بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد:
فقد أخبرني أحد الإخوة _حفظه الله_ بكلام باطل عند فتى
المرجئة _ رائد آل طاهر _في رده على أبي صفوة ،
فقرأت رده ذاك المسمى زورا ثورة البركان وهو في مجمله
هذيان ، ومن غرائب هذا الزمن الصغب أن يرد مرجئ على مثله بدعوى نصرة السنة، وإن
مما في مقال الرجل من تخليط ليضيع الوقت في بيان باطله ، لكني أحببت التنبيه لبعض
ذلك خاصة تناقض الرجل وكذبه .
قال
رائد:
أولاً
لا يعدُّ ابن حزم والنووي والبيهقي وابن حجر والطحاوي رحمهم الله من رؤوس الدعوة
السلفية، وإنما هم من العلماء والحفَّاظ الذين لهم جهود كبيرة في بيان الشريعة
ونصرة السنة ومحاربة البدع، لكن عندهم أخطاء عقدية ظاهرة في مسائل الصفات أو مسائل
الإيمان، فليُنتبه لهذا ويُحذَر منه.
ثم
قال متناقضا:
ألا
تعلم أنَّ الإمام أحمد رحمه الله بدَّع حسيناً الكرابيسي لما قال: لفظي بالقرآن
مخلوق، ولم ينغمس في بدعة الجمهية التي تقول: القرآن مخلوق؟!
وهذا
كلام صحيح لكننه يناقض كلامه الأول.
فما
هي عقيدة ابن حزم في القرآن؟ أليست أشنع من قول الكرابيسي ؟ فكيف يبدع ذاك المجرم
وهو القائل باللفظ ، ويحامى عن ابن حزم الجهمي ؟ أليس هذا من العته العلمي
عند المومى إليه وأضرابه؟
فانظر
ماذا قال ابن القيم في ابن حزم :
وأتى
ابن حزم بعد ذلك فقال ما ... للناس قرآن ولا إثنان
بل
أربع كل يسمى بالقرآ ... ن وذاك قول بين البطلان
هذا
الذي يتلى وآخر ثابت ... في الرسم يدعى بالمصحف العثماني
والثالث
محفوظ بين صدورنا ... هذي الثلاثة خليقة الرحمن
والرابع
المعنى القديم كعلمه ... كل يعبر عنه بالقرآن
وأظنه
قد رام شيئا لم يجد ... عنه عبارة ناطق ببيان
إن
المعين ذو مراتب أربع ... عقلت فلا تخفى على إنسان
في
العين ثم الذهن ثم اللفظ ... ثم الرسم حين تخطه ببنان
وعلى
الجميع الاسم يطلق لكن ... الأولى به الموجود في الأعيان
بخلاف
قول ابن الخطيب فإنه ... قد قال إن الوضع للأذهان
فالشيء
واحد لا أربع ... فدهى ابن حزم قلة الفرقان.
فهل
ابن حزم من العلماء وما لديه له أخطاء فقط ؟
بل
الرجل ضال خبيث في مسائل كثيرة في المعتقد ، لو قالها أحد على عهد الأئمة لاتهموه
بالزندقة ، لكن في عصر الغربة يصير عالما .
كيف
وأحمد رحمه الله قال عن الكرابيسي لأجل اللفظ أنه كافر جاء في السير:
قال
المروذي في كتاب 'القصص': فذكرت ذلك لأبي عبد الله أن الكرابيسي، قال: لفظي
بالقرآن مخلوق، وأنه قال: أقول: إن القرآن كلام الله غير مخلوق من كل الجهات، إلا
أن لفظي به مخلوق. ومن لم يقل: لفظي بالقرآن مخلوق، فهو كافر. فقال أبو عبد الله:
بل هو الكافر، قاتله الله، وأي شيء قالت الجهمية إلا هذا؟ وما ينفعه وقد نقض كلامه
الأخير كلامه الأول؟ ثم قال: إيش خبر أبي ثور، أوافقه على هذا؟ قلت: قد هجره. قال:
أحسن، لن يفلح أصحاب الكلام.
وقال
رائد :
قلتُ:
مَنْ
من أهل العلم قال: لا نُلزَم بوصف ابن حزم رحمه الله أنه جهمي جلد في باب الأسماء
والصفات؟!
وكيف
لا يقبل هذا الجهول وصفه بهذا، وقد كان رحمه الله حقاً يثبت الأسماء وينفي جميع
الصفات.
قال
العلامة محمد بن عبدالهادي رحمه الله - وهو من تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه
الله - في [مختصر طبقات علماء الحديث ص401] وهو يتكلَّم عن ابن حزم: ((ولكن تبين
لي منه: أنه جهمي جلد، لا يثبت معاني أسماء الله الحسنى إلا القليل، كالخالق،
والحق، وسائر الأسماء عنده لا يدل على معنى أصلاً، كالرحيم والعليم والقدير
ونحوها، بل العلم عنده هو القدرة، والقدرة هي العلم، وهما عين الذات، ولا يدل
العلم على شيء زائد على الذات المجردة أصلاً، وهذا عين السفسطة والمكابرة، وقد كان
ابن حزم قد اشتغل في المنطق والفلسفة، ، وأمعن في ذلك، فتقرر في ذهنه لهذا السبب
معاني باطلة)).
انظر
الفرق بين ما يقول وما ينقل : فابن عبد الهادي ينفي إثباته لمعاني الأسماء ورائد
يقول يثبت الأسماء .ثم مع جهمية الرجل يترحم عنه ببرودة ؟ أين غيرتك المزعومة على
السنة وعقيدة السلف، كيف تترحم على من تصفه بالجهمية ، والسلف كفرا من قال القرآن
مخلوق ,وقول ابن حزم أسمج وأظهر فسادا في المنقول والمعقول.
ثم
هل من ينفي صفات الله عنه يعتذر له وهو من درس الاثار والأحاديث في ذلك؟ ووصفه
بالجهمية ممن نقلت عنهم وصف لازم فلا يؤبه به ولا كرامة.
وقال
رائد:
نعم؛
ليس كل مَنْ وقع في بدعة كان مبتدعاً، لكن مَنْ علم أنَّ هذه بدعة أو بُيِّن له
ذلك فأصرَّ عليها فإنه يُبدَّع ولا يتوقف فيه من باب الورع أو عدم الجرأة،
والعلماء والمشايخ وطلبة العلم قد بيَّنوا بدع هؤلاء المذكورين في كلامك بالأدلة
القاطعة والبراهين الساطعة، فمَنْ بلغه ذلك ولم يُبدِّعهم فإنه يُلحق بهم ولا
كرامة.
فماذا
عن تبديع ابن حزم أتقبله أم تقول أخطأ وهو من أهل السنة؟
فإن
منهج السلف يعامل المبتدعة جميعا بنفس المعاملة ، ومن دافع عن مبتدع ألحق به كما
ذكرت ، ولا تعد لمسألة إقامة الحجة ، فقد كفيتنا المؤنة بقولك: من علم أن هذا بدعة
أو بين له.فابن حزم علم أن ما قاله بدعة بلا شك ومعروف عنه سعة الاطلاع ، وإن قصرت
الأمر على تبيين الحجة من الغير وجب عليك التوقف في كثير من أهل البدع الصرحاء.
ومثال
ثالث: أهل الاتحاد والحلول، العلماء يحكمون عليهم من حيث العموم بأنهم كفَّار، لكن
على وجه التعيين لا يحكمون بكفر كل مَنْ قال بهذه العقيدة، ولهذا توقف شيخ الإسلام
رحمه الله بتكفير بعض رؤوسهم ومشايخهم وقضاتهم لجهلهم بحقيقة هذه العقيدة وما
تستلزمه، ولكنه لم يتوقَّف بتبديعهم.
أولا
أنت مطالب بالنقل عن شيخ الإسلام حتى تبرأ من الكذب عليه ، وثانيا هذه بعض أقواله
فيهم تنقض أساسك فقدقال فيهم شيخ الإسلام:
(وأقوال
هؤلاء شر من أقوال النصارى، وفيها من التناقض من جنس ما في أقوال النصارى، ولهذا
يقولون بالحلول تارة، وبالاتحاد أخرى، وبالوحدة تارة، فإنه مذهب متناقض في نفسه،
ولهذا يلبسون على من لم يفهمه، فهذا كله كفر باطناً وظاهراً بإجماع كل مسلم، ومن
شك في كفر هؤلاء بعد معرفة قولهم ومعرفة دين الإسلام فهو كافر، كمن يشك في كفر
اليهود والنصارى والمشركين) )908
وقال:
...
فكل من كان أخبر بباطن هذا المذهب، ووافقهم عليه، كان أظهر كفراً، وإلحاداً، وأما
الجهال الذين يحسنون الظن بقول هؤلاء ولا يفهمونه، ويعتقدون أنه من جنس كلام
المشايخ العارفين الذين يتكلمون بكلام صحيح لا يفهمه كثير من الناس، فهؤلاء تجد
فيهم إسلاماً وإيماناً، ومتابعة للكتاب والسنة بحسب إيمانهم التقليدي، وتجد فيهم
إقراراً لهؤلاء وإحساناً للظن بهم، وتسليماً لهم بحسب جهلهم وضلالهم، ولا يتصور أن
يثني على هؤلاء إلا كافراً ملحد، أو جاهل ضال ...)
وقال
رحمه الله:
وهم
من أبعد الناس عن مذهب أهل الإلحاد من أهل الحلول والوحدة والاتحاد وإن كان كثير
من متأخري الصوفية دخلوا في مذهب الإباحة والحلولية وخلطوا التصرف بالفلسفة
اليونانية كما خلطه بعضهم بشيء من أقوال أهل الكلام الجهمية
ومبدأ
هذا من أقوال الذين يعارضون النصوص بآرائهم كما ذكر الشهرستاني في أول كتابه في
الملل والنحل أن مبدأ انواع كل الضلالات هو من تقديم الرأي على النص واختيار الهوى
على الشرع فسرى في المنتسبين إلى لا علم والدين من أهل الفقه والكلام والتصوف من
أقوال الملاحدة بسبب هذا الأصل مالا يعلمه إلا الله وأما ملاحدة الشيعة من
القرامطة الباطنية والإسماعيلية والنصيرية ونحوهم فأولئك أمرهم أظهر من أن يخفى
على من عرف حالهم ممن فيه نوع إيمان بالله ورسوله ولهذا كثر الكاشفون لأسرارهم
الهاتكون لأستارهم من جميع أصناف أهل القبلة حتى الشيعة والمعتزلة ونحوهم فإنهم
متفقون على تكفيرهم كما اتفق على تكفيرهم أئمة السنة ومن انتسب إليهم من متكلمة
الإثبات وغيرهم.
ولا
أزيدك على رد كذبك على شيخ الإسلام إلا بالنقل عنه ، وإلا فأهل الاتحاد كفار
بأعيانهم والتوقف في كفرهم لوثة إرجائية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق