Pages

الأربعاء، 29 يناير 2014

لا يقول المأموم سمع الله لمن حمده خلف إمامه


بسم الله الرحمن الرحيم
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه الممتع (3/102) قوله:

ومأموم في رفعه ، أي: أنَّ المأمومَ يقول في حال الرَّفْعِرَبَّنا ولك الحمدُ أما الإِمامُ والمنفردُ فيقول في رَفْعِهِسَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه.
قولهفقط بمعنى: فحسب، يعني: لا يزيد على ذلك، فيقتصر على ذلك ويقفُ ساكتاً، والدَّليلُ قوله صلّى الله عليه وسلّم: (إذا قال الإِمامُ: سَمِعَ اللهُ لمن حِمِدَه؛ فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ) .
ولكن عند التأمل نجد أنَّ هذا القولَ ضعيفٌ، وأنَّ الحديثَ لا يدلُّ عليه، وأنَّ المأموم ينبغي أن يقول كما يقول الإِمامُ والمنفردُ، يعني: يقول بعد رَفْعِهِ: «مِلءَ السماوات وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد» وذلك لأن النبيَّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (إذا قال الإِمام: سمع الله لمن حمده؛ فقولوا: ربَّنا ولك الحمدُ) فَجَعَلَ قولَ المأموم: (رَبَّنا ولك الحمدُ) معادلاً لقول الإمام: (سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه)، والإِمام يقول: (سَمِعَ اللهُ لمَن حَمِدَه) في حال الرَّفْعِ، فيكون المأموم في حال الرَّفْعِ يقول: (رَبَّنا ولك الحمدُ)، أما بعد القيام فيقول: (مِلءَ السماوات...) إلخ لقوله صلّى الله عليه وسلّم: (صَلُّوا كما رأيتموني أُصلِّي) ) وهذا هو القول الرَّاجح في هذه المسألة..ا.ه
وما رجحه الشيخ رحمه الله هوقول مالك وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري وأحمد كما في التمهيد لابن عبد البر (6/150).
وفي شرح سنن ابن ماجه لمغلطاي(1486أن ذلك هو قول ابن مسعود وابن عمرو وأبي هريرة والشعبي ومالك وأحمد وغيرهم.
وفي الأوسط لابن المنذر (3/161): وقالت طائفة : إذا قال الإمامسمع الله لمن حمده ، فليقل من خلفه : ربنا ولك الحمد ، هذا قول عبد الله بن مسعود ، وابن عمر ، وأبي هريرة.
وقد أخرج ابن ابي شيبة في المصنف (2/458:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ سَلَمَةَ ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ ، قَالَ : إذَا قَالَ الإِمَامُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ ، قَالَ مَنْ خَلْفَهُ : اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ.
وهذا سند صحيح، فسفيان هو الثوري، وسلمة هو ابن كهيل ، وأبو الأحوص اسمه عوف بن مالك الجشمي وهو ثقة .وعبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه(2/167) :
عبد الرزاق عن بن عيينة عن ايوب السختياني قال سمعت عبد الرحمن بن هرمز الأعرج يقول سمعت أبا هريرة يقول إذا رفع الإمام رأسه من الركوع فقال سمع الله لمن حمده فقل ربنا لك الحمد .
وإسناده صحيح .وابن عيينة قال فيه الذهبي في الميزان:أجمعت الأمة على الاحتجاج به وكان يدلس ،لكن المعهود عنه أنه لايدلس إلا عن ثقة.

وأخرج ابن المنذر في الأوسط:(3/162):
حدثنا إسحاق عن عبد الرزاق عن ابن جريج قال :أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول: إذا كان مأموما فقال الإمام: سمع الله لمن حمده قال ابن عمر: اللهم ربنا لك الحمد.
قلت :إسناده حسن؛ فإسحاق هو ابن ابراهيم الدبري قال فيه الذهبي في المغني: صدوق .
وفي اللسان للحافظ (2/37):
وقال الدارقطني في رواية الحاكم صدوق، ما رأيت فيها خلافا، إنما قيل :لم يكن من رجال هذا الشأن ،قلت :ويدخل في الصحيح؟ قال أي والله.
وقد احتج بالدبري أبو عوانة في صحيحه وغيره .
وابن جريج قال فيه ابن المديني: وابن جريج أثبت في نافع من مالك . كما في تهذيب الكمال (18/348)
ومن استدل بحديث الأمر بالائتمام قال ابن المنذر  في الإشراف على نكت مسائل الخلاف (1/272):
فدل على أن الإمام لا يقولها ، ولأنه ذكر يقع على وجه المقابلة لكلام الغير فلم يشارك فيه التابع والمتبوع كتشميت العاطس ، ودليلنا على أن المأموم لا يقول سمع الله لمن حمده قوله عليه السلام (إنما جعل الإمام ليؤتم به ، فلا تختلفوا عليه ، فإذا ركع فاركعوا ...) إلى قوله :(وإذا قال سمع الله لمن حمده ؛ فقولوا : ربنا ولك الحمد) فيه دليلان:
أحدهما : أنه لم يقل فقولوا سمع الله لمن حمده.
والآخر : أنه قصد بيان وجه الإئتمام به وكيفيته ، و ما يفعل فيه مثل فعله وبما يفعل فيه بخلاف فعله.
ولأنه أضاف إلى كل واحد لفظا غير ما اضافه إلى صاحبه ؛ فالظاهر أنهما لا يشتركان فيه.
والله أعلم.وصلى الله على نبيه وسلم.


0 التعليقات:

إرسال تعليق