بسم الله الرحمن الرحيم
فقد أحالني أحد الإخوة على مقال لأحد صبيان المرجئة نشر في بعض
منتدياتهم ، وطلب مني بيان ما فيه ، فلما رايته فكرت في عدم الرد عليه لأني أعرف
الكاتب جيدا ، وأعرف مقداره في العلم والتحقيق ، حتى وإن كتب المطويات ونشرها بتقديم
بعض الحمقى المغفلين ، فالرجل جماع سارق محترف يعرفه من خبره وتعامل معه ، لكنه من
مصائب الأنترنت التي أخرجت لنا هؤلاء الجهلاء ، مصرين على أنهم طلاب علم ولا هم في
قبيل العلم ولا في دبيره ، ثم رأيت أنه من الواجب القيام بكشف جهله ونسف شبهاته ؛
لئلا تروج على الجهلاء من الناس فكان الكلام مختصرا على مقاله ذاك. وإني لم أذكر
اسمه تحقيرا لشأنه وتجهيلا لرأيه.
قال الكاتب:
مسألتان مهمتان جدا من لم يضبطهما صار حداديا لا محالة -إلا أن يكون مميعا، والحدادية هم المميعة!!-.
أولا: لابد من معرفة الفرق بين الزلة والانحراف، وضابط ذلك، ومتى تنقلب الزلة فتصير انحرافا.
وثانيا:لابد من معرفة الفرق بين الرد على أهل السنة وبين الرد على أهل البدعة.
فبالمسألة الأولى يستطيع أن يضبط تعامله مع أخطاء العلماء سواء كانت زلة أو انحرافا فعليه أولا أن يعلم أنه لم يسلم أحد بعد الأنبياء من الزلل، ولا يعني ذلك التسليم بها وقبولها بل يجب التحذير منها فزلة العالم يزل بها عالم كما قال شيخ الإسلام، ولكن الزلة تقع بلا عمد فإذا ذُكِّر عاد ورجع، أما إن أصر عليها ثم والى وعادى عليها ودعى الناس إليها فإن الأنحراف أصابه.
أولا: يقال لك أولا ليس هذا عشك
فادرجي.
ثانيا : من قال بهذا التقسيم المبتدع
من السلف؟ وليس مثلك من يعرف موارد السلف ولا مصادرهم، بل أقصى ما تصل إليه فتاوى
معاصرة تجمعها من هنا وهناك. وتجعلها مؤلفات تغريرا بالحمقى.
وإن أردت نقلت لك عن السلف عدم
تفريقهم بين الأمرين.
ثالثا: أشياخك الذين تريد الدفاع
عنهم بهذا التأصيل ، والو وعادوا على زلاتهم (كما تسميها) ، وإلا هي ضلال وانحراف
وبدع واضحة.
فربيع رمى من خالفوه وبينوا ضلاله
ووسمهم بأشنع الأوصاف من خوارج وقطبية وغيرها ، فهل هناك ولا أكبر من هذا؟
رابعا: كان عليك أن تفرق بين المسائل
الواضحة البينة التي لا تقبل الاجتهاد وهذه يبدع فيها المخالف مباشرة ، أما الجزئيات
والتي لها متعلق بالاجتهاد فهي من يشترط فيها الولاء والبراء لتصير بدعة .
فلو أنكر شخص العلو أيقال له زل أو
يقال انحرف على مقياسكم الإرجائي ؟
ولو أنكر شخص استحقاق الله للعبادة
أتسميه زلة أم انحرافا؟
ولو جحد رجل الصلاة أتسميه زلة أو
انحرافا؟
أنصحك بالتعلم قبل الكتابة فما مثلك
من يصلح لبيان هذه الأمور التأصيلية.
خامسا : من اشترط الدعوة للبدعة حتى
يوصف الواقع فيها بها ؟ ،وعلى تأصيلك الباطل لا يمكن تبديع شخص إلا بشروط صعبة
التحقق في الواقع. وتعامل السلف مع المخطئ بين واضح فقد بدعوا وجهموا بمسألة واحدة
دون نظر لهذه الشروط المبتدعة ألتي اخترعتموها لحماية رؤوسكم فقط.
وإلا لما تكلم السلف في ابن علية
لأجل كلمة واحدة ، وبعد توبته منها بقي وضيعا عندهم ؟ أهم حدادية عندكم على منهج
ربيع؟
وذلك أنه كان يحدث بحديث: (تجيء البقرة
وآل عمران يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما).
فقيل له: ألهما لسانان؟ قال: نعم؛ فكيف تكلما؟ فقيل: إنه يقول: القرآن مخلوق.
قال أحمد رحمه الله: "ما زال إسماعيل
وضيعاً من الكلام الذي تكلم به إلى أن مات".
وقال: "بلغني أنه أُدخل على محمد
بن هارون؛ فلما رآه زحف إليه، وجعل محمد يقول له: يا ابن؛ يا ابن تتكلم في القرآن؟ قال: وجعل إسماعيل يقول له: جعله
الله فداءه؛ زلة من عالم؛ جعله الله فداءه؛ زلة من عالم، وردده غير مرة، وفخم كلامه
كأنه يحكى إسماعيل؛ ثم قال: لعل الله أن يغفر له بها - يعني لمحمد بن هارون - ثم ردد
الكلام، وقال: لعل الله أن يغفر له لإنكاره على إسماعيل".
وسأله الفضل بن زياد: أليس قد رجع، وتاب
على رؤوس الناس؟ قال: "بلى ولكن ما زال مبغَضاً لأهل الحديث بعد كلامه ذاك؛ إلى
أن مات".
وانظر بعض مقالات أحمد فيمن خالف في
حديث الصورة
روى الخلال عن المروذي قال: أظن أني ذكرت
لأبي عبدالله عن بعض المحدثين بالبصرة أنه قال: على صورتة؛ أي صورة الطين قال: هذا
جهمي نسلم الخبر كما جاء.
وقال عبدالله بن أحمد رحمه الله:
"قال رجل لأبي: إن فلاناً يقول في حديث رسول الله: إن الله خلق آدم على صورته.؛
فقال: على صورة الرجل؛ فقال أبى: كذب، هذا قول الجهمية، وأي فائدة في هذا".
قال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة
(1/158) :" وقال زياد بْن أيوب سألت أَحْمَد بن حنبل عَنْ أبي ثور فقال: لا يجالس".
وقال ابن أبي يعلى في طبقات الحنابلة
(1/212) : "وقال زكريا بْن الفرج سألت عبد الوهاب غير مرة عَنْ أبي ثور فأَخْبَرَنِي
أن أبا ثور جهمي وذلك أنه قطع بقول أبي يَعْقُوب الشعراني حكى أنه سأل أبا ثور عَنْ
خلق آدم عَلَى صورته فقال: إنما هو عَلَى صورة آدم ليس هو عَلَى صورة الرحمن.
قَالَ زكريا فقلت: بعد ذلك لعبد الوهاب
ما تقول فِي أبي ثور فقال: ما أدين فيه إلا بقول أَحْمَد بن حنبل يهجر أَبُو ثور ومن
قَالَ: بقوله.
قال زكريا وقلت: لعبد الوهاب مرة أخرى
وقد تكلم قوم فِي هذه المسألة خلق اللَّه آدم عَلَى صورته فقال: من لم يقل إن اللَّه
خلق آدم عَلَى صورة الرحمن فهو جهمي".
وقال أيضاً في ( 1/309) : "وقال
حمدان سألت أبا ثور عَنْ قول النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:
" إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورته " فقال: عَلَى صورة آدم وكان هذا بعد ضرب
أَحْمَد بن حنبل والمحنة فقلت: لأبي طالب قل لأبي عَبْد اللَّهِ فقال: أبو طالب قال:
لي حمد بن حنبل صح الأمر عَلَى أبي ثور من قَالَ: إن اللَّه خلق آدم عَلَى صورة آدم
فهو جهمي وأي صورة كانت لآدم قبل أن يخلقه؟".
قال الخلال في السنة 530- وَأَخْبَرَنِي
زُهَيْرُ بْنُ صَالِحِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ
: سُئِلَ أَبِي وَأَنَا أَسْمَعُ , عَنْ مَنْ يُقَدِّمُ عَلِيًّا عَلَى عُثْمَانَ مُبْتَدِعٌ
؟ قَالَ : هَذَا أَهْلٌ أَنْ يُبَدَّعَ , أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ قَدِّمُوا عُثْمَانَ.
فهل نظر أحمد في الشروط التي وضعتها
بجهلك؟ أم بدع لعظم المخالفة ولم ينظر لا لأصوله السلفية كما يقال ، ولا لولائه
على زلته، ولا هل دعا إليها أم لا؟
فهل هؤلاء حدادية؟ أم أنت الجاهل
المجهول ؟
ثانيا: لابد من ضبط الفرق بين الرد على أهل السنة والرد على أهل البدع، نعم كل خطأ مردود على صحابه مهما علا قدره أو كانت منزلته، لكن هناك فروقا في طريقة الرد
فمن ذلك:
* أن أهل البدع يرد عليهم ويقصد به – أي: الرد - التنفير عنهم وعن بدعهم، فلا تذكر لهم حسنة أما أهل السنة فإنما يحذر من خطئهم ولا ينفر عنهم بل تحفظ مكانتهم، وقد خطب عمار بن ياسر في أهل العراق قبل وقعة الجمل ليكفهم عن الخروج مع أم المؤمنين عائشة من غير إسقاطها فقال: "والله إنها لزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة، لكن الله ابتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي؟!".
وأن
أهل البدع يجب هجرهم وحفظ النفس من مخالطتهم بأي صورة كانت، أما أهل السنة فلا يُنبذون
ولا يُهجرون بل يناصحون وتحفظ منزلتهم.
تبا لك ولمن ترك لك الجو لتنشر دجلك
وغباءك بين الناس.
أفتعرض بعائشة أم المؤمنين لبيان كيفية رد الخطأ؟
ألنصرة شيخك المرجئ تلجأ لطرق الشيعة الخبيثة؟
شل الله لسان من يعرض بأم المؤمنين
رضي الله تعالى عنها.
أما وجدت في سير السلف ما تمثل به
لجهلك فهجمت على أمنا؟
أما تدري أيها الأحمق الجهول أن
أصحاب النبي عليه السلام لا تذكر مساويهم ومن ذكرها فهو على غير هدى وسبيل ؟
قال الكرماني في إجماع السلف في
الاعتقاد 70:
ومن السنة الواضحة البينة الثابتة
المعروفة ذكر محاسن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم أجمعين ، والكف ع ذكر
مساويهم والخلاف الذي شجر بينهم فمن سب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو
أحدا منهم ، أو تنقصه أو طعن عليهم ، أو عرض بعيبهم أو عاب أحدا منهم بقليل أو
كثير ، أو دق أو جل مما يتطرق به إلى الوقيعة في أحد منهم ، فهو مبتدع رافضي خبيث
مخالف لا قبل الله صرفه ولا عدله.ا.ه
أما باقي هراءك فيقال لك:
أولا : عليك ذكر الضابط الدقيق الذي
يميز خطأ أهل السنة من غيرهم من أقوال السلف وآثارهم ، وبعدها يستقيم لك البناء إن
كنت أهلا.
ثانيا: بين من أقوال السلف المعتبرين
أن العالم إذا أخطأ تحفظ كرامته ، ولا تأتي بكلام الذهبي فقد طن آذاننا تكراره ،
وليس من أهل البصيرة كما وصفه الشيخ ابن باز رحمه الله.
بل لو قال قائل أن رد خطأ من انتسب
للسنة يكون أشد لما أبعد ، لأن المبتدع ينفر منه أهل السنة أما السني فإن زل زلت
معه فئام من الناس .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
كما في (مجموع الفتاوى 8/ 422): "فالعالم قد يتكلم بالكلمة التي يزل فيها؛ فيفرع
أتباعه فروعًا كثيرة"اهـ
0 التعليقات:
إرسال تعليق