Pages

الثلاثاء، 7 يناير 2014

نقض اعتراض لعويسي على كلام الفوزان


بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وكفي والصلاة والسلام على النبي المصطفى وعلى آله وصحبه ومن اقتفى وبعد:

 فقد قرأت تعليقا لأبي بكر يوسف لعويسي حول حديث دخل الجنة رجل في ذباب ، نقل فيه كلاما للشيخ الألباني في تضعيفه، ثم إنه اعترض على كلام للعلامة الفوزان حول دخول الرجل النار بسبب الذباب فرايت أعتراضه بعيدا عن الحقيق العلمي بل هو محض تقليد لا يعترض بمثله عن قول الشيخ حفظه الله وفي هذه العجالة بيان لبعض ما في مقاله بإيجاز قال في مقاله:

لمّا أنزلت هذا التعليق من كلام الشيخ العلامة الألباني رحمه الله أنزل أحدهم جوابا للشيخ الفوزان حفظه الله وفيه :نص السؤال معالي الشيخ ، يقول :قد علمنا خطر الشرك وأنه ظلم عظيم، ولكن أشكل علي أمر الرجل الذي من بني إسرائيل الذي قرب ذبابا فدخل النار بسبب لم يقصده، بل فعله تخلصا من شر ذلك الخوف ، سؤالي: أليس هذا يكون إكراها أم لا ؟ ومتى يكون إكراها ؟ هل هو في الأفعال والأقوال أم (1) لأن هذا شرك ،وإنما قال ليس عندي شيء أقرب ، معناه أنه سلم ، أن الرجل سلم ،(أيش الفائدة)(2) لكن ما عندي شيء ، قالوا له أذبح ولو ذباب ، فهو سلم للذبح لغير الله ، فلذلك دخل النار . نعم .----------------1 - غير متأكد من الكلمة2 - غير متأكد من الكلمة
 قلت :اعلم – رحمك الله – أن هذا الحديث ورد بعدة ألفاظ بعضها فيها (( ليس عندي ما أقدم ))؛ وبعضها ليس فيه ذلك ، وبعضها أنه هو المقدم الأول بعد ما قال لهم ما عندي ما أقدم وفي بعضها أن صاحبه هو الأول من طلبوا منه أن يقدم ؛ فلما لم يقدم شيئا ضربوا عنقه ثم لما طلبوا من الثاني وقد رآى ما فُعل بصاحبه تعذر بأنه ما عنده شيئا يقدمه لعله يتملص منهم فقالوا قدم ولو ذبابا فلما رأى أنه مامن سبيل إلى ذلك وخاف على نفسه أن يفعل به مثل صاحبه فالقتل محقق في رفضه قال هكذا بيده فأخذ ذبابا فقدمه فخلوا سبيله.
 قلت جوابا على كلامه هذا: أولا يا أبا بكر حين تريد التحقيق العلمي الصحيح عليك بالترجيح بين ألفاظ الحديث فليست كلها من ألفاظ سلمان رضي الله تعالى عنه،وأنت حين تذكر اختلاف الرويات تبين أنك عديم الفهم في هذه الصنعة لكنك تتعانى شيئا يصعب عليك، فرد كلام الفوزان بمثل هذه الطريقة سقطة منك لا ينبعي أن تنشر بين الناس وسترها أولى وأحرى  وسيأتيك التوضيح. 
فالرواية التي فيها اعتذار الرجل بأنه لايجد ما يقرب رواها عبد الله عن أبيه عن أبي معاوية وليس فيها أي مطعن أو مغمز فجميع رواتها ثقات أثبات فكيف تورد عليها باقي الاحتمالات بلا ترجيح؟ كيف وقد تابعه عليها إسحاق كما في الحلية.وقال عقبه رواه شعبة، عن قيس بن مسلم، عن طارق مثله ورواه جرير، عن منصور، عن المنهال بن عمرو، عن حيان بن مرثد، عن سلمان نحوه. 
والرواية الأخرى التي فيها تشارو الرجلين رواها عن الأعمش محاضر وهو وإن كان من رجال مسلم إلا أن الإمام ه أحمد قال فيه : سَمِعْتُ منه، وكان مغفلًا جدًّا، لم يكن من أصحاب الحديث. 
وقد جرح بجرح مفسر لا يرد بالتعديل المجمل فانظر ترجمته في تهذيب الكمال. فروايته منكرة لا تثبت فلا تعارض الأخرى. 
أفبهذا ترد رواية أبي حازم وهو راوية علم الأعمش؟ أهذا صنيع طلاب العلم؟ 
والرواية الثالثة عند ابن أبي شيبة لا تفيدك فيما تدهب إليه ، بل قد يحتج بها عليك لأنها تقارب الرواية الصحيحة عن الأعمش ؛ وذلك أن القوم قالوا (وَقَالُوا لِلْآخَرِ: قَدِّمْ شَيْئًا، فَقَالُوا: قَدِّمْ وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَالَ: وَأَيْشٍ ذُبَابٌ، فَقَدَّمَ ذُبَابًا فَدَخَلَ النَّارَ).الحديث. 
فالراوي لهذه الطريق كأنه اختصر المتن ويدلك على ذلك قوله فقالوا قدم شيئا ، فقالوا قدم ولو ذبابا ، وهذا يرشد إلى أن هناك محذوف في كلام الرجل وهو ما جاء في رواية الأعمش السابقة، فصار كلام الشيخ الفوزان _ حفظه الله _ سليما من اعتراضك بما ذكرت. 
وأيضا قوله وأيش ذباب دليل على أنه قربه مع احتقاره ولم يفعله مكرها . 
وقال أيضا:
 وفي الحديث أن القوم لم يكونوا يتركوا أحدا يمر حتى يقدم لصنمهم شيئا ولو كان حقيرا وعليه يقال أن الرجل كان مكرها والإكراه ثابت في حقه وأنه فعل ذلك خوفا على نفسه من القتل لما رآى صاحبه قتل ..والرجل كان مسلما كما ورد في بعض ألفاظ رواياته ،ومع أنه كان مكرها لم يشفع له إكراهه في عدم دخول النار لخطر الشرك ، فإن المشرك لو مات وهو يشرك بالله شيئا ولو كان ذرة أصغر من الذباب فهو في النار ، ولكن هذا خاص بالأمم السابقة أنهم لم يكونوا معذورين بالإكراه في الشرك ، كما حرر هذه المسألة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - في أضواء البيان ..أما هذه الأمة فمن خصائصها عدم المؤاخذة بالإكراه وفي ذلك نزل قوله تعالى صريحا : إلا من أكره وقلبه مطئمنا بالإيمان } . وقوله صلى الله عليه وسلم { إن الله تجاوز لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه >> فقوله لأمتي مفهومه أن الله لم يتجاوز عن غير أمته في ذلك .ولعل هذا ما يجمع به بين الآية والحديث وبين ذلكم الحديث الذي استشكله بعضهم والعلم عند الله تعالى. 
وجوابا على قوله أقول: رواية مسلمين لم يذكرها إلا محاضر وقد سبق بيان نكارتها فلا يستدل بها ، لكن دخول الرجل الجنة دليل على أنه كان مسلما ، والثاني لو كان كافرا ما كان في تعليق دخوله النار على التقرب أي فائدة وسلمان أفقه من أن يغفل عن مثل هذا.وقد نبه لهذا صاحب فتح المجيد بقوله: وإلا فلو لم يكن مسلما لم يقل دخل النار في ذباب. 
أما توجيه الحديث على هذا فقد وجهه به غير واحد من أهل العلم وشروح كتاب التوحيد تظهر ذلك قال سماحة الشيخ ابن باز في تعليقاته : قوله (. فقالوا للآخر: قرب. فقال: ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل. فضربوا عنقه، فدخل الجنة) هذا يحتمل أحد أمرين : أ - أن في شريعة من قبلنا ليس فيه العذر بالإكراه ولهذا لم يأخذ بالرخصة ولم يعمل ما يخلصه من شرهم . ب - أنه يمكن أن يكون هناك رخصة وعذر بالإكراه ولكن لقوة إيمانه وعدم مبالاته بهم لم يأخذ بالرخصة وبادر بالإنكار وقال (ما كنت لأقرب لأحد شيئاً دون الله عز وجل ) .
وقال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله في شرح كتاب التوحيد: 
بعض العلماء استظهر من قوله في آخر الحديث من قتلهم لأحد الرجلين: أنه لا يجوزه حتى يُقتل، وأن هذا عُلم بالسياق، فصار ذلك نوع إكراه. فلهذا استشكلوا كون هذا الحديث دالا على أنّ من فعل هذا الفعل يدخل النار مع أنه مكره. والجواب عن هذا الإشكال: أن هذا الحديث على هذا القول -وهو أنه حصل منهم الإكراه بالقتل- أن هذا الحديث فيمن كان قبلنا، ورفع الإكراه أو جواز قول كلمة الكفر أو عمل الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان هذا خاص بهذه الأمة, هذا أجاب به بعض أهل العلم. والثاني وهو ما قدمتُ: أنّ السياق ليس بمتعين على أنهم هددوه بالقتل، وإذا كان غير متعين بأنهم هددوه بالقتل فإنه لا يُحمل على شيء مجمل لم يُعيَّن، ودلالة قوله هنا (فضربوا عنقه) يعني فيمن لم يقرب فدخل الجنة ربما لأنه أهان صنمهم بقوله (ما كنت لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل). لهذا لاستشكل هذا الحديث طائفة من أهل العلم وهو بحمد الله ليس فيه إشكال؛ لأنه:
 * إمّا أن يُحمل على أنه كان فيمن كان قبلنا فلا وجه إذا لدخول الإكراه. 
* أو يُحمل على أنهم لم يكرهوه حين أراد المجاوزة ولكن قتلوه لأجل قوله (لم أكن لأقرب لأحد شيئا دون الله عز وجل). وقال أيضا: .
وفيها أن ناسا معهم صنم لا يمر بهم أحد إلا قرب لصنمهم وإلا قتل كما قتلوا من امتنع عن التقديم ..وفيها أن الرجل الذي قدم اعتذر في الأول قائلا : ما معي شيء فقالوا قدم ولو ذبابا ، فقرب ذبابا ومضى أي خلوا سبيله . .وفيها أنه هو الأول من فعل بعد أن اعتذر أنه ما معه ما يقدمه ، وعليه يحمل قول من قال انه ما أكره ، ولكن يقال ، الرجل أمام قوم قرروا أن يجاوزهم أحد إلا بعدما يقرب وإلا ضربوا عنقه ، فلا يعقل أن يقف العاكفون على صنمهم وهم يقتلون كل من أبى أن يقرب لصنمهم شيئا أن يقفوا دون السلاح ، فالرجل لما رآى بارقة السيف خاف على نفسه فقدم الذباب ومضى. وللجواب أقول: هذه مجرد احتمالات لا يحتج بها في مضايق الأمور ، ولو لجأنا لهذا لقلنا لك هم منعوا من لايقرب من المرور فكان عليه أن يرجع ولا يقرب، ثم هو احتقر الذباب وصرح بأنه لا شيء وقدمه مما يدل على أنه لم يكن مكرها كما تقول. . 
وقال أيضا: وفي شعب الإيمان للبيهقي (9/457) (6962)قَالَ سَلْمَانُ: " دَخَلَ رَجُلٌ الْجَنَّةَفِي ذُبَابٍ، وَدَخَلَ رَجُلٌ النَّارَفِي ذُبَابٍ "، قَالُوا: وَمَا الذُّبَابُ؟، فَرَأَى ذُبَابًا عَلَى ثَوْبِ إِنْسَانٍ، فَقَالَ: " هَذَا الذُّبَابُ "..قَالُوا: وَكَيْفَ ذَاكَ؟، قَالَ: " مَرَّ رَجُلَانِ مُسْلِمَانِ عَلَى قَوْمٍ يَعْكِفُونَ عَلَى صَنَمٍ لَهُمْ، فَقَالُوا لَهُمَا: قَرِّبَا لِصَنَمِنَا قُرْبَانًا قَالَا: لَا نُشْرِكُبِاللهِ شَيْئًا، قَالُوا: قَرِّبَا مَا شِئْتُمَا وَلَوْ ذُبَابًا، فَقَالَأَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: مَا تَرَى؟، قَالَ أَحَدُهُمَا: لَا نُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، فَقُتِلَ فَدَخَلَ الْجَنَّةَ، فَقَالَ الْآخَرُ: بِيَدِهِ عَلَى وَجْهِهِ فَأَخَذَ ذُبَابًا فَأَلْقَاهُ عَلَى الصَّنَمِ فَدَخَلَ النَّارَ ".وهذه الرواية موافقة تماما لما في معجم ابن الأعرابي ففيها أن الرجلين مسلمين(كذا قال وصوابها مسلمان لأنها خبر إن مرفوع بالألف) وأنهما امتنعا في الأول ولما أعيد عليهما تشاورا فأخذا أحدهما بالعزيمة فقتل ، وكان المقتول هو الأول .

وأقول إن هذه طريق منكرة خالف فيها محاضر أبا حازم فلا يعتبر بها وهما من نفس الطريق فلا يقال فيها أنها موافقة بل هي هي.


0 التعليقات:

إرسال تعليق