Pages

السبت، 26 يوليو 2014

رد ضربات الجريد على ظهر المرجئ البليد _ رد على مقالة سحابية جائرة_



بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه وبعد
:
فما زالت مشاغبات المرجئة وجهلهم تخرج علينا من منتديات سحاب الآثمة ، وما زال أهل السنة يردون عليهم بالحجج والبراهين والأدلة ، فيسددون لهم الصفعة الأثرية تلو الصفعة الأثرية مما جعل القوم حيارى تائهين كالسكارى. فلجأوا لأقوال الرجال لعلهم يجدون فيها مخرجا مما ألم بهم من حرج أمام  أتباعهم
فكتب أحمد غبيائهم مقالا سماه ضربات الجريد أتى فيه بجهالات كبرى تبين ضحالة علم القوم ، ففرحوا بها ايمنا فرح ومنهم الزهراني الأحمق، فلما قرأتها وجدت ما يستحق التعليق منها فأحببت  رد لضربات الجليد  التي جعلها الجاهل العنيد على قفا أهل السنة المسمين زورا بالحدادية ، وهو قد زعم أن لهم صفعات أثرية وهذا أوان الجواب:
أولا :قال بأنهم وجهوا لأهل السنة صفعات فأقول ليس لكم صفعات ، وإن وجدت فليست في وجوه أهل السنة، بل هي سفسطات ، ودفاع عن ربيع لا غير.
ثانيا: كلامك ليس أثريا البتة فلا تكذب فما تنقله لا يتعدى ابن تيمية الذي تعيدون عنه نقلا واحدا لا غير ،مما يدل على وهاء حجتكم ، وأنكم مقلدون للرجال لا متبعون لسلف الأمة ، ولو عقل دهمائكم لعرفوا أنكم أبعد عن نهج السلف وكلامهم .
ثم قال المرجئ العنيد:

(1) :
فمن هذه المسائل التي يشاغب بها خوارج الآفاق مسألة العذر بالجهل
فليأخذوا هذه الصفعة:
قال العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في شرحه لكتاب كشف الشبهات للإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمهما الله تعالى - عند قول الإمام :
"
فإنك إذا عرفت أن الإنسان يكفر بكلمة يخرجها من لسانه وقد يقولها وهو جاهل فلا يعذر بالجهل "
قال العثيمين شارحاً لهذه العبارة [ كما في مجموعته ( ٧ / ٣٥ ) ] :
"
تعليقنا على هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله:
أولاً: لا أظن الشيخ رحمه الله لا يرى العذر بالجهل اللهم إلا أن يكون منه تفريط بترك التعلم مثل أن يسمع بالحق فلا يلتفت إليه ولا يتعلم، فهذا لا يعذر بالجهل وإنما لا أظن ذلك من الشيخ لأن له كلاماً أخر يدل على العذر بالجهل فقد سئل -رحمه الله تعالى- عما يقاتل عليه؟
فأجاب:
أركان الإسلام الخمسة، أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة؛
فالأربعة: إذا أقر بها، وتركها تهاوناً، فنحن وإن قاتلناه على فعلها، فلا نكفره بتركها؛ والعلماء اختلفوا في كفر التارك لها كسلاً من غير جحود؛ ولا نكفر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو: الشهادتان.

وأيضاً: نكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، فنقول: أعداؤنا معنا على أنواع: ... "
والجواب من وجوه:
أولا: ليس ابن عثيمين بحجة على الخلق يا غبي ، وكلامه متناقض فمرة يعذر ومرة يكفر وبالتالي فلا يؤخذ بأحد قوليه مع الاحتمال ، فله فتاوى في أعيان يحكم بكفرهم بلا عذر فلم أعرضتم عنها ؟
أهو الهوى وحب الباطل الذي أشربتموه كعابدي العجل في بني إسرائيل.
وكل مسلم مأمور عند التنازع بالرد لكتاب الله وسنة رسوله عليه السلام فمن انتفى عنده هذا انتفى مشروطه في الآية وهو الإيمان.
وأي عاقل لا يمكنه أن يتمسك بموضع من كلام المجدد هو محل اشتباه ويرد إليه المحكم من أقواله ، وابن عثيمين يجاب عنه بقول المجدد رحمه الله في مفيد المستفيد (ص:15):
فتأمل هذا، وتأمل ما فيه من تفصيل الشبهة، التي يذكر أعداء الله، لكن {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} [سورة المائدة آية: 41] ، على أن الذي نعتقده وندين الله به، ونرجو أن يثبتا عليه: أنه لو غلط هو، أو أجل منه في هذه المسألة، وهي مسألة: المسلم إذا أشرك بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق، وغير ذلك من الكفر الصريح الظاهر، الذي بينه الله ورسوله، وبينه علماء الأمة، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره، ولو غلط من غلط، فكيف والحمد لله، ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} أو حجة قريش {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ} [سورة ص آية: 7] الآية.ا.ه
فلو غلط ابن عثيمين أو من هو أكبر منه فالحق لا يغيره ذلك إلا عند أراذل الناس وسقط المتاع منهم .
فالعاقل يتدين بشرع ربه لا بقول اين عثيمين ، أما سفهاء المرجئة فدينهم أقوال الرجال .
 ثانيا: إمامك ابن عثيمين يظن فقط ولا يجزم فكيف جزمت أنت يا مقلد؟
ثالثا: هل عباد القبور الذين هم بين المسلمين لم يسمعوا الحق مطلقا ؟ أم سمعوا وأعرضوا؟
رابعا : فرق بين التكفير وتسمية فاعل الشرك مشركا لو كنتم تعقلون ، فكم كررناها على مسامعكم لكنكم لا تعقلون.
ثم قال:

ثم عدّ الإمام أربعة أنواع لأعداء التوحيد ، ثم قال الإمام :
"
وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفر، ومن لم يقاتل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه؛ فكل هذا من الكذب والبهتان، الذي يصدون به الناس عن دين الله ورسوله.
وإذا كنا: لا نكفر من عبد الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم، وعدم من ينبههم، فكيف نكفر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل؟ ‍‍ ‍‍‍‍‍‍‍‍{ سبحانك هذا بهتان عظيم } [ سورة النور، الآية: 16 ]
بل نكفر تلك الأنواع الأربعة، لأجل محادتهم لله ورسوله، فرحم الله إمرءاً نظر نفسه، وعرف أنه ملاق الله، الذي عنده الجنة والنار؛ وصلى الله على محمد وآله وصحبه، وسلم "
يقال هذا نص محل اشتباه من كلام المجدد فأين بقية النصوص عنه اليت تكفر فاعل الشرك صراحة؟
ثانيا: ليس في كلام المجدد اي تلميح لعذر الجاهل فنسبته غليه غلط عليه مهما كان قائله.
فالشيخ ينفي التكفير بالعموم وهو حق لا ريب فيه ، وهو ينفي تكفير المسلمين أما المشرك فلا يدخل في عموم كلامه أصلا كما بينه الشيخ ابن سحمان فقال في كشف الأوهام والالتباس (ص:34):
وذكر شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله أن هؤلاء الذين شبهوا بكلام شيخ الإسلام لم يفهموه وإنما كلامه في طوائف مخصوصة وأن الجهمية وعباد القبور وأهل الكتاب غير داخلين فيه.ا.ه
ثالثا : المجدد رحمه الله لم يحصر التكفير في الطوائف الأربعة فقط بل اثبت الحكم لهم ولم يتطرق لغيرهم فلا يؤخذ من قوله أي حصر ، ومن قال خلاف ذلك فقد أبعد النجعة.
رابعا: تعلقكم جميعا بقول المجدد المنقول عنه رده الشيخ إسحاق في رسالة تكفير المعين فراجعه لعلك تفيق من سكرة الهوى فلا تتوهم أنك تصفع غيرك وأنت المصفوع.
وقال الشيخ إسحاق رحمه الله في تكفير المعين (ص:19):
وتوقفه رحمه اللَّه -أي توقف الشيخ محمد بن عبد الوهاب- في بعض الأجوبة يُحمل على أنه لأمر من الأمور ، وأيضاً فإنه كما ترى توقف مرة كما في قوله : ( وأمَّا من أخلد إلى الأرض فلا أدري ما حاله ) فيا للَّه العجب كيف يترك قول الشيخ في جميع المواضع مع دليل الكتاب والسنة وأقوال ابن تيمية وابن القيم ، كما في قوله : من بلغه القرآن فقد قامت عليه الحجة" ويقبل في موضع واحد مع الإجمال ... "
وفيه جواب لتعلقكم الباطل بكلمة المجدد وهي محل إجمال.
ثم نقل أدلتهم المزعومة تقليدا لابن عثيمين فقال:
 - فمن أدلة الكتاب:
قوله تعالى: (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولاً) {سورة الإسراء، الآية: 15}
هذه في التعذيب لا في التسميات يا جهلة فاتركوا المذب على الله .
ثم الرسول قد بعث فلم يبق لهم فيها حجة لكنكم قوم تكذبون على الله كما وصفكم السلف
 وقوله: (وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولاً يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا وأهلها ظالمون) {سورة القصص،، الآية 59}
وقوله: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) ، {سورة النساء، الآية: 165} .
وقوله (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء) {سورة إبراهيم، الآية: 4} .
وقوله: (وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون) {سورة التوبة، الآية: 115}
وقوله: (وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين أو تقولوا لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة) {سورة الأنعام، الآية: 155-157}
 إلى غير ذلك من الآيات الدالة على أن الحجة لا تقوم إلا بعد العلم والبيان.
كل الآيات السابقة فيها نفي التعذيب إلا بعد الرسل ، وفيها أن الله لا يعذب حتى يبين للناس .
والله قد أرسل الرسل واقام الحجة على العالمين بهم فلم يسبق لأحد متعلق بعدهم في باب أصول الدين الواضحة كتوحيد رب العالمين.
ثم على التسليم لكم ففي الآيات نفي للعذاب لكن هذا لا يمنع من تسمية فاعل الشرك مشركا كما هو متقرر ، فلا حجة لكم في الآيات السابقة.
 

-
وأما السنة:
ففي صحيح مسلم 1/134 عن أبي هريرة-رضي الله عنه-أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة-يعني أمة الدعوة-يهودي ولا نصراني ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار".
الرسول عليه السلام قيد دخول النار بمجرد السماع ببعثته فلا حجة لكم فيه بل هو حجة عليكم لو عقلتم ، لكنكم قلدتم بجهل فانحرفتم.

-
وأما كلام أهل العلم (١) :
فقال في المغني 8/131 "فإن كان ممن لا يعرف الوجوب كحديث الإسلام، بغير دار الإسلام، أو بادية بعيدة عن الأمصار وأهل العلم لم يحكم بكفره".
كلام ابن قدامة في الواجبات وليس في التوحيد فلا يستدل به عاقل على عذر عباد القبور.
ثم إن سياق كلامه يبين المراد ويرد على احتجاجكم بكلامه حيث قال :
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ لَهَا نَاشِئًا فِي الْأَمْصَارِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّهُ يُكَفَّرُ بِمُجَرَّدِ جَحْدِهَا ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي مَبَانِي الْإِسْلَامِ كُلِّهَا ، وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ ؛ لِأَنَّهَا مَبَانِي الْإِسْلَامِ ، وَأَدِلَّةُ وُجُوبِهَا لَا تَكَادُ تَخْفَى ، إذْ كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَشْحُونَيْنِ بِأَدِلَّتِهَا ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهَا ، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا مُعَانِدٌ لِلْإِسْلَامِ ، يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ ، غَيْرُ قَابِلٍ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا إجْمَاعِ أُمَّتِهِ .ا.ه
فهل يا تراه لا يعذر جاح الصلاة ويعذر جاحد حق الله الذي هو أوضح شيء في القرآن؟
لا يقول ذلك إلا ممسوس أو جاهل لا يعي ما يخرج من رأسه، فالتوحيد لا يخفى على مسلم يقرأ القرآن ويعيش بين المسلمين ، وإن خفيت بعض تفاصليه فلا يخفى أصله ، ولا يمكن أن يكون مباني الإسلام أظهر من التوحيد .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوي 3/229 مجموع ابن قاسم: "إني دائماً-ومن جالسني يعلم ذلك مني-من أعظم الناس نهياً عن أن ينسب معين إلى تكفير، وتفسيق، ومعصية إلا إذا علم أنه قد قامت عليه الحجة الرسالية التي من خالفها كان كافراً تارة، وفاسقاً أخرى، وعاصياً أخرى، وأني أقرر أن الله-تعالى-قد غفر لهذه الأمة خطأها، وذلك يعم الخطأ في المسائل الخيرية القولية، والمسائل العملية، وما زال السلف يتنازعون في كثير من هذه المسائل، ولم يشهد أحد منهم على أحد لا بكفر، ولا بفسق، ولا بمعصية-إلى أن قال-وكنت أبين أن ما نقل عن السلف والأثمة من إطلاق القول بتكفير من يقول كذا وكذا فهو أيضاً حق، لكن يجب التفريق بين الإطلاق والتعيين-إلى أن قال-والتكفير هو من الوعيد فإنه وإن كان القول تكذيباً لما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم لكن الرجل قد يكون حديث عهد بإسلام، أو نشأ ببادية بعيدة، ومثل هذا لا يكفر بجحد ما يجده حتى تقوم عليه الحجة، وقد يكون الرجل لم يسمع تلك النصوص أو سمعها ولم تثبت عنده، أو عارضها عنده معارض آخر أوجب تأويلها وإن كان مخطئاً" أ. هـ.
النقل عن شيخ الإسلام تولى الإجابة عنه المجدد رحمه الله وأتباعه على دعوته وهي منشورة نكتفي بما قاله في مفيد المستفيد وقد سبق نقله في أول الرد فليراجع، فهو ألف كتابه لبيان أن ابن تيمية لا يمنع من تكفير المعين لا كما يدعيه ابن جرجيس وأتباعه المعاصرين.
وقال أبا بطين في الدرر ( 10 / 360 ، 375 ) قال : إن قول الشيخ تقي الدين : إن التكفير والقتل موقوف على بلوغ الحجة  يدل من كلامه على أن هذين الأمرين وهما التكفير والقتل ليسا موقوفين على فهم الحجة مطلقا بل على بلوغها ففهمها شيء وبلوغها شيء آخر ، فلو كان هذا الحكم موقوفا على فهم الحجة لم نكفر ونقتل إلا من علمنا أنه معاند خاصة ، وهذا بين البطلان بل آخر كلامه رحمه الله يدل على أنه يعتبر فهم الحجة في الأمور التي تخفى على كثير من الناس وليس فيها مناقضة للتوحيد والرسالة كالجهل ببعض الصفات
وأما الأمور التي هي مناقضة للتوحيد والإيمان بالرسالة فقد صرح رحمه الله في مواضع كثيرة بكفر أصحابها وقتلهم بعد الاستتابة ولم يعذرهم بالجهل  مع أننا نتحقق أن سبب وقوعهم في تلك الأمور إنما هو الجهل بحقيقتها فلو علموا أنها كفر تخرج من الإسلام لم يفعلوها ...
ثم ذكر أمثلة في كل من غلا في نبي أو صالح فجعل فيه نوعا من الألوهية .. إلى أن قال : ونحو هذه الأقوال التي هي من خصائص الربوبية التي لا تصلح إلا لله فكل هذا شرك وضلال يستتاب صاحبه فإن تاب وإلا قتل. ..،
إلى أن قال : فانظر إلى قول ابن تيمية لم يمكن تكفيرهم بذلك حتى يبين لهم ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل حتى يتبين لهم ونتحقق منهم المعاندة بعد المعرفة .. إلى أن قال : فانظر إلى تفريقه بين المقالات الخفية والأمور الظاهرة فقال في المقالات الخفية التي هي كفر : قد يقال أنه فيها مخطئ ضال لم تقم عليه الحجة التي يكفر صاحبها ولم يقل ذلك في الأمور الظاهرة فالأمر ظاهر في الفرق بين الأمور الظاهرة والخفية فيكفر بالأمور الظاهرة حكمها مطلقا وبما يصدر منها من مسلم جهله كاستحلال محرم أو فعل أو قول شركي بعد التعريف ، ولا يكفر بالأمور الخفية جهلا كالجهل ببعض الصفات فلا يكفر الجاهل بها مطلقا وإن كان بها داعية كقوله للجهمية : انتم عندي لا تكفرون لأنكم جهال .
وقوله عندي يبين أن عدم تكفيرهم ليس أمرا مجمعا عليه لكنه اختياره ، وقوله في هذه المسألة خلاف المشهور في المذهب ، فإن الصحيح من المذهب تكفير المجتهد الداعي إلى القول بخلق القران أو نفي الرؤية أو الرفض ونحو ذلك وتفسيق المقلد ..ا.ه المراد
ثم قال ناقلا عن ابن عثيمين:
وقال شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب 1/56 من الدرر السنية: "وأما التكفير فأنا أكفر من عرف دين الرسول، ثم بعدما عرفه سبه، ونهى الناس عنه، وعادى من فعله فهذا هو الذي أكفره"...
والجواب:
وهذه لا حصر فيها فهو يكفر هذا ويكفر بغيرها من المكفرات فلا يؤخذ منها قوله بالعذر البتة.
فكون الشخص يكفر نوعا من الناس لا يعني نفي التكفير عمن عداهم ، ضف إلى ذلك أن الكلام في التكفير غير إعطائهم اسم الإسلام، وهو بين واضح بحمد الله إلا على العميان من الجهمية والجراجسة
وواصل النقل قائلا:
... إذا كان هذا مقتضى نصوص الكتاب، والسنة، وكلام أهل العلم فهو مقتضى حكمة الله تعالى، ولطفه ورأفته، فلن يعذب أحداً حتى يعذر إليه، والعقول لا تستقل بمعرفة ما يجب لله تعالى من الحقوق، ولو كانت تستقل بذلك لم تتوقف الحجة على إرسال الرسل.
والجواب:
مقتضى الكتاب والسنة وأقوال أهل العلم بحق تدل على كفر من فعل الشرك وأن من حكم له بالإسلام فهو إلى علاج عقله أحوج منه إلى تعلم العلم كما قال العلامة الألوسي.
كيف وقد نقل فيها عدد من أئمة الدعوة إجماع أهل العلم فمن اين جاء الخلاف يا ترى؟
والعقول لا تستقل بتمام المعرفة بالله وتفاصيلها ، أما الإقرار بالربوبية المستلزم لإفراده بالألوهية فهذا مركوز في الفطر والعقول لا ينكره إلا مكابر.
وآية الميثاق تؤيد ذلك بجلاء وما ورد في تفسيرها عن سلف الأمة معروف عند أهل السنة .
والشرك معروف قبحه في العقل قبل البعثة كما معتقد أهل السنة ، إنما يثبت العقاب والجزاء بالشرع .
ثم واصل النقل:
فالأصل فيمن ينتسب للإسلام بقاء إسلامه حتى يتحقق زوال ذلك عنه بمقتضى الدليل الشرعي، ولا يجوز التساهل في تكفيره ...


الجواب:
نعم هذا تقعيد صحيح ، لكن فاعل الشرك لا يمكن أن يسمى مسلما ولا أن يثبت له الإسلام وهو قد نقض أصل دينه  بالشرك بالله في ألوهيته، والشرك والإسلام نقيضان لا يجتمعان ؛ فإما مسلم وإما مشرك.
وإذا لم يكن الشرك مما يزيل الإسلام فلا يوجد ما يزيله البتة.
وواصل النقل :
ثم قال رحمة الله عليه :
"
فالواجب قبل الحكم بالتكفير أن ينظر في أمرين:
الأمر الأول: دلالة الكتاب، والسنة على أن هذا مكفر لئلا يفتري على الله الكذب.
ادلة أن الشرك كفر لا يمكن حصرها وأي مسلم يفتتح القرآن يجد ذلك متكاثرا حتى جعله ابن القيم كله في بيان التوحيد وضده .

الثاني: انطباق الحكم على الشخص المعين بحيث تتم شروط التكفير في حقه، وتنتفي الموانع
ومن أهم الشروط:
أن يكون عالماً بمخالفته التي أوجبت كفره لقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعدما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً) {سورة النساء الآية: 115} فاشترط للعقوبة بالنار أن تكون المشاقة لرسول من بعد أن يتبين الهدى له.
ولكن هل يشترط أن يكون عالماً بما يترتب على مخالفته من كفر أو غيره أو يكفي أن يكون عالماً بالمخالفة وإن كان جاهلاً بما يترتب عليها؟
الجواب: الثاني؛ أي أن مجرد علمه بالمخالفة كاف في الحكم بما تقتضيه."
هذا ينقضه كلامه في تكفير ساب الله ، فما جوابكم عليها هو جوابنا في الشرك .
فقد سئل السؤال
 فضيلة الشيخ! مسألة العذر بالجهل هل تدخل فيها مسألة سب الدين وسب الرب؟
فأجاب:
 هل أحد يجهل أن الرب يجب تعظيمه؟ قل: نعم، أو: لا؟ السائل: لا.
الشيخ: لا أحد يجهل أن الرب له من التعظيم والإجلال ما لا يمكن أن يسبه أحد، وكذلك الشرع فهذه مسألة فرضية في الذهن لا وجود لها في الواقع.
وعلى كل حال: كل من سب الله فهو كافر مرتد، حتى وإن كان يمزح، فيجب أن يقتل، ويجب أن يرفع أمره إلى ولي الأمر، ولا تبرأ الذمة إلا بذلك، ثم إن تاب وأناب وصلحت حاله وصار يسبح الله ويعظمه ويقوم بعبادته، فقال بعض أهل العلم: إن توبته لا تقبل، وإنه يقتل كافراً، قالوا: وذلك لعظم ذنبه وردته، فيقتل، وفي الآخرة أمره إلى الله لكن في الدنيا نقتله على أنه كافر، فلا نغسله ولا نكفنه ولا نصلي عليه ولا ندفنه مع المسلمين ولا ندعو له بالرحمة، هذا هو مذهب الحنابلة المشهور عند الحنابلة الآن، والذي يُعمل به.ا.ه
ففتوى الشيخ هنا تناقض تأصيله هناك فكيف الجمع عندكم معاشر المرجئة؟
فهو لا يعذر من يسب الله بالجهل هنا ، بينما كان يقرر أن العذر ثابت في الشرع ولم يستثن، فإن قلتم هذه عامة والفتوى خاصة ، قلنا كذلك الشرك خاص فلا يعمم جوابه في العذر.
ثم قال:
ثم عد الشيخ - نوّر الله ضريحه - موانع التكفير فكان مما قاله منها :
"
ومن الموانع أيضاً أن يكون شبهة تأويل في الكفر بحيث يظن أنه على حق، لأن هذا لم يتعمد الإثم والمخالفة فيكون داخلاً في قوله -تعالى-: (وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم) {سورة الأحزاب، الآية: 5} .
ولأن هذا غاية جهده فيكون داخلاً في قوله - تعالى-: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) {سورة البقرة، الآية: 286
الشبهة ليست في توحيد رب العالمين، إلا أن يحمل كلامه على المسائل الخفية كبعض مسائل الصفات فحينئذ يستقيم الكلام ولا يتناقض.
وليس من شرط الحكم على المخالف أن يتعمد المخالفة فهذه فكرة لا أصل لها في الشرع لم ينص عليها ائمة السلف بل نصوا على خلافها قال ابن منده
رحمه الله في كتابه التوحيد( 1/314) :
باب ذكر الدليل على أن المجتهد المخطئ في معرفة الله عز وجل ووحدانيته كالمعاند ،ثم قال :قال الله تعالى مخبرا عن ضلالتهم ومعاندتهم (قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم قي الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا )
ثم نقل أثر علي بن أبي  طالب لما سُئل عن الأخسرين أعمالا فقال :
كفرة أهل الكتاب كان أوائلهم على حق فأشركوا بربهم عز وجل وابتدعوا في دينهم وأحدثوا على أنفسهم فهم يجتمعون في الضلالة ويحسبون أنهم على هدى ويجتهدون في الباطل ويحسبون أنهم على حق ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، وقال علي رضى الله عنه منهم أهل حروراء
ثم ذكر أثر سلمان الفارسي رضى الله عنه لما ذكر للرسول حال النصارى قبل البعثة أنهم كانوا يصومون ويصلون ويشهدون أنك ستبعث فقال الرسول صلى الله عليه وسلم هم من أهل النار .ا.ه المراد 
بل هي مخالفة صريحة للآية التي ذكرها ابن منده .
وقال الطبري رحمه الله:
القول في تأويل قوله : { إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) }
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: إن الفريق الذي حق عليهم الضلالة، إنما ضلوا عن سبيل الله وجارُوا عن قصد المحجة، باتخاذهم الشياطين نُصراء من دون الله، وظُهراء،  جهلا منهم بخطأ ما هم عليه من ذلك، بل فعلوا ذلك وهم يظنون أنهم على هدى وحق، وأن الصواب ما أتوه وركبوا.
وهذا من أبين الدلالة على خطأ قول من زعمَ أن الله لا يعذِّب أحدًا على معصية ركبها أو ضلالة اعتقدها، إلا أن يأتيها بعد علم منه بصواب وجهها، فيركبها عنادًا منه لربه فيها. لأن ذلك لو كان كذلك، لم يكن بين فريق الضلالة الذي ضلّ وهو يحسَبُ أنه هادٍ. وفريق الهدى،  فَرْقٌ. وقد فرَّق الله بين أسمائهما وأحكامهما في هذه الآية.ا.ه
قال الشنقيطي في الأضواء:
قوله تعالى: {إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ} ، بين تعالى في هذه الآية الكريمة، أن الكفار اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله، ومن تلك الموالاة طاعتهم لهم فيما يخالف ما شرعه الله تعالى، ومع ذلك يظنون أنفسهم على هدى.
وبين في موضع آخر: أن من كان كذلك فهو أخسر الناس عملاً، والعياذ بالله تعالى، وهو قوله جل وعلا: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً} [18/103، 104].
تنبيه
هذه النصوص القرآنية تدل على أن الكافر لا ينفعه ظنه أنه على هدى؛ لأن الأدلة التي جاءت بها الرسل لم تترك في الحق لبساً ولا شبهة، ولكن الكافر لشدة تعصبه للكفر لا يكاد يفكر في الأدلة التي هي كالشمس في رابعة النهار لجاجاً في الباطل، وعناداً.ا.ه
فبان الآن خطأ كلام ابن عثيمين الذي استدللتم به وأنه مخالف لفهم السلف الصالح.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبيه محمد.

 

0 التعليقات:

إرسال تعليق