكن لا أدري: هِيَ هذه التي بمَكَّة أم لا؟ فَقَالَ: مؤمن حقا، وسأله عن رجل قَالَ: أشهد أن مُحَمَّد بن عَبْد الله نبي ولكن لا أدري: هُوَ الَّذِي قبره بالمدينة أم لا؟ فَقَالَ: مؤمن حقا، قَالَ الحُمَيْدِيّ ومن قَالَ هَذَا فقد كفر، قَالَ: وَكَانَ سُفْيَان يحدث بِهِ عن حمزة بن الحارث.
ومثله في السنة لعبد الله وفيه :
. حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، قَالَ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا يَرَى السَّيْفَ»
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَمَّاسٍ، ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ، قَالَ: «كَانَ وَاللَّهِ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا وَدَعَانِي إِلَى الْإِرْجَاءِ فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ»
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ ثنا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ مُرْجِئًا وَكَانَ مِنَ الدُّعَاةِ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ بِشَيْءٍ وَصَاحِبُهُ أَبُو يُوسُفَ لَيْسَ بِهِ بَاسٌ»
وفي تاريخ بغداد:
أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِم عَبْد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن عَبْد الله السَّرَّاج بنَيْسَابُور، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الحَسَن أَحْمَد بن مُحَمَّد بن عَبْدُوس الطرائفي، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَان بن سَعِيد الدَّارِمِيّ، قَالَ: حَدَّثَنَا محبوب بن موسى الأنطاكي، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا إِسْحَاق الفزاري، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا حنيفة، يَقُولُ: إيمان أَبِي بَكْر الصديق، وإيمان إبليس واحد، قَالَ إبليس: يا رب، وَقَالَ أَبُو بَكْر الصديق: يا رب، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: ومن كَانَ من المرجئة ثُمَّ لم يقل هَذَا انكسر عَلَيْهِ قوله أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْد الله بن جَعْفَر، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوب بن سُفْيَان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو بَكْر الحُمَيْدِيّ، عن أَبِي صالح الفَرَّاء، عن الفزاري، قَالَ: قَالَ أَبُو حنيفة: إيمان آدم، وإيمان إبليس واحد.
قَالَ إبليس: {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} وَقَالَ: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ} وَقَالَ آدم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا}
حَدَّثَنَا أَبُو طَالِب يَحْيَى بن عَليّ بن الطيب الدسكري لفظا بحلوان، قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو يَعْقُوب يُوسُف بن إِبْرَاهِيم بن موسى بن إِبْرَاهِيم السهمي بجرجان، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو شافع معبد بن جمعة الروياني، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بن هشام بن طويل، قَالَ: سَمِعْتُ الْقَاسِم بن عُثْمَان، يَقُولُ: مر أَبُو حنيفة بسكران يبول قائما، فَقَالَ أَبُو حنيفة لو بلت جالسا؟ قَالَ: فنظر في وجهه، وَقَالَ: ألا تمر يا مرجئ؟ قَالَ لَهُ أَبُو حنيفة: هَذَا جزائي منك؟ صيرت إيمانك كإيمان جبريل!.
وفي التنكيل للمعلمي الذي يؤممه الفوزان:
أقول : قوله (( الرحال )) تبع فيه ابن حجر في ( اللسان ) والمعروف أن القاسم الرحال آخر أسم أبيه يزيد له ترجمة في ( اللسان ) أيضا وكلاهما يروي عن أنس وذكرهما ابن حبان في ( الثقات ) والقاسم بن عثمان الذي في ( اللسان ) تكلم فيه البخاري والدار قطني ولم يتبين أنه هو الواقع في سند الحكاية ومعبد بن جمعة لم يكذبه الكشي بل وثقه كما يأتي في ترجمة . ويوسف بن إبراهيم السهمي موثق والحكاية التي ذكرها الأستاذ في كتاب ابن أبي العوام قد نظرت في بعض رجالها في ( الطليعة  ص 27 - 28 )وعبد المجيد مرجئ متكلم فيه ومع ذلك لا تنافي بين الحكايتين وقد جاء عن أبي حنيفة أشد من ذلك والحنفية والأستاذ في أخرهم يعترفون بأن أبا حنيفة يقول : إن الأيمان لا يزيد ولا ينقص فإذا أثبت لذلك السكران الإيمان فقد أثبت له أن إيمانه كإيمان جبريل وهم لا ينكرون هذا فأي وجه لإنكار الحكاية ؟
فإن كان السكران في ذاك الزمان يعرف أن أبا حنيفة مرجئ  فكيف يراه أمثال الفوزان إماما وينافحون عنه؟
فإما أنهم لا يفقهون أو أنهم معاندون وكلاهما لا يليق ببقية السلف المزعوم!!!.

ثالثا:كان يرى الخروج على الولاة
ففي السنة لعبد الله :
حَدَّثَنِي أَبُو الْفَضْلِ الْخُرَاسَانِيُّ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ مُوسَى الْأَشْيَبُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ، يَقُولُ: «كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَرَى السَّيْفَ» قُلْتُ: فَأَنْتَ؟ قَالَ: «مَعَاذَ اللَّهِ».
حَدَّثَنِي عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ، سَمِعْتُ أَبَا الْوَزِيرِ مُحَمَّدُ بْنُ أَعْيَنَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصِيَّ ابْنِ الْمُبَارَكِ قَالَ: دَخَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ عَبْدِ الْكَرِيمِ عَلَى ابْنِ الْمُبَارَكِ وَالدَّارُ غَاصَّةٌ بِأَصْحَابِ الْحَدِيثِ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَسْأَلَةُ كَذَا وَكَذَا،  قَالَ: فَرَوَى ابْنُ الْمُبَارَكِ فِيهِ أَحَادِيثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ خِلَافَ هَذَا فَغَضِبَ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَقَالَ: أَرْوِي لَكَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وتَاتِينِي بِرَجُلٍ كَانَ يَرَى السَّيْفَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقال ابن المبارك رحمه الله:
حَدَّثَنِي ابْنُ الْمُبَارَكِ، قَالَ: ذَكَرْتُ أَبَا حَنِيفَةَ عِنْدَ الْأَوْزَاعِيِّ وَذَكَرْتُ عِلْمَهُ وَفِقْهَهُ فَكَرِهَ ذَلِكَ الْأَوْزَاعِيُّ وَظَهَرَ لِي مِنْهُ الْغَضَبُ وَقَالَ: " تَدْرِي مَا تَكَلَّمْتَ بِهِ تُطْرِي رَجُلًا يَرَى السَّيْفَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقُلْتُ: إِنِّي لَسْتُ عَلَى رَايِهِ وَلَا مَذْهَبِهِ، فَقَالَ: قَدْ نَصَحْتُكَ فَلَا تُكْرَهْ فَقُلْتُ قَدْ قَبِلْتُ ".
وفي تاريخ بغداد:
أَخْبَرَنَا ابن الفضل، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن درستويه، قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوب، قال: حَدَّثَنِي صفوان بن صالح الدمشقي، قَالَ: حَدَّثَنِي عُمَر بن عبد الواحد السلمي، قال: سمعت إبراهيم بن مُحَمَّد الفزاري يحدث الأوزاعي، قال: قتل أخي مع إبراهيم الفاطمي بالبصرة، فركبت لأنظر في تركته، فلقيت أبا حنيفة، فقال لي: من أين أقبلت؟ وأين أردت؟ فأخبرته أني أقبلت من المصيصة، وأردت أخا لي قتل مع إبراهيم، فقال لو أنك قتلت مع أخيك كان خيرا لك من المكان الذي جئت منه، قلت: فما منعك أنت من ذاك؟ قال: لولا ودائع كانت عندي وأشياء للناس، ما استأنيت في ذلك.
خامسا :قوله بالرأي وتركه السنة:
فقذ قال عبد الله في السنة:
حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ، ثنا أَبُو تَوْبَةَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، قَالَ: قَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: «إِنَّا لَا نَنْقِمُ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الرَّايَ كُلُّنَا نَرَى، إِنَّمَا نَنقِمُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُذْكَرُ لَهُ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُفْتِي بِخِلَافِهِ».
وقال يوسف بن أسباط: رد أَبُو حنيفة على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أربع مائة حديث أو أكثر، قلت له: يا أبا مُحَمَّد، تعرفها؟ قال: نعم، قلت: أَخْبَرَنِي بشيء منها، فقال: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " للفرس سهمان، وللراجل سهم ".
قال أَبُو حنيفة: أنا لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن.
وأشعر رسول الله، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه البدن، وقال أَبُو حنيفة: الإشعار مُثْلَةٌ، وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ".
وقال أَبُو حنيفة: إذا وجب البيع فلا خيار، وكان النبي، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يقرع بين نسائه إذا أراد أن يخرج في سفر "، وأقرع أصحابه، وقال أَبُو حنيفة: القرعة قمار، وقال أَبُو حنيفة: لو أدركني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدركته لأخذ بكثير من قولي، وهل الدين إلا الرأي الحسن؟
أَخْبَرَنَا ابن رزق، قَالَ: حَدَّثَنِي عثمان بن عُمَر بن خفيف الدراج، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل البصلاني، وأَخْبَرَنَا الْبَرْقَانِيّ، قال: قرأت على أبي حفص ابن الزيات: حدثكم عُمَر بن مُحَمَّد الكاغدي، قالا: حَدَّثَنَا أَبُو  السائب، قال: سمعت وكيعا، يقول: وجدنا أبا حنيفة خالف مائتي حديث أَخْبَرَنِي علي بن أَحْمَد الرزاز، قَالَ: أَخْبَرَنَا علي بن مُحَمَّد بن سعيد الموصلي، قَالَ: حَدَّثَنَا عيسى بن فيروز الأنباري، قَالَ: حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن حماد، قَالَ: حَدَّثَنَا حماد بن سلمة، أو سمعته يقول: أَبُو حنيفة استقبل الآثار واستدبرها برأيه.
أَخْبَرَنَا ابن دوما، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابن سلم، قَالَ: حَدَّثَنَا الأبار، قَالَ: حَدَّثَنَا محمود بن غيلان، عن مؤمل، قال: سمعت حماد بن سلمة، يقول: أَبُو حنيفة هذا يستقبل السنة يردها برأيه.
فهل هذا توسع يا فوزان في القياس أم هو الرأي الفاسد ورد السنن  ؟
ويكفي في سقوط عدالة الرجل وفجوره وضلاله البعيد قوله: : لو أدركني النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأدركته لأخذ بكثير من قولي.
لكنكم قوم تجهلون!!!
ثم دافع ملبسا:
 وقد أجاب بعض المحقّقين عن بعض ما جاء عن أبي حنيفة رحمه الله بأنّه كان يعيش في العراق وقت الفتن والكذب، اشتدّ الكذب ووضع الأحاديث عن الرّسول صلّى الله عليه وسلّم؛ فصار يعتمد على القياس خوفًا من الوضّاعين والكذّابين؛ لأنّ الكذب انتشر في العراق خلاف الحجاز مكّة والمدينة فهم أهل رواية وأهل حديث وإتقان، أمّا في العراق فلمّا كثُرت الفرق وكثُر الوضع والكذب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم؛ أبو حنيفة رحمه الله اعتمد على القياس، هذا هو السّبب في كون أبي حنيفة رحمه الله كان يعتمد ويتوسّع في القياس.
وجوابه:
أولا: قد سبق بيان أن مآخذ الأئمة على أبي حنيفة ليست في القياس أو التوسع فيه بل فيما هو أعظم من ذلك.، كالقول بخلق القرآن وبدعة الإرجاء وغيرها من الضلالات العظيمة فلو ساغ له القياس كما يزعم هذا المتحذلق فماذا يجيب في غيرها؟
ثانيا :ومن قال أنه في حال انتشار الكذب والوضع يجوز اللجوء لرد السنن بالرأي؟
وقد كان للسنة حفاظ يردون عنها الكذب ويبينون الضعيف من الصحيح  ولم يجعل أحدا منهم انتشار الكذب ذريعة للقياس إلا ما قاله هؤلاء الخالفون ردا لكلام الأئمة في أبي حنيفة.
ثالثا: ألم يكن بالكوفة حفاظ الحديث كأبي اسحاق السبيعي والأعمش وهم ممن يدور عليهم الإسناد كما قال ابن المديني في علله.
رابعا : أئمة السنة الذين تكلموا في أبي حنيفة كانوا أهل دراية ولم ينتقده أحدهم لهذا الأمر وحده فقد قال الأوزاعي رحمه الله :
أَبُو حَنِيفَةَ ضَيَّعَ الْأُصُولَ وَأَقْبَلَ عَلَى الْقِيَاسِ»
ومن ضيع الأصول فعلي أي شيء يقيس؟
قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل:
حَدثنا مُحَمد بن عَبد الله بن عَبد الحَكم، قال: سَمعتُ الشَّافعي يقول: قال لي مُحَمد بن الحسن: أَيهما، أَعلم صاحبنا أم صاحبكم؟ يعَني أَبا حَنيفة، ومالك بن أَنس، قلت: على الإِنصاف؟ قال: نعم، قلت: فأَنشدك الله، من أَعلم بالقرآن، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: صاحبكم، يعَني مالكًا، قلت: فمن أَعلم بالسنة، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: اللهُم صاحبكم، قلت: فأَنشدك الله، من أَعلم بأقاويل أَصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم والمتقدمين، صاحبنا، أَو صاحبكم؟ قال: صاحبكم، قال الشَّافعي: فقلت: لم يبق إِلا القياس، والقياس لا يكون إِلا على هذه الأَشياء، فمن لم يعرف الأصول فعلى أَي شيء يقَيس؟.ا.ه
وهذا هو الفقه الدقيق لا فقه الفوزان وشلته ممن ينافحون عن هذا الدجال.
ولا يغتر بتحذلق الذهبي في سيره على هذا القول فمثله لا يلتفت لقوله .
وفي السنة لعبد الله :
قال يوسف بن إسباط يقول لم يولد أبو حنيفة على الفطرة قال وسمعت يوسف يقول رد أبو حنيفة أربعمائة أثر عن النبي صلى الله عليه و سلم.
ثم زاد في الدفاع عنه قائلا:

وهو إمام جليل بلا شكّ، وهو أقدم الأئمّة الأربعة أخذ عن التّابعين وقيل أخذ عن الصّحابة؛ فهو إمام جليل، ما فيه كلام من ناحية عقيدته ولا من ناحية دينه، إنّما أخذوا عليه توسّعه بالقياس، هذا المأخذ عليه رحمه الله، وهو معذور كما ذكرنا لكم؛ لأنّه في وقته فشا الكذب والوضع لا سيّما في العراق فهو تحاشى هذا الشّيء.
والجواب:
أبو جيفة ما كان إماما ولن يكون في ميزان السنة والعدل ، لكن في موازين الخلف وأهل الزيغ هو إمامهم .
فمن يقول فيه الأوزاعي وسفيان :ما ولد في الاسلام على هذه الأمة اشأم من أبي حنيفة.
ومن يقول فيه  مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ،: " كَادَ الدِّينَ، وَقَالَ: مَنْ كَادَ الدِّينَ فَلَيْسَ مِنَ الدِّينِ.
وقال فيه : " أَبُو حَنِيفَةَ مِنَ الدَّاءِ الْعُضَالِ وَقَالَ مَالِكٌ: أَبُو حَنِيفَةَ يَنْقُضُ السُّنَنَ "
وقال فيه : «مَا وُلِدَ فِي الْإِسْلَامِ مَوْلُودٌ أَضَرَّ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ»،
وقال فيه كما في تاريخ بغداد: كانت فتنة أبي حنيفة أضر على هذه الأمة من فتنة إبليس في الوجهين جميعا في الأرجاء وما وضع من نقص السنن.
ومن يقول فيه شريك :إنما كان أَبو حَنيفَة صاحِب خُصُومات، لَم يَكُن يُعرَف إِلاَّ بِالخُصُومات .
وقال عنه: لَأَنْ يَكُونَ فِي كُلِّ رَبْعٍ مِنْ أَرْبَاعِ الْكُوفَةِ خَمَّارٌ يَبِيعُ الْخَمْرَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مَنْ يَقُولُ بِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ»
وهو الذي قال فيه وفي أصحابه: مَذْهَبُهُمْ رَدُّ الْأَثَرِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
ويقول الفوزان إنما أُخذ عنه القياس فهل هؤلاء جهلوا ما علمه الفوزان ؟
نعوذ بالله من الخذلان .
وقال فيه حماد بن زيد: «إِنَّمَا ذَاكَ يُعْرَفُ بِالْخُصَومَةِ فِي الْإِرْجَاءِ.
ولما هلك قال فيه الأوزاعي: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَمَاتَهُ فَإِنَّهُ كَانَ يَنْقُضُ عُرَى الْإِسْلَامِ عُرْوَةً عُرْوَةً»
وقيل لحَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ مَاتَ أَبُو حَنِيفَةَ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَبَسَ بِهِ بَطْنَ الْأَرْضِ».
وقال الثوري: «ضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى قَبْرِ أَبِي حَنِيفَةَ طَاقًا مِنَ النَّارِ»
وغير هذا كثير عن أئمة الإسلام حتى صار الكلام فيه محل إجماع فقد قال أبو بكر بن أبي داود كما في الكامل لابن عدي(10/129):
الوقيعة في أَبي حنيفة إجماعة من العلماء، لأَن إمام البصرة أيوب السختياني وقد تكلم فيه، وإمام الكوفة الثَّوري وقد تكلم فيه، وإمام الحجاز مالك وقد تكلم فيه، وإمام مصر الليث بن سعد وقد تكلم فيه، وإمام الشام الأَوزاعي وقد تكلم فيه، وإمام خراسان عَبد الله بن المُبَارك وقد تكلم فيه، فالوقيعة فيه إجماع من العلماء في جميع الأفاق، أو كما قال.
وهو القائل كما في تاريخ بغداد(13/394):
حدثنا محمد بن علي بن مخلد الوراق لفظا قال في كتابي عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأسدي الفقيه المالكي قال سمعت أبا بكر بن أبي داود السجستاني يوما وهو يقول لأصحابه:
 ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه والشافعي وأصحابه والأوزاعي وأصحابه والحسن بن صالح وأصحابه وسفيان الثوري وأصحابه وأحمد بن حنبل وأصحابه؟
 فقالوا له يا أبا بكر لا تكون مسألة أصح من هذه .
فقال هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة.ا.ه
فهل بعد اتفاق هؤلاء الأئمة على تضليل الرجل يسمع الناس لكلام الفوزان المخالف لهم ويصفه بالإمامة ؟
ويتحدي بقوله الساقط : أبو حنيفة إمامنا رضي من رضي وسخط من سخط؟
ونسي المسكين أنه ما أسخط إلا ربه بمخالفة الأئمة، والدفاع عن رجل ضال نقض السنن وكاد الدين  ، ولو كان على عهد السلف لصاحوا به وضللوه .
وإمامه قال فيه شعبة: كَف مِن تُراب خَير مِن أَبي حَنيفَةَ.
وقال فيه أحمد: رَأيُه مَذمُوم، وحَديثه لا يُذكَرُ .ا.ه     
حتى جعله أحمد اشد من عمرو بن عبيد الجهمي الخبيث حيث قال: أبو حنيفة أشد على المسلمين من عمرو بن عبيد لأن له أصحابا .كما في تاريخ بغداد.
وفيه : أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي حدثنا عبد الله بن محمد بن محمد بن حمدان العكبري حدثنا محمد بن أيوب بن المعافى البزاز قال سمعت إبراهيم الحربي يقول وضع أبو حنيفة أشياء في العلم مضغ الماء أحسن منها وعرضت يوما شيئا من مسائله على أحمد بن حنبل فجعل يتعجب منها ثم قال كأنه هو يبتدئ الإسلام.
فهل مثل هذا الدجال يجعل إماما ومحنة ويبدع من يتكلم فيه ؟
ومن الذي ينافح عنه إلا جاهل لا يعرف عن كلام السلف فيه شيئا أو رجل عابث بالإسلام ينقض منهج السلف نقضا وهو حال الفوزان.
حتى قال فيه ابن أبي شيبة كما في المرجع نفسه: أراه كان يهوديا.
لكن لما ترك منهج السلف صار قول الفوزان مقدما على قول أحمد ومالك وابن معين وغيرهم من أئمة الهدى ممن تكلم في هذا الرجل الضال .
فنعوذ بالله من الهوى والخذلان فمن دواعي الخسران للعبد أن يرضى بمخالفة هؤلاء الأجلة تبعا لشرذمة لا تعرف من منهج السلف إلا اسمه .
ثم قال :
على كلّ حال ما نحب أنّه تُثار هذه المسائل، وكان هذا الجزء من الكتاب محذوفًا في الطّبعة الّتي اعتمدها العلماء في وقت الشّيخ عبدالله بن حسن رئيس القضاة في مكّة، النُّسخة الّتي طبعها وأشرف عليها ليس فيها هذه الزّيادة، لكن جاء بعض الباحثين -هداهم الله- وألحقها بها فأحدثتْ هذا التّشكّك؛ وعلى كلّ حال نحن نُحب أبا حنيفة وهو إمام لنا؛ لأنّه من أئمّة أهل السُّنّة والجماعة ولا نطعن فيه أبدًا.
والجواب أن يقال:
سبق الجواب أن حذفهم للجزء خيانة للإسلام وعملهم ليس حجة أبدا ، وكلام الأئمة فيه ليس في السنة فحسب فلا يصدر هذا الهراء إلا من جاهل لا يعرف عن الرجال شيئا .
من يحب أهل البدع فهو منهم ومن يجعلهم أئمة فهو مثلهم بل أشد، خاصة إن كان ينتسب للسنة زورا كهذا الفوزان.
وأبو حنيفة من أئمة أهل الرأي والضلال وليس من أئمة أهل السنة وما كان منهم أبدا ففي عقيدة حرب التي نقل عنها الاتفاق جعل أبا حنيفة من أئمة الضلال ورؤوس البدع وقادة المخالفين ، وقرنه ببشر المريسي  الجهمي الخبيث.
والكرماني قال في أول عقيدته :هذا مذهب أئمة العلم واصحاب الأثر وأهل السنة المعروفين بها المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا وأدركت من أدركت من علماء أهل العراق والحجاز والشام وغيرهم عليها، فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طعن فيها، أو عاب قائلها: فهو مبتدع، خارج عن الجماعة، زائل عن منهج السنة وسبيل الحق، وهو مذهب أحمد وإسحاق بن إبراهيم وبقي بن مخلد، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وسعيد بن منصور، وغيرهم ممن جالسنا، وأخذنا منهم العلم.ا.ه
فهل بعد هذا الكلام من ائمة الهدى يسمع لتحذلق الفوزان عليهم ويحتج بقوله في رد قولهم ؟
اللهم إنا نبرأ إليك من مخالفة السلف ومن خالفهم .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق