بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده وعلى آله وصحبه .أمابعد:
فإنه من لمن دواعي الغم أن يتجرأ حدثاء
الأسنان على كلام أئمة الإسلام بالرد والتعقيب بدعوى التحقيق ونفي التقليد ، وما
دخلهم الدخن إلا من التقليد لمن لا يستحقه ، وتركوا تقليد السلف الذي يدعون
اتباعهم زورا وبهتانا، وكثير ممن تصدى لتحقيق كتب السلف شوهها وأفسدها على قرائها
بزعمه تطبيق قواعد الحديث ، وكأن السلف جهلوا تلك المسلمات وانتبه له جهلة
المتأخرين ، وهذا الضرب كثير في من يدعي التحقيق وما هو إلا عبث بالتراث ، ومن
هؤلاء حدث غر أخرج لنا على حين غفلة لبعض كلمات قالها فجعل شيخا يسال ويجيب
السائلين ، بل ويحذر ممن يزعم أنه من المخالفين وهو أحق بالتحذير والتجديع ، وهذا
هو أبو مالك الرياشي وقد اطلعت على تحقيقه لكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد
رحمهم الله ، فوجدته عبث بالكتاب فأفسده من حيث أراد أن يحققه وهذا تنبيه لموضع من
عبثه ذلك ، واخترت هذا الموضوع لقلة من يعرف كلام السلف في مسألة جلوس الرب جل
وعلا، بل كثير من المتحذلقين ينفيها أصلا بحجة عدم النص ، وتغافل هؤلاء عن أقوال
ائمة السلف في إثبات ذلك ، وأوهموا الجهال أنهم متحررون من التقليد وهو واقعون في
خلاف السلف ، وداعون الناس لتقليد من لا يستحق ذلك.
قال الرياشي في تحقيقه
لكتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد تعليقا على اثر وكيع في إثبات الجلوس لله
سبحانه وتعالى وهو:
حَدَّثَنِي أَبِي، ناوَكِيعٌ،بحَدِيثِ إِسْرَائِيلَ ع نْ أَبِي
إِسْحَاقَ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ:
«إِذَاجَلَسَ الرَّبُّ عَزَّوَجَلّ عَلَى الْكُرْسِيِّ» فَاقْشَعَرَّ رَجُلٌ سَمَّاهُ
أَبِي عِنْدَ وَكِيعٍ فَغَضِب وكِيعٌ وَقَالَ: أَدْرَكْنَا الْأَعْمَشَ وَسُفْيَانَ
يُحَدِّثُونَ بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ لَا يُنْكِرُونَهَا.
فعلق الرياشي قائلا يتفاخر:
..وأما قصة الرجل مع وكيع فهي صحيحة؛
لأنها من طريق المصنف عن أبيه ، لكن فعل السلف ، وهو قبول الأحاديث في باب الصفات
، والعمل بها ، وعدم ردها ، إنما يكون إذا كانت صحيحة ، وأما إن كانت الأحاديث
ضعيفة أو باطلة فإنا نردها ولا نقبلها ولم يأت دليل صحيح فيه إثبات جلوس الرب عز
وجل على الكرسي ولا نفيه ، فالأولى السكوت عن هذه الصفة نفيا وإثباتا فيجب علينا
السكوت وعدم الخوض في ذلك.ا.ه
وهذا من أعجب العجب من هذا الغر المتعالم !
أيتجرأ مثله من
الأغمار على أئمة السلف وينفي ما أثبتوه وقبلوه ؟ أليس هذا من الطيش وقلة العقل ؟
كيف لأمر يرويه
عبدالله عن أبيه ، وينقل عن وكيع أن الأعمش وسفيان كانوا يحدثون به ولا ينكرونه ،
ثم يأتي هذا المتحذلق فيرد عليهم بأن الحديث ضعيف ، وأن إثبات الصفات يكون
بالأحاديث الصحيحة ، أفجهل هؤلاء البحث عن صحة الحديث حتى تأتي أنت أيها الغر
لتبين لهم ذلك ؟ أم هو التعالم وتقليد المتأخرين؟
قال شيخ الإسلام كما
في مجموع الفتاوى (16/ 435) :" وَمِنْ ذَلِكَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَلِيفَةَ
الْمَشْهُورُ الَّذِي يَرْوِي عَنْ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الْوَاحِدِ المقدسي فِي " مُخْتَارِهِ
". وَطَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ تَرُدُّهُ
لِاضْطِرَابِهِ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَابْنُ
الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ. لَكِنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ السُّنَّةِ قَبِلُوهُ.
وَفِيهِ قَالَ: ﴿إنَّ عَرْشَهُ أَوْ كُرْسِيَّهُ
وَسِعَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَإِنَّهُ يَجْلِسُ عَلَيْهِ فَمَا يَفْضُلُ
مِنْهُ قَدْرُ أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ أَوْ فَمَا يَفْضُلُ مِنْهُ إلَّا قَدْرُ
أَرْبَعَةِ أَصَابِعَ وَإِنَّهُ لَيَئِطُّ بِهِ أَطِيطَ الرَّحْلِ الْجَدِيدِ
بِرَاكِبِهِ﴾"، وهذه الأحاديث أقوى بكثير من
الأحاديث التي يعتمدها هؤلاء في باب التوسل وشد الرحال إلى القبور .
وقال الذهبي في كتاب
العرش(2/119):
ورواه أيضا عن أبيه،
حدثنا وكيع بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الله بن خليفة، عن عمر "إذا
جلس الرب على الكرسي" فاقشعر رجل سماه أبي عند وكيع، فغضب وكيع، وقال: أدركنا
الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها.
قلت: وهذا الحديث صحيح عند جماعة من المحدثين، أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه، وهو من شرط ابن حبانفلا أدري أخرجه أم لا؟، فإن عنده أن العدل الحافظ إذا حدث عن رجل لم يعرف بجرح، فإن ذلك إسناد صحيح.
فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري و الأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم الذين هم سُرُج الهدى ومصابيح الدجى قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره ونتحذلق عليهم؟، بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله عز وجل.
قال الإمام أحمد: "لا نزيل عن ربنا صفة من صفاته لشناعة شنِّعت وإن نَبَت عن الأسماع".
فانظر إلى وكيع بن الجراح الذي خلف سفيان الثوري في علمه وفضله، وكان يشبه به في سمته وهديه، كيف أنكر على ذلك الرجل، وغضب لما رآه قد تلون لهذا الحديث"
قلت: وهذا الحديث صحيح عند جماعة من المحدثين، أخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في صحيحه، وهو من شرط ابن حبانفلا أدري أخرجه أم لا؟، فإن عنده أن العدل الحافظ إذا حدث عن رجل لم يعرف بجرح، فإن ذلك إسناد صحيح.
فإذا كان هؤلاء الأئمة: أبو إسحاق السبيعي، والثوري و الأعمش، وإسرائيل، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو أحمد الزبيري، ووكيع، وأحمد بن حنبل، وغيرهم ممن يطول ذكرهم وعددهم الذين هم سُرُج الهدى ومصابيح الدجى قد تلقوا هذا الحديث بالقبول وحدثوا به، ولم ينكروه، ولم يطعنوا في إسناده، فمن نحن حتى ننكره ونتحذلق عليهم؟، بل نؤمن به ونكل علمه إلى الله عز وجل.
قال الإمام أحمد: "لا نزيل عن ربنا صفة من صفاته لشناعة شنِّعت وإن نَبَت عن الأسماع".
فانظر إلى وكيع بن الجراح الذي خلف سفيان الثوري في علمه وفضله، وكان يشبه به في سمته وهديه، كيف أنكر على ذلك الرجل، وغضب لما رآه قد تلون لهذا الحديث"
وقال الشيخ سليمان
بن سحمان في الضياء الشارق بعد أن نقل كلام الذهبي السابق في ص178 :" فإذا
ثبت هذا عن أئمة أهل الإسلام، فلا عبرة بمن خالفهم من الطغام أشباه الأنعام" ،
وهذا هو الجواب لك
ولكل ناعق مثلك بخلاف السلف بدعوى التحقيق، فالطغام لا عبرة بقولهم .
0 التعليقات:
إرسال تعليق