Pages

الاثنين، 22 يونيو 2015

كشف شبهات المدخلي الخلفية _2_



بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتبع هداه. أما بعد:

فهذا الجزء الثاني من كشف شبهات المدخلي وسيأتـي الجزء الثالث بعده إن شاء الله
قال المدخلي:
أقوال أئمة السنة في العذر بالجهل:
الإمام الشافعي -رحمه الله-. قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (13/407): (وأخرج ابن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يقول لله أسماء وصفات لا يسع أحدًا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا الرؤية والفكر فنُثبت هذه الصفات ونَنفي عنها التشبيه كما نفى عن نفسه فقال: {ليس كمثله شيء}). ونقل هذا النص الحافظ الذهبي في "سير أعلام النبلاء" (10/79-80) وفيه بعض الزيادات.
كلام الشافعي ليس عاما بل في بعض الأسماء والصفات ، بدليل قوله لله أسماء ، ولو أراد العموم لقال أسماء الله وصفاته لا يسع أحد ردها.
فهو عربي قرشي لا يعجز عن التعبير بذلك ، لكنه لجأ لنكتة ، وهي أن هناك أسماء وصفات لا يعذر أحد بالجهل فيها.
وعلى فرض صحة فهمك فأين هذا من الشرك الذي بينه الله في كتابه أتم بيان.
وأين أنت من كلامه الواضح في الرسالة ص357 تحقيق أحمد شاكر ط دار الكتب العلمية:
فقال لي قائل ما العلم وما يجب على الناس في العلم فقلت له العلم علمان علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله قال ومثل ماذا  قلت مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت غذا استطاعوه وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان في معنى هذا مما كلف العباد أن يعقلوه ويعملوه ويعطوه من أنفسهم وأموالهم وأن يكفوا عنه ما حرم عليه منه  وهذا الصنف كله من العلم موجودا نصا في كتاب الله وموجودا عاما عند أهل الاسلام ينقله عوامهم عن من مضى من عوامهم يحكونه عن رسول الله ولا يتنازعون في حكايته ولا وجود به عليهم وهذا العلم العام الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر ولا التأويل ولا يجوز فيه التنازع.ا.ه المراد
فهل التوحيد من هذا الضرب من العلم أم هو من علم الخاصة؟ وقد قامت عليه أدلة العقل والفطرة ؟
وقال الجهول :
وقال الإمام البغوي -رحمه الله- في "شرح السنة" (1/228) : (وأجاز الشافعي شهادة أهل البدع، والصلاة خلفهم مع الكراهية على الإطلاق، فهذا القول منه دليل على أنه إن أطلق على بعضهم اسم الكفر في موضع أراد به كفرا دون كفر، كما قال الله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}).
أولا :البغوي فيه تمشعر فوصفه بالإمامة طرد لأصول المدخلي في التجهم .
وهو القائل:
قال الخطابي : ومعنى الكلام أنه لم يطلع الخلق من جلال عظمته إلا على مقدار ما تطيقه قلوبهم ، وتحتمله قواهم ، ولو أطلعهم على كنه عظمته ، لانخلعت أفئدتهم ، وزهقت أنفسهم ، ولو سلط نوره على الأرض والجبال ،لاحترقت وذابت ، كما قال في قصة موسى عليه السلام : ) فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا ( [ الأعراف : 143 ].ا.ه المراد
وقال:
وذكر أبو سليمان الخطابي على هذا الحديث : أن الكيفية عن الله وعن
صفاته منفية ، وإنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله وجلاله
من حيث يدركه فهم السائل.
ومعنى قوله : " أتدري ما الله ؟ " معناه : أتدري ما عظمة الله
وجلاله. وقوله : " إنه ليئط به " معناه : ليعجز عن جلاله وعظمته حتى يئط به أن كان معلوما أن أطيط الرحل بالراكب إنما يكون لقوة
ما فوقه ، ولعجزه عن احتماله ويقرر بهذا النوع ، من التمثيل عنده معنى عظمة الله وجلاله ، وارتفاع عرشه ، ليعلم أن الموصوف بعلو الشأن ، وجلالة القدر لا يجعل شفيعا إلى من هو دونه ، تعالى الله عن أن يكون مشبها بشيء ، أو مكيفا بصورة خلق ، أو مدركا بحد ) ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (.
وانظر نفيه الحد وهو من أصول الجهمية. قال ابن المبارك رحمه الله:
نعرف ربنا عز و جل فوق سبع سموات على العرش بائن من خلقه بحد ولا نقول كما قالت الجهمية ها هنا وأشار بيده إلى الأرض.ا.ه
قال الشيخ رحمه الله : والواجب فيه وفي أمثاله : الإيمان بما جاء
في الحديث ، والتسليم ، وترك التصرف فيه بالعقل ، والله الموفق.ا.ه
ومعلوم أن الخطابي محرف لبعض صفات الله .
وقال عند شرح حديث محاجة موسى لآدم عليهما السلام :
وأما حكم الذي تنازعاه ، فهما فيه على السواء ، لا يقدر أحد أن يسقط الأصل الذي هو القدر ، ولا أن يبطل الكسب الذي هو السبب ، ومن فعل واحدا منهما ، خرج عن المقصد إلى أحد الطرفين : إلى مذهب القدر أو الجبر.ا.ه
وقال:
 فالعبد له كسب ، وكسبه مخلوق يخلقه الله حالة ما يكسب ، والقدر سر من أسرار الله لم يطلع عليه ملكا مقربا ،ولا نبيا مرسلا ، لا يجوز الخوض فيه ، والبحث عنه بطريق العقل ،بل يعتقد أن الله سبحانه وتعالى خلق الخلق ، فجعلهم فريقين : أهل يمين خلقهم للنعيم فضلا ، وأهل شمال خلقهم للجحيم عدلا.ا.ه
وهذا مذهب الأشاعرة في القدر وقولهم بالكسب المزعوم.
وقال عن صفات الله:
وعلى هذا مضى سلف الأمة ، وعلماء السنة ، تلقوها جميعا بالإيمان
والقبول ، وتجنبوا فيها عن التمثيل والتأويل ، ووكلوا العلم فيها إلى الله
عز وجل .ا.ه
وهذا ظاهره تفويض معاني الصفات وهو مسلك بعض الأشعرية.
فالاعتداد بنقل من هذا حاله مغالطة، خاصة أنه لم يسنده ولا ذكر مصدره وغالب الظن أنه فهمٌ منه بناء على أصوله البدعية.
ثانيا: ليس في كلام البغوي أي فائدة في موضوع العذر بالجهل والشافعي يكفر الجهمية والرافضة بلا شك فالذين نقلوا الإجماع كثر , ويدخل الشافعي في المجمعين ولا يظن به مخالفة السلف رحمه الله، وتكفيره حفصا الفرد مشهور فلم الكذب؟
وقال المدخلي:
2- مواقف الإمام أحمد من المعتصم وغيره ممن ظلمه في المحنة بخلق القرآن. تقدّم إيراد مواقفه (ص4) وما بعدها من هذا الرد.
سبق الجواب عن أباطيله فيها.
ثم قال ملبسا:
3- وقال الإمام البخاري -رحمه الله- في "خلق أفعال العباد" (ص526): (نَظَرْتُ فِي كَلامِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسِ فَمَا رَأَيْتُ قوماً أَضَلَّ فِي كُفْرِهِمْ مِنْهُمْ، وَإِنِّي لأَسْتَجْهِلُ مَنْ لا يُكَفِّرُهُمْ إِلا مَنْ لا يَعْرِفُ كُفْرَهُمْ). فالإمام البخاري مع شدته في تكفير الجهمية لم يبدع من لم يكفر الجهمية من أهل العلم، وإنما استجهلهم واستثنى من لا يعرف كفرهم، فلم يطعن فيهم، ولم يبدعهم، بل عذرهم بسبب جهلهم.
ويقال إن البخاري يكفر الجهمية وجعل كفرهم من أعظم الكفر ولم يعذرهم بالجهل كما تفعل أنت ومريديك مع عبدة الأوثان ، وإن كنت تتكلم عن تكفير العاذر فكفر المشركين أولا ليتسنى لك البحث في الثانية.
ثم تجهيل من لم يكفرهم لا ينفي عنه البدعة ولا الكفر بإطلاق فلا دلالة في كلامه على فهم المدخلي، ومعروف عن البخاري لطف عبارته في الجرح فلعل هذه منها ، ويؤيد ذلك ما نقله في الكتاب من تكفير الجهمية بعبارات شتى ، ولا يعقل أن يجعل كفرهم من أعظم الكفر ثم يعذر من لم يكفرهم وهو عالم بكفرهم.
ومن لا يعرف كفر الجهمية فلا مدخل له هنا فلا عبرة بكلام المدخلي.
وقال أيضا:
وقال -رحمه الله- في (ص627): (وَكُلُّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ -عز وجل- بِكَلامِهِ أَنَّهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ, فَإِنَّهُ يُعَلَّم، وَيُرَدُّ جَهْلُهُ إِلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَمَنْ أَبَى بَعْدَ الْعِلْمِ بِهِ كَانَ مُعَانِدًا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}، وَلِقَوْلِهِ: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}).
ففي هذا الكلام أن الإمام البخاري -رحمه الله- يعذر بالجهل وأنه لا يُكفر الجاهل إلا بعد أن يُعلَّم بنصوص الكتاب والسنة وأنه إن أبى وعاند وأصرَّ على هذا الاعتقاد الكفري فحينئذ يُكفر لأنه أُقيمت عليه الحجة، ولقد ساق الآيتين الكريمتين لبيان أنهما تضمنتا الإعذار بالجهل، وهذا التقرير العلمي الصحيح من هذا الإمام لا يقبله هذا الجهول المتهور ولا إخوانه الحدادية الجهلاء.
والجواب:
سبق بيان أنه يكفرهم ويجهل من لا يكفرهم ، وكلام البخاري هذا كان في حال كلامه عن مسألة اللفظ وفهم كلام أحمد فلا يدخل فيه من قال بخلق القرآن لأنه حكم بكفرهم في أول كتابه ونقل تكفيرهم عن غيره.
وأين أنت من قوله رحمه الله: ما أبالي صليت خلف الجهمي الرافضي أم صليت خلف اليهود والنصارى، ولا يسلم عليهم، ولا يعادون، ولا يناكحون، ولا يشهدون، ولا تؤكل ذبائحهم.
وهذا تكفير لأعيانهم بلا ريب ولم يشترط قيام الحجة.
وسياق كلام البخاري يبين أنك لا تفهم مقصد كلامه ولا ما يريده رحمه الله.
ومما يؤكد ذلك ما نقله الكرماني من إجماع السلف على تكفير من لم يكفر الجهمية ولا شك أن البخاري داخل فيمن أدركهم الكرماني .
ويؤكده نقل الرازيين الإجماع على تكفير من لم يكفر من قال القرآن مخلوق وأن ذلك ما أدركا عليه العلماء والبخاري منهم بلا شك .
وتكفير من لم يكفر الجهمية يكون بعد قيام الحجة لا قبلها ليتسنى الجمع بين أقوال السلف.
ثم قال المدخلي :
4- قال الإمام اللالكائي -رحمه الله- في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" (1/176): (اعتقاد أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم وأبي حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الرازيين وجماعة من السلف ممن نقل عنهم -رحمهم الله-). ثم ساق اعتقاد هذين الإمامين ومن ذُكر معهم من جماعة السلف إلى (ص178).
ثم قال اللالكائي في (1/178-179) ناقلاً عنهم: (ومن زعم أن القرآن مخلوق فهو كافر بالله العظيم كفرا ينقل عن الملة، ومن شك في كفره ممن يفهم فهو كافر، ومن شك في كلام الله عز وجل فوقف شاكاً فيه يقول: لا أدري مخلوق أو غير مخلوق فهو جهمي، ومن وقف في القرآن جاهلا علم وبدع ولم يكفر. ومن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي أو القرآن بلفظي مخلوق فهو جهمي). انظر إلى تفريق هؤلاء الأئمة بين العالم وبين الجاهل، فكفّروا من يعلم ومن لم يُكفره ممن يفهم، ثم قالوا: (ومن وقف في القرآن جاهلا عُلِّم وبُدِّع ولم يُكفَّر).
فما رأي عماد فراج والحدادية في هؤلاء الأئمة الذين يعذرون بالجهل فلم يُكفِّروا من يجهل أن القرآن كلام الله غير مخلوق؟!
والجواب:
في كلام الرازيين تكفير لكل من قال القرآن مخلوق فلا أدري أين العذر بالجهل ؟ إلا إن كان المدخلي لا يفرق بين الواقفة وبين المخلوقية ؟
ومن شك في كفر الجهمي فإن كان ممن يفهم فهو كافر كما قالا ، وإن كان غير ذلك فيكفر بعد قيام الحجة وليست المسألتين سواء..
ومما يؤكد أنهما ينقلان الإجماع على عدم العذر لمن قال بخلق القرآن التفريق بين هذا وبين من وقف جاهلا ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق فهذا الذي يعذر فلا يكفر لكن يبدع رغم جهله فانتبه لهذه.
ومسألة الوقف غير مسألة القول بخلق القرآن فقد فرق بينهما أحمد رحمه الله كما في السنة للخلال وعلق التكفير بقيام الحجة على صورة واضحة لا على طريقتكم العائمة حيث قال:
وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مَنْ وَقَفَ، لَا يَقُولُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ؟ قَالَ: أَنَا أَقُولُ: كَلَامُ اللَّهِ. قَالَ: " يُقَالَ لَهُ: إِنَّ الْعُلَمَاءَ يَقُولُونَ: غَيْرُ مَخْلُوقٍ، فَإِنْ أَبَى فَهُوَ جَهْمِيٌّ "
وفيه:
أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ , قَالَ : سَمِعْتُ أَبِي يُسْأَلُ عَنِ الْوَاقِفَةِ , قَالَ أَبِي : مَنْ كَانَ يُخَاصِمُ وَيَعْرِفُ بِالْكَلاَمِ , فَهُوَ جَهْمِيٌّ , وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْ بِالْكَلاَمِ , يُجَانَبُ حَتَّى يَرْجِعَ , وَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عِلْمٌ , يَسْأَلُ وَيَتَعَلَّمُ.
وهذا في صنف من الواقفة وليس كل واقفي بدليل كلام أحمد السابق.
فكونك تقرر عدم تكفير كل من قال القرآن مخلوق ابتداء  ثم تستدل بكلام السلف في الواقفة دليل على فقدك الحجة وأنك صرت تهرف بما لا تعرف وليس هذا منك بجديد والمسألة تحتمل التطويل ويكفي لفهمها ما نقل باختصار.
ثم قال:
5- وقال الإمام الحافظ قوام السنة أبو القاسم إسماعيل بن محمد في كتابه "الحجة في بيان المحجة" (2/511): (ومن تعمد خلاف أصل من هذه الأصول وكان جاهلاً لم يقصد إليه من طريق العناد فإنه لا يكفر، لأنه لم يقصد اختيار الكفر ولا رضي به وقد بلغ جهده فلم يقع له غير ذلك، وقد أعلم الله سبحانه أنه لا يؤاخذ إلا بعد البيان، ولا يعاقب إلا بعد الإنذار فقال تعالى: {وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم} فكل من هداه الله عز وجل ودخل في عقد الإسلام فإنه لا يخرج إلى الكفر إلا بعد البيان).
أ‌- مراده بالأصول الكتاب والسنة والإجماع التي يقطع بها العذر. وقد ذكر قبل هذا النص تكفير من تعمّد مخالفة واحد منها.
ب‌- فانظر إلى هذا الإمام كيف يعذر بالجهل، مستدلاً بالآية الكريمة وأن المسلم لا يخرج من الإسلام إلا بعد البيان، يريد إقامة الحجة عليه.
بترت النقل عن الشيخ نصرة لباطلك  فما قبل هذا الكلام ينسف أصلك كله حيث يقول : المتأول إذا أخطأ وكان من أهل عقد الإيمان نُظِرَ في تأويله فإن كان قد  تعلق بأمر يفضي به إلى خلاف بعض كتاب الله ، أو سنة يقطع بها العذر ، أو  إجماع فإنه يكفر ولا يعذر . لأن الشبهة التي يتعلق بها من هذا ضعيفة لا  يقوى قوة يعذر بها لأن ما شهد له أصل من هذا الأصول فإنه في غاية  الوضوح والبيان فلما كان صاحب هذه المقالة لا يصعب عليه درك الحق ، ولا  يغمض عنده بعض موضع الحجة لم يعذر في الذهاب عن الحق ، بل عمل  خلافه في ذلك على أنه عناد و إصرار .ا.ه
والشرك شهد بقبحه الكتاب والسنة والإجماع والعقل والفطرة فكيف يعذر صاحبه؟
 وقد بين الله التوحيد أتم بيان وأوضحه لكن الناس أتو من جهة الإعراض لا من جهة الجهل كما تزعم، فعلى قول الشيخ شهادة أصل من هذه الأصول تجعل الأمر في غاية الوضوح والبيان فكيف بمن شهدت له الأصول كلها؟
فإن قلت كلام الشيخ الأول عن العالم المتأول حاججناك بدفاعك عن ابن حجر والنووي وابن الجوزي وأضرابهم ممن تأولوا خلاف السنة والإجماع بتأويلات باردة لا تقبلها الفطر السليمة.
ومهما يكن جوابك على ذلك فأنت مخالف لكلام الشيخ.
وقد نقل قوام السنة عن أبي الشيخ قوله:
..ومن زعم أن القرآن أو  بعضه ، أو شيئاً من مخلوق ، فلا يشك فيه عندنا وعند أهل العلم من أهل السنة  والفضل والدين أنه كافر كفراً انتقل به عن الملة ومن زعم أن القرآن كلام الله  ووقف ولم يقل غير مخلوق فهو جهمي أخبث قولاً من الأول وشر منه ، ومن قال : لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق فهو جهمي ، ومن شك في كفر من قال :  القرآن مخلوق بعد علمه وبعد أن سمع من العلماء المرضيين ذلك فهو مثله ،.ا.ه المراد
فأيم محل العذر بعد السماع؟
والمشركين يسمعون كتاب الله وسنة نبيه عليه السلام لكنهم معرضون مقلدون لرؤوس الضلال في كفرهم ، والله جعلهم تبع لهم في الحكم كما في نصوص كثيرة.

ثم قال المدخلي:
6- وقال الإمام ابن قدامة -رحمه الله- في كتابه "المغني" (12/276-277): (فصل: ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر لما ذكرنا في تارك الصلاة، وإن استحل قتل المعصومين وأخذ أموالهم بغير شبهة ولا تأويل فكذلك، وإن كان بتأويل كالخوارج فقد ذكرنا أن أكثر الفقهاء لم يحكموا بكفرهم مع استحلالهم دماء المسلمين وأموالهم وفعلهم لذلك متقربين به إلى الله تعالى. وكذلك لم يحكم بكفر ابن ملجم مع قتله أفضل الخلق في زمنه متقربا بذلك، ولا بكفر المادح له على هذا المتمني مثل فعله فإن عمران بن حطان قال فيه يمدحه لقتل علي:
يا ضربة من تقي ما أراد بها ... إلا ليبلغ عند الله رضوانا
إني لأذكره يوما فأحسبه ... أوفى البرية عند الله ميزانا
وقد عُرف من مذهب الخوارج تكفير كثير من الصحابة ومن بعدهم واستحلال دمائهم وأموالهم واعتقادهم التقرب بقتلهم إلى ربهم ومع هذا لم يحكم الفقهاء بكفرهم لتأويلهم وكذلك يخرج في كل محرم استحل بتأويل مثل هذا وقد روي أن قدامة بن مظعون شرب الخمر مستحلا لها فأقام عمر عليه الحد ولم يكفره وكذلك أبو جندل بن سهيل وجماعة معه شربوا الخمر بالشام مستحلين لها مستدلين بقول الله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا} الآية فلم يكفروا وعرفوا تحريمها فتابوا وأقيم عليهم الحد فيخرج فيمن كان مثلهم مثل حكمهم وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك). أقول: وعلي -رضي الله عنه- لم يُكفِّر الخوارج مع أنهم خرجوا عليه، وكفروه وغيره من الصحابة وغيرهم.
ابن قدامة قيد العذر بأمور لا تتقيد بها أنت حيث قال:
ومن اعتقد حل شيء أجمع على تحريمه وظهر حكمه بين المسلمين وزالت الشبهة فيه للنصوص الواردة فيه كلحم الخنزير والزنا وأشباه هذا مما لا خلاف فيه كفر لما ذكرنا في تارك الصلاة.ا.ه
والشرك أظهر من حرمة الزنا ولحم الخنزير والشبهة فيه ضعيفة لاستقرار قبحه في الفطر والعقول السليمة ، إلا إن كنت ترى الزنا أعظم من الشرك وأدلته أقل فذاك شأن آخر.
ثم قال ابن قدامة في آخر كلامه:
وكذلك كل جاهل بشيء يمكن أن يجهله لا يحكم بكفره حتى يعرف ذلك وتزول عنه الشبهة ويستحله بعد ذلك.ا.ه
والشرك ليس مما يمكن أن يجهل فلا يدخل في كلام ابن قدامة البتة لكنك متعسف في فهم كلام أهل العلم بله حتى النصوص.
ثم قال :
قال ابن الوزير في (إيثار الحق على الخلق) (ص393-395) خلال كلامه في العفو عن الخطأ: (الوجه الثالث: أنها قد تكاثرت الآيات والأحاديث في العفو عن الخطأ والظاهر أن أهل التأويل أخطأوا ولا سبيل إلى العلم بتعمدهم لأنه من علم الباطن الذي لا يعلمه إلا الله تعالى قال الله تعالى في خطاب أهل الاسلام خاصة: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} وقال تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} وصح في تفسيرها أن الله تعالى قال: قد فعلت في حديثين صحيحين، أحدهما عن ابن عباس والآخر عن أبي هريرة وقال تعالى: {ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون} فقيد ذمهم بعلمهم وقال في قتل المؤمن مع التغليط العظيم فيه: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} فقيد الوعيد فيه بالتعمد وقال في الصيد {ومن قتله منكم متعمدا} وجاءت الأحاديث الكثيرة بهذا المعنى كحديث سعد وأبي ذر وأبي بكرة متفق على صحتها فيمن ادعى أبا غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فشرط العلم في الوعيد ومن أوضحها حجة حديث الذي أوصى لإسرافه أن يحرق ثم يذري في يوم شديد الرياح نصفه في البر ونصفه في البحر حتي لا يقدر الله عليه ثم يعذبه ثم أدركته الرحمة لخوفه، وهو حديث متفق على صحته عن جماعة من الصحابة منهم حذيفة وأبو سعيد وأبو هريرة بل رواته منهم قد بلغوا عدد التواتر كما في جامع الاصول ومجمع الزوائد وفي حديث حذيفة أنه كان نباشا وإنما أدركته الرحمة لجهله وإيمانه بالله والمعاد لذلك خاف العقاب، وأما جهله بقدرة الله تعالى على ما ظنه محالا فلا يكون كفرا إلا لو علم أن الأنبياء جاؤا بذلك وأنه ممكن مقدور ثم كذبهم أو أحدا منهم لقوله تعالى: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} وهذا أرجى حديث لأهل الخطأ في التأويل ويعضد ما تقدم بأحاديث أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء وهي ثلاثة أحاديث صحاح ولهذا قال جماعة جلة من علماء الاسلام أنه لا يكفر المسلم بما يندر منه من ألفاظ الكفر إلا ان يعلم المتلفظ بها أنها كفر..... ومما يقوي العفو عن أهل الخطأ أنه قد يكون في الأدلة ومقدماتها ولذلك كان المشهور في القتلى في فتن الصحابة سقوط القصاص كما هو المشهور في سيرة على عليه السلام كما تقدم وروي الشافعي عن الزهري أنه قال أدركت الفتنة الأولى في أصحاب رسول الله وآله وكانت فيها دماء وأموال فلم يقتص فيها من دم ولا مال ولا قدح أصيب بوجه التأويل إلا أن يوجد مال رجل بعينه فيدفع إلى صاحبه. قال ابن كثير في إرشاده وهو ثابت عن الزهري وهو عام في أهل العدل والبغي وإن واحدا من الفريقين لا يضمن للآخر شيئا وهو الذي صححه الشيخ أبو إسحاق من قولي الشافعي فدل على دخول الخطأ في أفعال القلوب كأفعال الخوارج كما هو واضح في قوله تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم} وكذلك قوله تعالى في سورة النحل: {إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم} فقوله في هذه الآية الكريمة: {ولكن من شرح بالكفر صدرا} يؤيد أن المتأولين غير كفار لأن صدورهم لم تنشرح بالكفر قطعا أو ظنا أو تجويزا أو احتمالا. وقد يشهد لهم بذلك كلام أمير المؤمنين عليه السلام وهو الصادق المصدوق في المشهور عنه حيث سئل عن كفر الخوارج فقال: من الكفر فروا، فكذلك جميع أهل التأويل من أهل الملة وإن وقعوا في أفحش البدع والجهل فقد علم منهم أن حالهم في ذلك هي حال الخوارج).
1- تأمل قول ابن الوزير: (الوجه الثالث أنها قد تكاثرت الآيات والأحاديث في العفو عن الخطأ...)الخ، واستدلاله مرة أخرى بالآيتين، والأحاديث بعدهما.
2- وانظر إلى قوله: (فشرط العلم في الوعيد)، يشير إلى العذر بالجهل.
3- وانظر إلى قوله: (ومن أوضحها حجةً حديث الذي أوصى لإسرافه أن يحرق ويذرى في يومٍ شديد الرياح نصفه في البر ونصفه في البحر) إلى قوله: (ثم أدركته الرحمة لخوفه، وإن رواة هذا الحديث بلغوا حد التواتر) وانظر إلى قوله: (وهذا أرجى حديث لأهل التأويل).
4- وتأمل بقية استدلالاته وسوقه لكلام العلماء في العفو عن أهل التأويل.
5- وانظر إلى قوله: (وقد يشهد لهم بذلك كلام أمير المؤمنين رضي الله عنه وهو الصادق المصدوق...) إلى قوله: (هي حال الخوارج).
لن أطيل الكلام في رد كلام ابن الوزير لسببين :
أولهما : لأن الرجل ضال مضل وله جهالات في كتابه ليس هذا وقت بيانها.
ثانيهما : يرد عليك قوله نفسه في كتاب الروض الباسم (2/509):
ولا شكّ أن من شكّ في كفر عابد الأصنام وجب تكفيره, ومن لم يكفّره, ولا علّة لذلك إلا أنّ كفره معلوم من الدّين ضرورة. ا.ه
فإما أن ترجح بين قوليه بدليل علمي صريح ولا شك أن الثاني أرجح لموافقته نصوص الكتاب والسنة، وإما أن يتساقط الكلام لتعارضه فلا حاجة لنا به حينها ويكفي ما سبق.
وقال المدخلي أيضا:
فتراهم يكفرون أهل السنة؛ لأنهم يعذرون بالجهل.
سبق البيان أن من لم يكفر الكافر فهو كافر لأنه مكذب لله ولرسوله ، وأنها قاعدة سلفية ليست من صنع من تسميهم حدادية كذبا وزورا .
وقبل أن أختم أفيدك بكلام الملطي في الرد والتنبيه حيث قال :
فأما الذي يكفر فيه معتزلة بغداد معتزلة البصرة فالقول في الشاك والشاك في الشاك ومعنى ذلك أن معتزلة بغداد والبصرة وجميع أهل القبلة لا اختلاف بينهم أن من شك في كافر فهو كافر لأن الشاك في الكفر لا إيمان له لأنه لا يعرف كفرا من إيمان فليس بين الأمة كلها المعتزلة ومن دونهم خلاف أن الشاك في الكافر كافر.
وختم مقاله الساقط بقوله:
ألا يرى القارئ المنصف أن هذا الأصل الحدادي (تكفير من يعذر بالجهل) ينطبق على الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام وقد ينطبق على رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو عمدة الصحابة فمن بعدهم.
هذا تهويل لا يستحق الرد وهو أشبه بعويل النسوان فلا ينفعك ولا يروج إلا على الدهماء الذين يعبدونك .
وصلى الله وسلم على نبيه محمد


0 التعليقات:

إرسال تعليق