Pages

السبت، 1 فبراير 2014

فوائد من كتاب كشف الشبهتين لابن سحمان




بسم الله الرحمن الرحيم       
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:

 فهذه فوائد منتقاة اخترتها من قراءتي لكتاب كشف الشبهتين للشيخ سليمان ابن سحمان أسردها عليكم و أسأل الله أن ينفع بها الكاتب والقارئ جميعا والآن مع الفوائد.
قال الشيخ ابن سحمان في كشف الشبهتين ص24:
وهؤلاء تظاهروا بالرد والتشنيع على من أظهر عداوة الجهمية، والإباضية، وعباد القبور، وسموا هؤلاء الملاحدة من الجهمية وغيرهم من المسلمين، وزعموا أن قصدهم النصيحة للمؤمنين عن تكفير المسلمين، أفلا يستحي من صنع هذا الصنيع، ورتع في هذا المرتع الفظيع، ممن يقف على كلامه السامج الساقط، وعلى غاية مرام قصده المارج القاسط، حيث قام في نحر من يظهر عداوة أعداء الله ورسوله، ويتظاهر بالرد عليهم، وتجهيلهم، وتضليلهم بغير دليل من كتاب الله، وسنة رسوله، وكلام أهل التحقيق من أهل العلم، بل بما سنح له من مفهومه، وتخيله في معلومه.
أقلوا عليهم لا أباً َ لأبيكموا ... من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
أولئك هم خير وأهدى لأنهم ... عن الحق ما ضلوا وعن ضده صعدوا
وعادوا عُداة الدين من كل ملحد ... وقد حذروا منهم وفي بغضهم جَدّوا
فعاديتموهم من سفاهة رأيكم ... وشيدتموا ركناً من الغي قد هدوا
بتكفيرهم جهميةً وأباضية ... وعباد أجداث لناولكم ضِدّوا
وقد كفر الجهمية السلفُ لأولى ... وما شك في تكفيرهم من له نقد
ولا من له علم ولكن لبعضهم ... كلام على جهالهم ولهم قصد
وقد كان هذا في خصوص سائل ... عليهم بها يخفى الدليل ولا يبدوا
وأنتم لهم وآليتموا من غبائكم ... على أنهم سِلم وأنتم لهم جند
وما كان هذا الأمر إلا تَعَنُّتاً ... وإلا فما التشنيع يا قوم والرد
إذا لم يكن هذا الذي قدصنعتموا ... لمرضاة من شاد والردى بل له شدوا
ألا فأفيقوا لا أباً لأبيكموا ... من اللوم يا قومي فقد وضح الرشد
وقال ص27:
فهذا التلطف والشفقة والرحمة لا يجوز أن يعامل بها من ينكر علو الله على خلقه، ويعطل أسماءه1 وصفاته، بل يعامل بالغلظة والشدة والمعاداة الظاهرة، وكذلك لا يعامل بها من أشرك بالله وعدل به سواه.
وفي ص30:
وقال شيخنا الشيخ عبد اللطيف رحمه الله في رده على ابن منصور: والهجرة إلى الحبشة، ومقام أبي بكر الصديق يتلوا القرآن، ويظهر دينه كل هذا يؤيد كلام الشيخ وينصره في وجوب التصريح بالعداوة، وأنه لا رخصة مع الاستطاعة، ولولا ذلك لم يحتاجوا إلى الهجرة، ولو تركوها في بلد النجاشي لم يحتاجوا إلى نصرته، وأن يقول: أنتم سيوم بأرضي، ولكان كل مسلم يخفي إيمانه ولا يبادر المشركين بشيء من العداوة، فلا يحتاج حينئذ إلى هجرة، بل تمشي الحال على أي حال كما هي طريقة من لا يعرف ما أوجب الله من عداوة المشركين، وإظهار دين المرسلين، ولولا التصريح بالعداوة من المهاجرين الأولين، ومباداة قومهم بإظهار الإسلام، وعيب ما هم عليهم.
من الشرك وتكذيب الرسول، وجحد ما جاء به من البينات والهدى، لما حصل من قومهم من الأذية والابتلاء والامتحان ما يوجب الهجرة، واختيار بلد النجاشي، وأمثالها من البلاد التي تؤمن فيها الفتنة والأذية.
فالسبب المقتضي لهذا كله ما أوجبه الله من إظهار الإسلام ومباداة أهل الشرك بالعداوة والبراءة، بل هذا مقتضى كلمة الإخلاص، فإن نفي الآلهة عما سوى الله صريح في البراءة منه، والكفر بالطاغوت، وعيب عبادتهم، وعداوتهم ومقتهم، ولو سكت المسلم ولم ينكر كما يظنه هذا الرجل لألقت الحرب عصاها، ولم تدر بينهم رحاها كما هو الواقع ممن يدعي الإسلام وهو مصاحب معاشر عباد الصالحين والأوثان والأصنام، فسحقاً للقوم الظالمين، انتهى.
ص31:
وإذا كان أعداء الله الجهمية، وعباد القبور قد قامت عليهم الحجة، وبلغتهم الدعوة، منذ أعصار متطاولة، لا ينكر هذا إلا مكابر، فكيف يزعم هؤلاء الجهلة أنه لا يقال لأحدهم: يا كافر، ويا مشرك، ويا فاسق، ويا متعور، ويا جهمي، ويا مبتدع وقد قام به الوصف الذي صار به كافراً، أو مشركاً، أو فاسقاً، أو مبتدعاً وقد بلغته الحجة، وقامت عليه، مع أن الذي صدر من القبورية الجهمية هؤلاء لم يكن من المسائل الخفية التي قد يخفى دليلها على الإنسان فَيُتَوقَّف في حال أحدهم، لكن قد علم بالضرورة من دين الإسلام أن من جحد علوا الله على خلقه، وأنكر صفاته ونعوت جلاله أنه كافر معطل لا يشك في ذلك مسلم، فكيف يظن بالإخوان أنهم يقولون للمسلم يا سني: يا جهمي، وليس كذلك، أو يا كافر أو يا مبتدع.
وقد قال الإمام مالك لما سأله1 رجل عن الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعاً، وأمر به فأخرج عن مجلسه.
وقال شيخ الإسلام ابن تيميه قدس الله روحه وهو في السجن لما طلب منه أعداؤه أن يوافقهم على أمر كتبوه في ورقة، وقالوا: المطلوب منه أن يعتقد هذا، فأبى عليهم، فأعادوا عليه الجواب، فأبى وأغلظ لهم في الجواب قال: فرفعت صوتي وقلت: يا زنادقة يا كفار يا مرتدين أو كلاماً نحو هذا ذكره في التسعينية.
وفي ص39:
وهذا الجاهل المعترض، وأصحابه الذين وازروه، وقاموا معه فإنهم ينكرون على من أظهر عداوة الجهمية، والإباضية، وعباد القبور، ويشنعون عليهم ويصنفون في الرد عليهم، والذب عن هؤلاء الكفرة ويسمونهم المسلمون، ويعيبون على أهل الإسلام بأنهم جعلوا عمتهم وسعيهم في تكفير من أنكر علوا الله على خلقه، وعطل أسماءه وصفاته، وأنهم بهذا نفروا المسلمين عن الصراط المستقيم. والصراط المستقيم عند هؤلاء هو: التلطف بهم، والنصيحة لهم،واللين عليهم، لأن هذا بزعمهم هو دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيرته. وما علم هؤلاء أن هذا كان في بدء الأمر قبل أن تنزل آية السيف والجهاد، ثم نسخ هذا كله، وأمر أن يجاهدهم حتى يكون الدين كله لله.
ص43:
والمقصود ما قاله المناوي رحمه الله من أن مخالطتهم سم قاتل، وأن أهل المعاصي أعداء الدين، فكيف بمخالطة أهل الكفر بالله من دعاة الأنبياء والأولياء والصالحين، والجهمية، والإباضية أعداء الدين، الخارجين عن طريقه المسلمين، والمجادلة عنهم والذب، وتضليل من نفر عن مجالستهم، وتجهيلهم وآل به الجهل بطبع مقالته، ونشرها في البلاد والعباد، سبحان من طبع على قلوب أكثر الناس.
وفي54:
وقوله: "ينبغي أن يكون الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر عليماً فقيهاً حليماً صبوراً".
فأقول: هذا حق وهو الواجب، ولكن لا يدفع هذا في نحر من أظهر عداوة أعداء الله الجهمية، والأباضية، والمرتدين، وإن كان المعادي لهم ليس بعالم ولا فقيه ولا حليم، بل على المسلم أن يعادي أعداء الله بحسب علمه وفهمه، وأن لا يتجاوز المشروع، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "من رأى منكم منكراً فليغره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان".
وأما قوله: "أما تكفيكم هذه الآية: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} [النحل: 125] آي بالترغيب والترهيب، وجادلهم بالتي هي أحسن، أي جادلهم بالبراهين المسلمة التي يُقِرُّ بها كل واحد، هكذا في الحسبة لشيخ الإسلام".
فأقول: هذا حق لا مرية فيه، وليس فيه أنه إذا دعاهم إلى الله بما ذكر من الموعظة الحسنة، وجادلهم بالتي هي أحسن، ولم يرتدعوا، ولم ينتهوا أنه لا يقاطعهم، وينابذهم، ولا يبرأ2 إلى الله منهم.
وإذا كان ذلك كذلك فلا يخلو أمر هؤلاء الجهمية والإباضية والمرتدين من عباد القبور من إحدى ثلاث أمور:
إما أن يكونوا قد دعوتموهم بالحكمة والموعظة الحسنة، وجادلتموهم بالبراهين التي يُقِرُّ بها ويسلمها كل أحد، فقبلوا ما دعوتموهم إليه من الهدى، ودين الحق، فرجعوا عن ضلالتهم، وتابوا وأنابوا والتزموا بما كان عليه أهل السنة والجماعة، وحينئذ يكون المعادي لهم والمعترض عليكم وعليهم مخطاً ظالما ً متعدياً.
وإما أن يكونوا لم يقبلوا ما دعوتموهم إليه من الهدى، ودين الحق، وطريقة أهل السنة والجماعة، بل كابروا، وعاندوا، وتمردوا، وشَرَدُوا على الله شِراد البعير على أهله، فتكون الحجة قد قامت عليهم، وحينئذ فلا مانع من تكفيرهم، وإظهار عداوتهم، والبراءة منهم، وبغضهم، والتنفير عنهم
ومباعدتهم، ومقاطعتهم، لأن الحجة قد بلغتهم، وقامت عليهم.
وإما أن يكونوا لم تدعوهم أنتم، ولم تناصحوهم، فتكونوا أنتم حينئذ من أنصارهم، وأعوانهم، والذابين عنهم قبل دعوتهم إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وإقامة الحجة عليهم: {هَا أَنْتُمْ هَؤُلاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً} [النساء:109] وجعلتم أنفسكم دونهم هدفاً، تصنفون في الرد على من عاداهم، وغلبهم، ومقتهم، ونشر عورتهم، وخزيهم وضلالهم، أفلا تتقون يوماً ترجعون فيه إلى الله.


0 التعليقات:

إرسال تعليق