قال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن - رحمهما الله
تعالى ) في «منهاج التأسيس والتقديس»: (ص102 - 105). -:
«واحتج العراقي بقول الشيخ: وقد يكون له شبهات يعذره
الله فيها.
وليس
في كلام الشيخ العذر بكل شبهة، ولا العذر بجنس الشبهة، فإن هذا لا يفيده كلام
الشيخ، ولا يفهمه منه إلاَّ من لم يمارس شيئًا من العلوم. بل عبارته صريحة في
إبطال هذا المفهوم. فإنها تفيد قلة هذا. كما في المسائل التي لا يعرفها إلاَّ
الآحاد، بخلاف محل النزاع. فإنه أصل الإسلام وقاعدته، ولو لم يكن من الأدلة إلاَّ
ما أقرَّ به من يعبد الأولياء والصالحين من ربوبيته تعالى، وانفراده بالخلق
والإيجاد والتدبير لكفى به دليلاً مبطلاً للشبهة، كاشفًا لها، منكرًا لمن أعرض
عنه، ولم يعمل بمقتضاه، من عبادة الله وحده لا شريك له.
ولذلك
حكم على المعينين من المشركين من جاهلية العرب الأميين لوضوح الأدلة، وظهور
البراهين. وفي حديث المنتفق: «ما مررت عليه من قبر دوسي أو قرشي فقل له: إن محمدًا
يبشرك بالنار».
هذا
وهم أهل فترة فكيف بمن نشأ من هذه الأمة وهو يسمع الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية،
والأحكام الفقهية في إيجاب التوحيد والأمر به، وتحريم الشرك والنهي عنه؟ فإن كان ممن
يقرأ القرآن فالأمر أعظم وأطم، لا سيما إن عاند في إباحة الشرك، ودعا إلى عبادة الصالحين
والأولياء، وزعم أنها مستحبة، وأن القرآن دل عليها، فهذا كفره أوضح من الشمس في الظهيرة،
ولا يتوقف في تكفيره من عرف الإسلام وأحكامه وقواعده وتحريره.
والغالب
على كل مشرك أنه عرضت له شبهة اقتضت كفره وشركه، قال تعالى: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ
لَوْ شَاء اللّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا...} [الأنعام: 148]، وقال: {لَوْ
شَاء اللّهُ مَا عَبَدْنَا مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ نَّحْنُ وَلا آبَاؤُنَا وَلاَ حَرَّمْنَا
مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ} [النحل: 35]، عرضت لهم شبهة القدرية، فردوا أمره تعالى ودينه
وشرعه بمشيئته القدرية الكونية. وعلى إطلاق هذا العراقي وفهمه تكون هذه الشبهة مانعة
من تكفير أعيانهم.
والنصارى
شبهتهم في القول بالنبوة والأقانيم الثلاثة: كون المسيح خلق من غير أب، بل بالكلمة،
فاشتبه الأمر عليهم، لأنهم عُرفوا من بين سائر الأمم بالبلادة وعدم الإدراك في المسائل
الدينية، ولم يفرقوا بين الخلق والأمر، ولم يعلموا أن الخلق يكون بالكلمة، لا هو نفس
الكلمة، وقد أشار تعالى على شبهتهم وردها وأبطلها في مواضع من كتابه، كقوله تعالى:
{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران: 59]، وقوله: {وَكَلِمَتُهُ
أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ} [النساء: 171]. وأكثر أعداء الرسل عرضت لهم شبهات....
وأما
مسألة عبادة القبور ودعائهم مع الله، فهي مسألة وفاقية التحريم، وإجماعية المنع والتأثيم،
فلم تدخل في كلام الشيخ لظهور برهانها، ووضوح أدلتها، وعدم اعتبار الشبهة فيها» .
0 التعليقات:
إرسال تعليق