بسم الله
الرحمن الرحيم
فتكملة لما
سبق من بيان إرجاء المدخلي وانحرافه عن جادة السلف في الإيمان فهذا الجزء الثاني
من الرد على مقاله الأخير
قال أصلحه
الله:
أقول: أبو عبد
الله هنا هو محمد بن نصر المروزي -رحمه الله-، وهذه زلة منه،
غفر الله له.
من سبقك
بالحكم على كلمة ابن نصر بأنها زلة ؟
أم خفي هذا
على من بعده حتى جئت أنت لتبينها للناس لأنها تكشف تجهمك وانحرافك عن جادة السلف.
ما أسهل جرأتك
على أئمة السلف إن
خالفوا ما أنت عليه من باطل ، وأتباعك لا يرضون تخطئتك ويقبلون أن يخطأ الأئمة
تعصبا لك وفقط .
كيف لقرون مضت
لم يبين أحد خطأ المروزي مع أنه في الاعتقاد وتنبهت له أنت كما فعلت في غيرها من
مسائل شططت فيها عن الحق ، وحدت عن جادة السلف.
ثم ما قاله
المروزي استدل له من الوحيين.
أما دعواك أنه
لو نبه لباقي الشفاعات لتنبه لها فيقال المروزي جعل للشفاعات بابا في كتابه فكيف
لم ينتبه له حتى ينبه؟.
وأما قوله السابق فهو
مبني على الإجماع على كفر تارك الصلاة فقد قال في
(2/929): "سمعت إسحاق يقول : قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن
تارك الصلاة كافر ، وكذلك كان رأي أهل العلم من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى
يومنا هذا : أن تارك الصلاة عمداً من غير عذر حتى يذهب وقتها كافر".
وقال (2/925) :"ذكرنا الأخبار المروية عن النبي
صلى الله عليه وسلم في إكفار تاركها ، وإخراجه إياه من الملة ، وإباحة قتال من امتنع
من إقامتها، ثم جاءنا عن الصحابة رضي الله عنهم مثل ذلك ، ولم يجئنا عن أحد منهم
خلاف ذلك".
وأحاديث أبي سعيد
وأنس وأبي هريرة -رضي الله عنهم- في الصحيحين تدفع قوله هذا.
لا تدفعها إلا
على فهمك المبتدع ، وحديث أبي هريرة في البخاري يوافق ما ذهب إليه ابن نصر وينقض
فهمك من أساسه.
بل ساق منها
طرفا في كتابه لكنه فهمها على فهم السلف لا على فهم المرجئة.
1-
فقد ورد في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه- في الشفاعة أن الشفاعة جاءت لأصناف.
الصنف الثاني: من
في قلبه مثقال دينار من خير، فهؤلاء خرجوا من النار بما في قلوبهم من الإيمان
وأعمال القلوب، ومنها إخلاصهم في التوحيد.
والصنف الثالث من
في قلبه مثقال ذرة من خير، وهذا الخير هو الإيمان مع الإخلاص فيه.
وهذه الأصناف هم
من غير أهل الصلاة.
فيقول أبو سعيد
للسامعين لحديثه هذا: " إن لم تصدقوني بهذا الحديث فاقرءوا إن شئتم: ( إن
الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما )".
الصنف الرابع: من
قال فيهم -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي سعيد -رضي الله عنه-، بعد هذه المراحل:
"فيقول الله
-عزّ وجل-: "شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون ولم يبق إلا أرحم
الراحمين، فيقبض قبضة من النار فيخرج منها قوما لم يعملوا خيرا قط قد عادوا حمما
فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة يقال له نهر الحياة فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل
السيل ألا ترونها تكون إلى الحجر أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أصيفر وأخيضر وما
يكون منها إلى الظل يكون أبيض فقالوا يا رسول الله كأنك كنت ترعى بالبادية قال
فيخرجون كاللؤلؤ في رقابهم الخواتم يعرفهم أهل الجنة هؤلاء عتقاء الله الذين
أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه ولا خير قدموه.
ثم يقول ادخلوا
الجنة فما رأيتموه فهو لكم فيقولون ربنا أعطيتنا ما لم تعط أحدا من العالمين فيقول
لكم عندي أفضل من هذا فيقولون يا ربنا أي شيء أفضل من هذا فيقول رضاي فلا أسخط
عليكم بعده أبدا".
قول النبي
عليه السلام :بلا خير قدموه .يدخل فيه الإيمان فهو من جملة الخير المنفي هنا فكيف
جعلهم المعترض مؤمنين و هم لم يقدموا خيرا يستحقون به الجنة؟
فإن قال
الإيمان مشترط لدخول الجنة فلا يدخل في عموم الخير كان جوابنا محتصرا كما يلي:
إن الإيمان
على قول السلف _ لا على عند الخلف _لا يصح إلا بعمل يصححه وإلا فهو في حكم العدم ،
وما قول الشافعي الذي نقله الثقات عنه إلا
نص منهم على ذلك ، ولو رده بهواه ونقض تأصيله لخبر الثقة، وهل اللالكائي عنده ليس
موثوقا أم أن التطبيق يختلف على التأصيل لاختلاف سبب الحكم؟
قال الآجري في
الكتاب الذي شرحه ربيع:
قال محمد بن الحسين
رحمه الله : فيما ذكرته مقنع لمن أراد الله عز وجل به الخير ، فعلم أنه لا يتم له الإيمان
إلا بالعمل هذا هو الدين الذي قال الله عز وجل فيه : "وما أمروا إلا ليعبدوا الله
مخلصين له الدين حنفاء ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة "ا.ه
فإن قال هو أو شرذمته أنه يقول بأن الإيمان قول وعمل
قلنا هذا الكلام منقوض بقوله بنجاة تارك العمل بالكلية؛ فهذا دليل على صحة الإيمان
عنده بلا عمل فصار قوله إرجاء وإن نفاه هو وعصابته.
كما أن نفي العمل بالكلية يدخل فيه نفي عمل القلب
فكيف أوجب لهم الجنة بلا عمل قلبي يصحح إيمانهم ؟ فما يجيب به عن دخول عمل القلب
كان هو جوابنا على دخول عمل الجوارح.
أما استدلاله بالأحاديث الموجبة للشفاعة لمن لم يشرك
بالله شيئا فقد سبق الجواب عنها باختصار .
أما ما ورد من أحاديث فيها تعليق دخول الجنة بقول
كلمة التوحيد فلا يشكل إلا على أهل الضلال ، وذلك ان السلف فهمومها بأنها القول
وما يلحقه من عمل مصحح لذلك ، أما مجرد قولها فهو قول الكرامية الضلال.
فإما أن يقول بقول السلف وأنه لابد من عمل مع القول
والاعتقاد بضميمة النصوص الأخرى الدالة على ذلك .
وإما أن يجعل دخول الجنة بالتلفظ بها كما هو ظاهر
الأحاديث التي استدل بها وهذا ما يفهم من استدلاله.ا.ه
قال شيخ الإسلام
رحمه الله في مجموع الفتاوى(35/201):
مَسْأَلَةٌ: قَالَ رَجُلٌ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ}.
وَقَالَ آخَرُ: إذَا سَلَكَ الطَّرِيقَ الْحَمِيدَةَ وَاتَّبَعَ
الشَّرْعَ دَخَلَ ضِمْنَ هَذَا الْحَدِيثِ، وَإِذَا فَعَلَ غَيْرَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَالِ
مَا نَقَصَ مِنْ دِينِهِ وَزَادَ فِي دُنْيَاهُ، لَمْ يَدْخُلْ فِي ضِمْنِ هَذَا الْحَدِيثِ.
قَالَ لَهُ نَاقِلُ الْحَدِيثِ: أَمَّا لَوْ فَعَلْتُ
كُلَّ مَا لَا يَلِيقُ وَقُلْتُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلْتُ الْجَنَّةَ وَلَمْ
أَدْخُلْ النَّارَ.
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّهُ بِمُجَرَّدِ تَلَفُّظِ الْإِنْسَانِ
بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ، وَلَا يَدْخُلُ النَّارَ بِحَالٍ: فَهُوَ
ضَالٌّ، مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَإِجْمَاعِ الْمُؤْمِنِينَ، فَإِنَّهُ
قَدْ تَلَفَّظَ بِهَا الْمُنَافِقُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنْ
النَّارِ، وَهُمْ كَثِيرُونَ، بَلْ الْمُنَافِقُونَ قَدْ يَصُومُونَ وَيُصَلُّونَ وَيَتَصَدَّقُونَ،
وَلَكِنْ لَا يُتَقَبَّلُ مِنْهُمْ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ
اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ
النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلَّا قَلِيلًا}.
وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا
لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ وَمَا مَنَعَهُمْ
أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاَللَّهِ وَبِرَسُولِهِ
وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلَّا وَهُمْ
كَارِهُونِ}.
وَقَالَ تَعَالَى: {إنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ
وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا}}.
وَقَالَ تَعَالَى: {يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ
وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
يَقُولُونَ} وَقَوْلُهُ: {فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ مِنْكُمْ فِدْيَةٌ وَلَا مِنْ الَّذِينَ
كَفَرُوا}.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ،
وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اُؤْتُمِنَ خَانَ}.
وَلِمُسْلِمٍ: {وَإِنْ صَلَّى وَصَامَ وَزَعَمَ أَنَّهُ
مُسْلِمٌ}.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: {أَرْبَعٌ
مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ
كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا
وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ}.
وَلَكِنْ إنْ قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ خَالِصًا
صَادِقًا مِنْ قَلْبِهِ، وَمَاتَ عَلَى ذَلِكَ، فَإِنَّهُ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ،
إذْ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ مَنْ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ
إيمَانٍ كَمَا صَحَّتْ بِذَلِكَ الْأَحَادِيثُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَكِنْ مَنْ دَخَلَهَا مِنْ فُسَّاقِ أَهْلِ الْقِبْلَةِ مِنْ أَهْلِ السَّرِقَةِ،
وَالزِّنَا، وَشُرْبِ الْخَمْرِ، وَشَهَادَةِ الزُّورِ، وَأَكْلِ الرِّبَا، وَأَكْلِ
مَالِ الْيَتِيمِ، وَغَيْرِ هَؤُلَاءِ، فَإِنَّهُمْ إذَا عَذَّبَهُمْ فِيهَا عَذَّبَهُمْ
عَلَى قَدْرِ ذُنُوبِهِمْ، كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ، مِنْهُمْ مَنْ
تَأْخُذُهُ النَّارُ إلَى كَعْبَيْهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى رُكْبَتَيْهِ،
وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إلَى حِقْوَيْهِ ؛ وَمَكَثُوا فِيهَا مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَمْكُثُوا أُخْرِجُوا بَعْدَ ذَلِكَ كَالْحِمَمِ فَيُلْقَوْنَ فِي نَهْرٍ يُقَالُ
لَهُ الْحَيَاةُ فَيَنْبُتُونَ فِيهِ كَمَا تَنْبُتُ الْحَبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ.
وَيَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ مَكْتُوبٌ عَلَى رِقَابِهِمْ
هَؤُلَاءِ الْجَهَنَّمِيُّونَ عُتَقَاءُ اللَّهِ مِنْ النَّارِ.
وَتَفْصِيلُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ طَوِيلٌ لَا يَحْتَمِلُهُ
هَذَا الْمَوْضِعُ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وقال ابن القيم في مدارج السالكين(1/330) حول هذه
الأحاديث:
وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث التي أشكلت على كثير
من الناس حتى ظنها بعضهم منسوخة وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار
الشرع وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار وأول بعضهم الدخول بالخلود وقال : المعنى
لا يدخلها خالدا ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة والشارع صلوات الله وسلامه عليه لم
يجعل ذلك حاصلا بمجرد قول اللسان فقط فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام
فإن المنافقين يقولونها بألسنتهم وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار فلا
بد من قول القلب وقول اللسان وقول القلب : يتضمن من معرفتها والتصديق بها ومعرفة حقيقة
ما تضمنته من النفي والإثبات ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله المختصة به
التي يستحيل ثبوتها لغيره وقيام هذا المعنى بالقلب : علما ومعرفة ويقينا وحالا : ما
يوجب تحريم قائلها على النار وكل قول رتب الشارع ما رتب عليه من الثواب فإنما هو القول
التام كقوله : من قال في يوم : سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه أو غفرت
ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر وليس هذا مرتبا على مجرد قول اللسان نعم من قالها بلسانه
غافلا عن معناها معرضا عن تدبرها ولم يواطىء قلبه لسانه ولا عرف قدرها وحقيقتها راجيا
مع ذلك ثوابها حطت من خطاياه بحسب ما في قلبه فإن الأعمال لا تتفاضل بصورها وعددها
وإنما تتفاضل بتفاضل ما في القلوب فتكون صورة العملين واحدة وبينهما في التفاضل كما
بين السماء والأرض والرجلان يكون مقامهما في الصف واحدا وبين صلاتيهما كما بين السماء
والأرض وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة ويقابلها تسعة وتسعون سجلا كل سجل منها
مد البصر فتثقل البطاقة وتطيش السجلات فلا يعذب ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة
وكثير منهم يدخل النار بذنوبه ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل وطاشت لأجله السجلات
: لما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات انفردت بطاقته بالثقل والرزانة.ا.ه
وفي كلام ابن القيم هذا جواب للمعترض على استدلاله
بحديث البطاقة.
وقال في كلامه مموها:
وكل هذه الأحاديث تدل على أن الشفاعة تتناول كل موحد لم
يشرك بالله شيئاً.ا.ه
الموحد يطلق على من شهد الشهادة وقام بموجبها، أما
القائل لها من غير عمل بما تقتضيه فليس موحدا، فلا يدخل في مستحقي الشفاعة.
وقال أيضا:
ملاحظة: الذين يُكفرون تارك الصلاة ويخرجونه من ملة الإسلام
لا يعتقدون أن له عملاً صالحاً ويعتقدون أنه مخلد في النار، ولم يجعلوا تارك العمل
نوعاً آخر (كما هو صنيع الحدادية القطبية).
أقول هذه مجازفة شنيعة لا تدري عواقبها ، فما أهل رمي
التهم جزافا عندك دون روية .
جاء في كتاب أقوال ذوي العرفان بتقديم الشيخ صالح
الفوزان:
يقول الأخ عبد العزيز بن فيصل الراجحي في جريدة الجزيرة
:
ــ وقد سألت شيخنا الإمام ابن باز رحمه الله عام(1415هـ)
ـ وكنا في أحد دروسه رحمه الله ـ عن الأعمال : أهي شرط صحة للإيمان ، أم شرط كمال ؟
ــ فقال رحمه الله : من الأعمال شرط صحة للإيمان لا يصح
الإيمان إلا بها كالصلاة ، فمن تركها فقد كفر. ومنها ما هو شرط كمال يصح الإيمان بدونها
، مع عصيان تاركها وإثمه
ــ فقلت له رحمه الله : من لم يكفر تارك الصلاة من السلف
، أيكون العمل عنده شرط كمال ؟ أم شرط صحة ؟
ـــ فقال : لا ، بل العمل عند الجميع شرط صحة ، إلا أنهم
اختلفوا فيما يصح الإيمان به منه ؛ فقالت جماعة : إنه الصلاة ، وعليه إجماع الصحابة
رضي الله عنهم ، كما حكاه عبد الله بن شقيق. وقال آخرون بغيرها. إلا أن جنس العمل
لابد منه لصحة الإيمان عند السلف جميعاً. لهذا الإيمان عندهم قول وعمل واعتقاد
، لا يصح إلا بها مجتمعة)أ.هـ.
فلتكن لديك الجرأة على رمي ابن باز والفوزان
بالحدادية لما ارتضوا هذا القول ؛ الذي تنكره وتنسبه زورا للحدادية.
سئل معالي فضيلة الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ -حفظه
الله- عن [معنى جنس العمل]...
فأجاب فضيلته:جنس العمل يعني عمل صالح، أي عمل صالح، أي
عمل صالح ينوي به التقرب إلى الله جل وعلا ممتثلا فيه أمر الله جل وعلا، هذا متفق عليه:
من قال بأنّ تارك الصلاة يكفر كسلا: قال العمل الصالح
هذا هو الصلاة.
ومن قال تارك الصلاة لا يكفر من السلف: قال لابد من جنس
العمل.
السلف اختلفوا في تارك الصلاة، من قال تارك الصلاة
يكفر قال الصلاة هي جنس العمل؛ لابد أن يأتي بالصلاة، ومن قال لا. تارك الصلاة
لا يكفر تهاونا أو كسلا قالوا لابد من جنس العمل؛ لابد أن يعمل عملا صالحا من أي
وجه، يعني جنس العمل لابد منه.
السائل:...[هل يقصد به عمل القلب؟]
كيف!! لا... عمل القلب متفق عليه، عمل القلب متفق عليه.
المقصود عمل الجوارح؛ يعني لابد من عمل الجوارح، هو هذا
أي عمل صالح يمتثل فيه أمر الله جل وعلا) ا.ه نقلا عن كتاب لقول الحق المبين على من يخاصم في إجماع علماء المسلمين.
فهل يمكنك أن تسمي صالح آل الشيخ حداديا لأجل هذا
القول؟
ما أجرأك على التهم !!!!!
وقال أصلحه الله:
ثم اخترعوا إلى جانب تارك الصلاة تارك العمل، فصار
لهم سلاحان يحاربون بهما أهل السنة.
قال به من سبق ذكرهم وغيرهم كثير ممن تخاف أن ترميهم
بالحدادية لشوكتهم.
ثم قال أصلحه
الله:
موقف الإمام أحمد من تارك العمل:
قال الخلال في "السنة" (1/588):
"أخبرنا محمد بن علي قال ثنا صالح قال سألت أبي ما
زيادته ونقصانه قال زيادته العمل ونقصانه ترك العمل مثل تركه الصلاة والزكاة والحج
وأداء الفرائض فهذا ينقص ويزيد بالعمل وقال إن كان قبل زيادته تاما فكيف يزيد التام
فكما يزيد كذا ينقص وقد كان وكيع قال ترى إيمان الحجاج مثل إيمان أبي بكر وعمر رحمهما
الله".
في كلامه هذا رحمه الله فصل مقصده ولم يغفله حتى لا يأتي
ملبس فيتعلق بكلامه فمثل بترك الصلاة والزكاة . وهل الإمام أحمد لا يكفر بترك الصلاة؟.
ثم قوله : زيادته بالعمل هل هو بآحاد العمل أم بكل العمل
؟ فإن العمل في الزيادة والنقصان سواء فإن جعلته كل العمل في الزيادة كان فهمك سليما
لترك العمل كله، وإن جعلت مراده من العمل في الزيادة أفراد العمل اتفق فهمك مع فهم السلف وسقطت حجتك في هذا القول.
فمراد الإمام أحمد أن الإيمان يزيد كلما ازددت في الأعمال
وينقص كلما نقصت ، وليس مراده أن بترك العمل كله ينقص الإيمان ، ولو فهمت منه ذلك لزمك
أن الزيادة في الإيمان لابد فيها من العمل كله وإلا تناقضت في فهم الكلام تناقضا غريبا.
وقال الإمام أحمد –رحمه الله- في "طبقات الحنابلة"
(1/343):
"والإيمان قول وعمل يزيد وينقص زيادته إذا أحسنت
ونقصانه إذا أسأت ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام ولا يخرجه من الإسلام شيء إلا
الشرك بالله العظيم أو يرد فريضة من فرائض الله عز وجل جاحدا بها فإن تركها كسلا أو
تهاونا كان في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء عفا عنه".
فهذان نصان عن الإمام أحمد لا يكفر فيهما إلا بالشرك بالله
العظيم، ولا يكفر بترك العمل.ا.ه
هل المكفرات عند أحمد مقصورة في الشرك وجحد الفرائض؟
هل استحلال المحرمات ليس بمكفر عند الإمام أحمد؟
وهل سب الله ودوس المصحف لا يكفر بهما الإمام أحمد؟
هل سب الأنبياء ليس بمكفر عند الإمام أحمد؟
هل الاستهزاء بالقرآن ليس بمكفر؟
فإما أن تجعل كلامه ذلك على التمثيل لا على الحصر، وبالتالي
لا يصح لك الاستدلال به على رأيك.
أو أن تثبت أن الإمام أحمد لا يكفر إلا بهذين الأمرين
، وهذا مستحيل ، فلزمك القول الأول وبطلت حجتك من أصلها.
وقال أيضا:
موقف الإمام البربهاري:
قال الإمام البربهاري –رحمه الله- في "شرح السنة"
(ص41):
"ولا يخرج أحد من أهل القبلة من الإسلام حتى يرد
آية من كتاب الله عز وجل أو يرد شيئا من آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم أو يصلي
لغير الله أو يذبح لغير الله فإذا فعل شيئا من ذلك فقد وجب عليك أن تخرجه من الإسلام
فإذا لم يفعل شيئا من ذلك فهو مؤمن ومسلم بالاسم لا بالحقيقة".
أولا: أنت تخالف كلام البربهاري هذا ، فأنت تعذر
مرتكب الشرك الأكبر وتحكم بإسلامه وهو يقول يجب عليك أن تخرجه من الإسلام ، فأي
القولين يأخذ عنك أتباعك؟
ثانيا: كلام البربهاري في أهل القبلة وتارك الصلاة
كيف يسمى من أهلها وهو لم يتوجه إليها يوما؟ فهذت لا يوجد إلا في عقول المرجئة.
وقال هداه الله:
موقف الإمام ابن بطة:
قال الإمام ابن بطة –رحمه الله- في (ص124-125) من الشرح
والإبانة:
"ويخرج الرجل من الإيمان إلى الإسلام، ولا يخرجه
من الإسلام إلا الشرك بالله، أو برد فريضة من فرائض الله -عز وجل- جاحدا بها، فإن تركها
تهاونا وكسلا كان في مشيئة الله -عز وجل-، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له" .
أقول ابن بطة يكفر تارك الصلاة فقد قال رحمه الله(2/669):
بَابُ كُفْرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ , وَمَانِعِ الزَّكَاةِ
, وَإِبَاحَةِ قِتَالِهِمْ وَقَتْلِهِمْ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ.
وساق تحته أدلة تكفير تارك الصلاة.
وقال في آخر الفصل ص 683:
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ وَالسُّنَنُ عَنِ النَّبِيِّ
وَالصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كُلُّهَا تَدُلُّ الْعُقَلَاءَ وَمَنْ كَانَ بِقَلْبِهِ
أَدْنَى حَيَاءٍ عَلَى تَكْفِيرِ تَارِكِ الصَّلَاةِ , وَجَاحِدِ الْفَرَائِضِ , وَإِخْرَاجِهِ
مِنَ الْمِلَّةِ , وَحَسْبُكَ مِنْ ذَلِكَ مَا نَزَلَ بِهِ الْكِتَابُ , قَالَ اللَّهُ
عَزَّ وَجَلَّ: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} [الحج: 31]. ثُمَّ وَصَفَ
الْحُنَفَاءَ وَالَّذِينَ هُمْ غَيْرُ مُشْرِكِينَ بِهِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ:
[ص:684] {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ
وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:
5]. فَأَخْبَرَنَا جَلُّ ثَنَاؤُهُ , وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ أَنَّ الْحَنِيفَ الْمُسْلِمَ
هُوَ عَلَى الدِّينِ الْقَيِّمِ , وَأَنَّ الدِّينَ الْقَيِّمَ هُوَ بِإِقَامَةِ الصَّلَاةِ
, وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ , فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ
تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} [التوبة:
5]. وَقَالَ تَعَالَى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ} [التوبة: 11]. فَأَيُّ بَيَانٍ رَحِمَكُمُ اللَّهُ يَكُونُ
أَبْيَنَ مِنْ هَذَا , وَأَيُّ دَلِيلٍ عَلَى أَنَّ الْإِيمَانَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ ,
وَأَنَّ الصَّلَاةَ وَالزَّكَاةَ مِنَ الْإِيمَانِ يَكُونُ أَدَلَّ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ
, وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَإِجْمَاعِ عُلَمَاءِ
الْمُسْلِمِينَ , وَفُقَهَائِهِمُ الَّذِينَ لَا تَسْتَوْحِشُ الْقُلُوبُ مِنْ ذِكْرِهِمْ
, بَلْ تَطْمَئِنُّ إِلَى اتِّبَاعِهِمْ , وَاقْتِفَاءِ آثَارِهِمْ رَحْمَةُ اللَّهِ
عَلَيْهِمْ , وَجَعَلْنَا مِنْ إِخْوَانِهِمْ.ا.ه
فهل بعد هذا تتعلق بكلام ابن بطة؟
على تخصيص الكفر بالشرك فقط؟
أما دعواك أنها مدسوسة فمن اسمج الكلام وأبطله عند
ذوي العقول السليمة.
لأنها دعوى تفتقر إلى دليل علمي ولا يعجز عنها أي مبطل
يريد رد الحق.
وقال هداه الله:
موقف ابن البناء:
قال ابن البناء -رحمه الله- في "الرد على المبتدعة"
(ص 195):
"فصل وشفاعة نبينا -صلى الله عليه وسلم- في أهل الكبائر
من أمته؛ خلافاً للقدرية في قولهم: (ليس له شفاعة).
ومن دخل النار
عقوبة خرج منها عندنا؛ بشفاعته، وشفاعة غيره، ورحمة الله عز وجل؛ حتى لا يبقى في النار
واحد قال مرة واحدة في دار الدنيا: لا إله إلا الله مخلصاً، وآمن به، وإن لم يفعل الطاعات
بعد ذلك".
أقول: وكان قد ذكر قبل هذا الكلام عدداً من أحاديث الشفاعة.
فهذه تصريحات واضحة من هؤلاء الأئمة في أقوالهم هذه بأن
الموحدين يخرجون من النار بتوحيدهم ، وإن كانوا من تاركي الأعمال.ا.ه
بل ابن البناء يكفر تارك الصلاة فقد قال في نفس
الكتاب ص208:
وهو على ثلاثة أضرب:
ما يكفر تاركه وهو المعرفة والتصديق ، والصلاة في أصح
الروايتين ؛ لأن الله سماها إيمانا: فقال:﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ﴾
البقرة143.
يعني صلاتكم التي إلى بيت المقدس.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليسن بين الإيمان
والكفر إلا الصلاة فمن ترك الصلاة فقد كفر )ا.ه
فظهر أن ابن البناء لم يقصد كل من قال لا إله إلا
الله يخرج من النار ولو لم يعمل ، وقوله وآمن به يفيد ذلك لأنه ممن يقول إن
الإيمان قول وعمل فلا يصح بدون أحدهما.
وكلامه يريد به الرد على المعتزلة الذي سماهم
بالقدرية، وليس مراده تقرير نجاة تارك العمل كما فهمه ربيع .
0 التعليقات:
إرسال تعليق