Pages

السبت، 1 أغسطس 2015

الشاطبي بين حكم السلف على أمثاله وبين ثناء الفوزان

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:

فهذه وقفة أخرى مع الفوزان في تخبطه ، وهذه المرة مع ثناءه على الشاطبي الجهمي
فقد سئل الفوزان في بعض دروسه :
أحسن الله اليكم ما رأيكم بكتاب الاعتصام للإمام الشاطبي وكذلك كتابه الموافقات ؟


"ما مثلي يحكم على كتاب الاعتصام والموافقات
الامام الشاطبي امام جليل وإمام تقدره العلماء ويرجعون إلى كتابيه الاعتصام والموافقات
يرجعون إليهما ويستفيدون منهما فلا مجال للتهويل في شأن الكتابين او السؤال عن الشاطبي او كتابيه فإن هذا معروف عن العلماء والأئمة وهما مرجعان عظيمان لأهل العلم ."

من شريط تفسير المفصل من السور - تفسير سورة الطور من آية (1) إلى آية(16
والجواب أن يقال:
أولا :صدقت فلست أنت من يسأل عن الشاطبي  ولا مثلك من يحكم عليه وعلى كتبه لأنك جاهل بعقيدة السلف ومنهجهم في التعامل مع المبتدعة والزنادقة ، فكم لك من تمييع مع أمثال الشاطبي ومع من هم أشد كفرا وزندقة منه ، وما اعتراضك على كلام السلف في ابي جيفة عنا ببعيد وسيأتي التنبيه عليه فيما بعد إن شاء الله.
ثانيا: الشاطبي ليس بإمام لأنه ظالم في معتقده الأشعري فقد قال مجاهد رحمه الله:
عن مجاهد ، في قوله عز وجل : لا ينال عهدي الظالمين قال : « إذا كان ظالما فليس بإمام يقتدى به »
وقال رحمه الله في قوله تعالى:  " وَمِنْ ذُرِّيَّتِي " ، قَالَ: أَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ صَالِحًا فَسَأَجْعَلُهُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ، وَأَمَّا مَنْ كَانَ مِنْهُمْ ظَالِمًا فَلا، وَلا نِعْمَةُ عَيْنٍ". كما تفسير ابن أبي حاتم.
والشاطبي يدرك معتقده من شم رائحة السنة لكن الفوزان من أبعد الناس عنها وأجهلهم بها .
ثالثا: الشاطبي أشعري  خبيث ينفي صفات الله عنها فيؤول بعضها ويفوض بعضها ولا يخرجه ذلك عن وصف التجهم ، وفيما يلي بعض ما في كتابيه من  تجهم نقلا عن كتاب الإعلام بمخالفات الموافقات والاعتصام لناصر الفهد:
1-قال في (الاعتصام) 1/305-بعد كلام-:( ومثاله في ملة الإسلام مذاهب الظاهريةفي إثبات الجوارح للرب -المنزه عن النقائص - من العين ، واليد ، والرجل ، والوجه ، والمحسوسات ، والجهة ، وغير ذلك من الثابت للمحدثات)
ففي كلامه نفي لصفات الله التي ذكرها وتسميتها جوارح  تشنيع بارد ومسلك جهمي خبيث سبقه إليه المريسي الخبيث.
قال الدرامي رحمه الله في نقضه على المريسي :
وأما دعواك أنهم يقولون جارح مركب فهذا كفر لا يقوله أحد من المسلمين ولكنا نثبت له السمع والبصر والعين بلا تكييف كما أثبته لنفسه فيما أنزل من كتابه وأثبته له الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا الذي تكرره مرة بعد مرة جارح وعضو وما أشبهه حشو وخرافات وتشنيع لا يقوله أحد من العالمين .
وقال رحمه الله :
وأما تشنيعك على هؤلاء المقرين بصفات الله عز وجل المؤمنين بما قال الله أنهم يتوهمون فيها جوارح وأعضاء فقد ادعيت عليهم في ذلك زورا باطلا وأنت من أعلم الناس بما يريدون بها إنما يثبتون منها ما أنت له معطل وبه مكذب ولا يتوهمون فيها إلا ما عنى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ولا يدعون جوارح ولا أعضاء كما تقولت عليهم غير أنك لا تألو في التشنيع عليهم بالكذب ليكون أروج لضلالتك عند الجهال.ا.ه
2- وقال في (الاعتصام) 2/707:(لا يشك في أن البدع يصح أن يكون منها ما هو كفر كاتخاذ الأصنام لتقربهم إلى الله زلفى ، ومنها ما ليس بكفر كالقول بالجهة عند جماعة).
وقال في (الموافقات) 4/154- تحت مسألة مالا بد من معرفته لمن أراد علم القرآن- : ( ومن ذلك معرفة عادات العرب في أقوالها وأفعالها ومجاري أحوالها حالة التنزيل ، وإن لم يكن ثم سبب خاص لا بد لمن أراد الخوض في علوم القرآن منه ، وإلا وقع في الشُبه والإشكالات التي يتعذر الخروج منها إلا بهذه المعرفة - ثم ذكر أمثلةً على ذلك ومنها قوله-:
والثالث: قوله تعالى(يخافون ربهم من فوقهم)(ءأمنتم من في السماء) وأشباه ذلك ، إنما جرى على معتادهم في اتخاذ الآلهة في الأرض وإن كانوا مقرين بإلهية الواحد الحق ، فجاءت الآيات بتعيين الفوق وتخصيصه تنبيهاً على نفي ما ادعوه في الأرض ، فلا يكون فيه دليل على إثبات جهة البتة).
وهذا إنكار لعلو الله على خلقه جل وعلا بنفيه الجهة على طريقة الأشعرية وتسمية إثبات جهة العلو لله بدعة جرم عظيم يلقى جزاءه عليه عند ربه .
ومنكر العلو لا يسمى إماما للمسلمين وإن سمي فهو إمام الزنادقة والمرتدين ، ومنكر علو الله على خلقه كافر باتفاق السلف وليس هو مما يمكن أن يخفى لتوافر أدلته التي بلغت ألف دليل كما قال ابن القيم
وقال الحاكم في معرفة علوم الحديث:
سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة يقول من لم يقر بأن الله تعالى على عرشه قد استوى فوق سبع سمواته فهو كافر بربه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه وألقى على بعض المزابل حيث لا يتأذى المسلمون والمعاهدون بنتن ريح جيفته وكان ماله فيئا لا يرثه أحد من المسلمين إذ المسلم لا يرث الكافر.ا.ه
قال ابن تيمية في الدرء:
وجواب هذا أن يقال القول بأن الله تعالى فوق العالم معلوم بالاضطرار من الكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة بعد تدبر ذلك كالعلم بالأكل والشرب في الجنة والعلم بإرسال الرسل وإنزال الكتب والعلم بأن الله بكل شيء عليم وعلى كل شيء قدير والعلم بأنه خلق السماوات والأرض وما بينهما بل نصوص العلو قد قيل إنها تبلغ مئين من المواضع
 والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين متواترة موافقة لذلك فلم يكن بنا حاجة إلى نفي ذلك من لفظ معين قد يقال إنه يحتمل التأويل ولهذا لم يكن بين الصحابة والتابعين نزاع في ذلك كما تنطق بذلك كتب الآثار المستفيضة المتواترة في ذلك وهذا يعلمه من له عناية بهذا الشأن أعظم مما يعلمون أحاديث الرجم والشفاعة ،والحوض والميزان وأعظم مما يعلمون النصوص الدالة على خبر الواحد والإجماع والقياس وأكثر مما يعلمون النصوص الدالة على الشفعة وسجود السهو ومنع نكاح المرأة على عمتها وخالتها ومنع ميراث القاتل ونحو ذلك مما تلقاه عامة الأمة بالقبول  ولهذا كان السلف مطبقين على تكفير من أنكر ذلك لأنه عندهم معلوم بالاضطرار من الدين...ا.ه المراد
ولاشك أن إنكار العلو أعظم من القول بخلق القرآن ، والسلف كفروا هؤلاء بالاتفاق فتكفير منكر العلو من باب أولى .
يقول ابن تيمية في الفتاوى الكبرى:
ثُمَّ إنَّكُمْ أَظْهَرْتُمْ لِلْمُسْلِمِينَ مُخَالَفَةَ الْمُعْتَزِلَةِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ وَالْقُرْآنِ، وَوَافَقْتُمْ أَهْلَ السُّنَّةِ عَلَى إظْهَارِ الْقَوْلِ بِأَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؛ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ مِنْ الْبِدَعِ الْقَدِيمَةِ الَّتِي أَظْهَرَهَا الْجَهْمِيَّةُ الْمُعْتَزِلَةُ وَغَيْرُهُمْ فِي عَصْرِ الْأَئِمَّةِ حَتَّى امْتَحَنُوا الْإِمَامَ أَحْمَدَ وَغَيْرَهُ بِذَلِكَ.
وَوَافَقْتُمْ الْمُعْتَزِلَةَ عَلَى نَفْيِهِمْ وَتَعْطِيلِهِمْ الَّذِي مَا كَانُوا يَجْتَرِئُونَ عَلَى إظْهَارِهِ فِي زَمَنِ السَّلَفِ وَالْأَئِمَّةِ وَهُوَ قَوْلُهُمْ إنَّ اللَّهَ لَا دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ وَأَنَّهُ لَيْسَ فَوْقَ السَّمَوَاتِ رَبٌّ، وَلَا عَلَى الْعَرْشِ إلَهٌ، فَإِنَّ هَذِهِ الْبِدْعَةَ الشَّنْعَاءَ وَالْمَقَالَةَ الَّتِي هِيَ شَرٌّ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى لَمْ يَكُنْ يُظْهِرُهَا أَحَدٌ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ لِلْعَامَّةِ، وَلَا يَدْعُو عُمُومَ النَّاسِ إلَيْهَا وَإِنَّمَا كَانَ السَّلَفُ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى أَنَّهُمْ يُبْطِنُونَ ذَلِكَ بِمَا يُظْهِرُونَهُ مِنْ مَقَالَاتِهِمْ فَمُوَافَقَتُكُمْ لِلْمُعْتَزِلَةِ عَلَى مَا أَسَرُّوهُ مِنْ التَّعْطِيلِ وَالْإِلْحَادِ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مُخَالَفَةً لِلشَّرْعِ وَالْعَقْلِ مِمَّا خَالَفْتُمُوهُ فِيهِ فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ وَالْقُرْآنِ، فَإِنَّ كُلَّ عَاقِلٍ يَعْلَمُ أَنَّ دَلَالَةَ الْقُرْآنِ عَلَى عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى عَرْشِهِ أَعْظَمُ مِنْ دَلَالَتِهِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُرَى، وَلَيْسَ فِي الْقُرْآنِ آيَةٌ تُوهِمُ الْمُسْتَمِعَ أَنَّ اللَّهَ لَيْسَ دَاخِلَ الْعَالَمِ وَلَا خَارِجَهُ، وَفِيهِ مَا يُوهِمُ بَعْضَ النَّاسِ نَفْيَ الرُّؤْيَةِ..
إلى أن قال :
وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ بِأَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ فِيهِ مِنْ الشُّبْهَةِ مَا لَيْسَ فِي نَفْسِ عُلُوِّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ، وَلِهَذَا كَانَ فِي فِطَرِ جَمِيعِ الْأُمَمِ الْإِقْرَارُ بِعُلُوِّ اللَّهِ عَلَى خَلْقِهِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُرَى أَوْ لَا يُرَى أَوْ يَتَكَلَّمُ أَوْ لَا يَتَكَلَّمُ، فَهَذَا عِنْدَهُمْ لَيْسَ فِي الظُّهُورِ بِمَنْزِلَةِ ذَاكَ، فَوَافَقْتُمْ الْجَهْمِيَّةَ الْمُعْتَزِلَةَ وَغَيْرَهُمْ عَلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ الْعَقْلِ وَالدِّينِ مِمَّا خَالَفْتُمُوهُمْ فِيهِ، وَمَعْلُومٌ اتِّفَاقُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتِهَا عَلَى تَضْلِيلِ الْجَهْمِيَّةِ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ، بَلْ قَدْ كَفَّرُوهُمْ وَقَالُوا فِيهِمْ مَا لَمْ يَقُولُوهُ فِي أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، أَخْرَجُوهُمْ عَنْ الِاثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَقَالُوا: إنَّا لَنَحْكِي كَلَامَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَلَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَحْكِيَ كَلَامَ الْجَهْمِيَّةِ. فَكُنْتُمْ فِيمَا وَافَقْتُمْ فِيهِ الْجَهْمِيَّةَ مِنْ الْمُعْتَزِلَةِ وَغَيْرِهِمْ وَمَا خَالَفْتُمُوهُمْ فِيهِ كَمَنْ آمَنَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَكَفَرَ بِبَعْضٍ، وَلَكِنْ هُوَ إلَى الْكُفْرِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْإِيمَانِ.ا.ه المراد
ومعلوم اتفاق السلف على تكفير منكر الرؤية ومن قال بخلق القرآن .
ففي السنة لعبد الله بن الإمام أحمد: قال وكيع :من رد حديث إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في الرؤية فاحسبوه من الجهمية... ا.ه المراد
وفي شرح مذاهب السنة لابن شاهين :
حدثنا أحمد ثنا الفضل قال  سمعت أبا عبد الله وقيل له تقول الرؤية  قال من لم يقل بالرؤية فهو جهمي .
ويكفي إجماع الرازيين كما في اصول الاعتقاد:
ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر . ومن شك في كلام الله عز و جل فوقف شاكا فيه يقول لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي.
وفي إجماع الكرماني في الاعتقاد نقل لاتفاق السلف على تكفير من قال بخلق القرآن.
وقال الشاطبي غمام الفوازن في (الاعتصام) 2/787:(بدعة الظاهرية فإنها تجارت بقومٍ حتى قالوا عند ذكر قوله تعالى(على العرش استوى) : قاعد ، قاعد ، وأعلنوا بذلك وتقاتلوا عليه ).
ومراده بالظاهرية من أخذوا بظواهر نصوص الصفات كما فعل السلف .
وسمى مذهبهم بدعة ، فهو يبدع من يعتقد معتقد السلف في الاستواء كالفوزان لكن الفوزان يجعله إماما ولا أدري ماذا يسمى هذا ؟ إن لم يكن حمقا فلا أدري ما الحمق؟
ومعلوم أن السلف منهم من فسر الاستواء بالجلوس ، ففي إثبات الحد للدشتي رواية ذلك عن ابن مسعود وعن عكرمة والحسن .
ومن أراد الاستزادة فليراجع الكتاب ففيه تعليقات مفيدة من محققه عادل حمدان وفقه الله.
وأخرج عبد الله في السنة  قال :حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ أَبُو جَعْفَرٍ الدَّارِمِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ خَارِجَةَ، يَقُولُ: " الْجَهْمِيَّةُ كُفَّارٌ بَلِّغُوا نِسَاءَهُمْ أَنَّهُنَّ طَوَالِقُ، وَأَنَّهُنَّ لَا يَحْلِلْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ لَا تَعُودُوا مَرْضَاهُمْ وَلَا تَشْهَدُوا جَنَائِزَهُمْ، ثُمَّ تَلَا {طه} [طه: 1] {مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى} [طه: 2] إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5] وَهَلْ يَكُونُ الِاسْتِوَاءُ إِلَّا بِجُلُوسٍ ".ا.ه
ورواية عبد الله لهذا الأثر إقرار له فإنكار من بعده له محض تحذلق لا وزن له.
وقال في (الاعتصام) 2/843،844:(كلام الباري إنما نفاه من نفاه وقوفاً مع الكلام الملازم للصوت والحرف وهو في حق الباري محال .
 3- وقال في (الموافقات) 4/274:(إن كلام الله في نفسه كلام واحد لا تعدد فيه بوجهٍ و لا باعتبار حسبما تبين في علم الكلام ).
وهذا معتقد الأشاعرة الزنادقة ، حيث يجعلون الكلام هو النفسي وينفون الحرف والصوت وقولهم اقبح في العقول من قول المعتزلة والجهمية فقد قال ابن القيم كما في الصواعق:
(فتأمل الأخوّة التي بين هؤلاء - يقصد الأشاعرة- وبين هؤلاء المعتزلة الذين اتفق السلف على تكفيرهم ، وأنهم زادوا على المعتزلة في التعطيل ، فالمعتزلة قالوا: هذا الكلام العربي هو القرآن حقيقة لا عبارة عنه وهو كلام الله وإنه مخلوق)اهـ.
فإذا كان السلف اتفقوا على تكفير المعتزلة وقول الأشاعرة زيادة في التعطيل فما حكمهم عند السلف ؟
أما عند الفوزان فهو مسلمون ومن يكفرهم منحرف عن السنة !!!!
ألا قاتل الله الجهل والهوى.
وقال اللالكائي كما في اصول الاعتقاد:
سياق ما دل من الآيات من كتاب الله تعالى وما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين على أن القرآن تكلم الله به على الحقيقة ، وأنه أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم ، وأمره أن يتحدى به ، وأن يدعو الناس إليه ، وأنه القرآن على الحقيقة . متلو في المحاريب ، مكتوب في المصاحف ، محفوظ في صدور الرجال ، ليس بحكاية ولا عبارة عن قرآن ، وهو قرآن واحد غير مخلوق وغير مجعول ومربوب ، بل هو صفة من صفات ذاته ، لم يزل به متكلما ، ومن قال غير هذا فهو كافر ضال مضل مبتدع مخالف لمذاهب السنة والجماعة. ا.ه
وقال ابن بطة في الإبانة:
وَاعْلَمُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ أَنَّ صِنْفًا مِنَ الْجَهْمِيَّةِ اعْتَقَدُوا بِمَكْرِ قُلُوبِهِمْ، وَخُبْثِ آرَائِهِمْ، وَقَبِيحِ أَهْوَائِهِمْ، أَنَّ الْقُرْآنَ مَخْلُوقٌ، فَكَنَّوْا عَنْ ذَلِكَ بِبِدْعَةٍ اخْتَرَعُوهَا، تَمْوِيهًا وَبَهْرَجَةً عَلَى الْعَامَّةِ، لِيَخْفَى كُفْرُهُمْ، وَيُسْتَغْمَضَ إِلْحَادُهُمْ عَلَى مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ، وَضَعُفَتْ نَحِيزَتُهُ، فَقَالُوا: إِنَّ الْقُرْآنَ الَّذِي تَكَلَّمَ اللَّهُ بِهِ وَقَالَهُ، فَهُوَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَهَذَا الَّذِي نَتْلُوهُ وَنَقْرَؤهُ بِأَلْسِنَتِنَا، وَنَكْتُبُهُ فِي مَصَاحِفِنَا لَيْسَ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي هُوَ كَلَامُ اللَّهِ، هَذَا حِكَايَةٌ لِذَلِكَ، فَمَا نَقْرَؤُهُ نَحْنُ حِكَايَةٌ لِذَلِكَ الْقُرْآنِ بِأَلْفَاظِنَا نَحْنُ، وَأَلْفَاظُنَا بِهِ مَخْلُوقَةٌ، فَدَقَّقُوا فِي كُفْرِهِمْ، وَاحْتَالُوا لِإِدْخَالِ الْكُفْرِ عَلَى الْعَامَّةِ بِأَغْمَضِ مَسْلَكٍ، وَأَدَقِّ مَذْهَبٍ، وَأَخْفَى وَجْهٍ، فَلَمْ يَخْفَ ذَلِكَ بِحَمْدِ اللَّهِ وَمَنِّهِ وَحُسْنِ تَوْفِيقِهِ عَلَى جَهَابِذَةِ الْعُلَمَاءِ وَالنُّقَّادِ الْعُقَلَاءِ، حَتَّى بَهْرَجُوا مَا دَلَّسُوا، وَكَشَفُوا الْقِنَاعَ عَنْ قَبِيحِ مَا سَتَرُوهُ، فَظَهَرَ لِلْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ كُفْرُهُمْ وَإِلْحَادُهُمْ، وَكَانَ الَّذِي فَطَنَ لِذَلِكَ وَعَرَفَ مَوْضِعَ الْقَبِيحِ مِنْهُ الشَّيْخُ الصَّالِحُ، وَالْإِمَامُ الْعَالِمُ الْعَاقِلُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَكَانَ بَيَانُ كُفْرِهِمْ بَيِّنًا وَاضِحًا فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.ا.ه
فسماهم جهمية وقرنهم باللفظية الزنادقة الذين كفرهم السلف وفي تتمة كلامه مزيد بيان لذلك فليراجعه من يريد الاستزادة.
وقال السجزي في إثبات الحرف والصوت :
وقالت المعتزلة : السور والآي مخلوقة ، وهي قرآن معجز .
وقال الأشعري : [ القرآن كلام الله سبحانه والسور والآي ليست بكلام الله سبحانه وإنما هي عبارة عنه ، وهي مخلوقة ]
فوافقهم في القول بخلقها ، وزاد عليهم بأنها ليست قرآن ولا كلام الله سبحانه فإن زعموا أنهم يقرون بأنها قرآن : قيل لهم : إنما يقرون بذلك على وجه المجاز ، فإن من مذهبهم أن القرآن غير مخلوق ، وأن الحروف مخلوقة ، والسور حروف بالاتفاق ، من أنكر ذلك لم يخاطب .
…وإذا كانت حروفاً مخلوقة لم يجز أن يكون قرأنا غير مخلوق .ا.ه
فجعل قول الأشعرية قولا بخلق القرآن وأنه زاد على المعتزلة في ذلك
وقال أيضا:
وعند المعتزلة أن الذي تحويه دفتا المصحف قرآن وكذلك ما وعته الصدور وكذلك ما يتحرك به لسان القارئ وكل ذلك مخلوق .
وعند أهل السنة أن ذلك قرآن غير مخلوق وعند الأشعري أنه مخلوق وليس بقرآن وإنما هو عبارة عنه .
…وكذلك كثير من مذهبه يقول في الظاهر بقول أهل السنة مجملاً ثم عند التفسير والتفصيل يرجع إلى قول المعتزلة فالجاهل يقبله بما يظهره والعالم يجهره لما منه يخبره والضرر بهم أكثر منه بالمعتزلة لإظهار أولئك ومجاوبتهم أهل السنة وإخفاء هؤلاء ومخالطتهم أهل الحق . نسأل الله السلامة من كل برحمته .ا.ه
فعقيدة الأشاعرة فاقت المعتزلة خبثا  في كلام الله .
وفي كتاب اختصاص القرآن الكريم بعوده إلى الرحمن الرحيم لضياء الدين المقدسي :
أَخْبَرَنَا أَبُو أَحْمَدَ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدِ الله الْمَعْرُوف ب ابْن سُكَيْنَةَ الصُّوفِيُّ بِبَغْدَادَ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ المقرىء أَخْبَرَهُمْ قِرَاءَةً عَلَيْهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ مِنْ لَفْظِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ شَاذَانَ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَفِيرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ سِنَانٍ : مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْقُرْآنَ شَيْئَيْنَ أَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ حِكَايَةٌ فَهُوَ وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ زِنْدِيقٌ كَافِرٌ بِاللَّهِ هَذَا الْقُرْآنُ هُوَ الْقُرْآنُ الَّذِي أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَى مُحَمَّد لَا يُغَيَّرُ وَلَا يُبَدَّلُ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ( {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمثل هَذَا الْقُرْآن لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} ) الْإِسْرَاء 88 وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا حَلَفَ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ الْيَوْمَ ثُمَّ قَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ صَلَّى وَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ لَمْ يَحْنِثْ لَا يُقَاسُ بِكَلَامِ اللَّهِ شَيْءٌ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ لَيْسَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شَيْءٌ مَخْلُوقٌ وَلَا صِفَاتُهُ وَلَا أَسْمَاؤُهُ وَلَا عِلْمُهُ.ا.ه
ولدحض شبهات الأشاعرة في الكلام النفسي تراجع رسالة السجزي في إثبات الحرف والصوت فهي مفيدة في بابها.

قال إمام الفوزان في (الاعتصام) 2/843:( رؤية الله في الآخرة جائزة ، إذ لا دليل في العقل يدل على أنه لا رؤية إلا على الوجه المعتاد عندنا ، إذ يمكن أن تصح الرؤية على أوجهٍ صحيحةٍ ليس فيها اتصال أشعةٍ ولا مقابلة ولا تصور جهة ولا فضل جسم شفاف ولا غير ذلك ، والعقل لا يجزم بامتناع ذلك بديهة ، وهو إلى القصور في النظر أميل ، والشرع قد جاء بإثباتها فلا معدل عن التصديق).
والشاطبي بهذا يثبت الرؤية على طريقة الأشاعرة ومؤداها نفيها أصلا فقد قال ابن تيمية كما في الفتاوى الكبرى:
وَهُوَ أَنَّ الْفُضَلَاءَ إذَا تَدَبَّرُوا حَقِيقَةَ قَوْلِكُمْ الَّذِي أَظْهَرْتُمْ فِيهِ خِلَافَ الْمُعْتَزِلَةِ وَجَدُوكُمْ قَرِيبِينَ مِنْهُمْ أَوْ مُوَافِقِينَ لَهُمْ فِي الْمَعْنَى كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الرُّؤْيَةِ فَإِنَّكُمْ تَتَظَاهَرُونَ بِإِثْبَاتِ الرُّؤْيَةِ وَالرَّدِّ عَلَى الْمُعْتَزِلَةِ ثُمَّ تُفَسِّرُونَهَا بِمَا لَا يُنَازِعُ الْمُعْتَزِلَةَ فِي بَيَانِهِ، وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنْ الْفُضَلَاءِ فِي الْأَشْعَرِيِّ: إنَّ قَوْلَهُ قَوْلُ الْمُعْتَزِلَةِ وَلَكِنَّهُ عَدَلَ عَنْ التَّصْرِيحِ إلَى التَّمْوِيهِ..ا.ه
وفيه أنهم نفاة للرؤية على الحقيقة وأن ابن تيمية لا يصحح توبة الأشعري جزما كما يزعمه الفوزان وأشياعه .
وللشاطبي تحريفات كثيرة لصفات رب العالمين  ، وقوله في الإيمان موافق للجهمية وفي القدر موافق للشعرية الجبرية وله من الضلالات الكثير في كتابيه بينها ناصر الفهد في كتابه ومنه استفدت كلام الشاطبي ، لكنه مع بيانه لانحرافه أكثر الترحم عليه وهذا مما لا ينبغي .
وبعد هذا البيان تبين لكل منصف أن الكتابين لا ينصح بهما إلا من يغش الأمة ويدلها على حتفها خاصة مع التبجيل الذي يكنه الفوزان لمؤلفه الجهمي .
وكون من يسميهم علماء استفادوا منه مباحث فلا يعني سلامة الكتاب ولا وصفه بتلك الأوصاف الفخمة التي توهم السامع أنه لا غنى عنه وفيه من الكفريات ما ذكرت بعضه .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم

0 التعليقات:

إرسال تعليق