Pages

السبت، 1 مارس 2014

مناقشة مقال شبهات الغلاة لمحمد حاج عيسى الجزائري حول العذر بالجهل_ الحلقة الثانية



 بسم الله الرحمن الرحيم
 الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه أما بعد:
فهذه الحلقة الثانية من مناقشة كتاب حاج عيسى حول العذر بالجهل
ثانيا : ثم إننا لا نوافق على ما يزعمه المخالفون من أن أهل الجاهلية الذي وصفوا في الشرك لم تكن الحجة قائمة عليهم وكانوا في حكم أهل الفترات، بل لم يكونوا منهم وكانت الحجة قائمة عليهم (انظر شرح مسلم للنووي 7/45)، وعلى ذلك دلائل منها: أن إقامة الحجة لا تحتاج إلى وجود رسول ضرورة ، بل يكفى أن يوجد من يعلن بدعوته ، قال الشوكاني في تفسير قوله : ( وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ)[القصص:47] : « ومعنى الآية أنا لو عذبناهم لقالوا طال العهد بالرسل ولم يرسل الله إلينا رسولا ، ويظنون أن ذلك عذر لهم ، ولا عذر لهم بعد أن بلغتهم أخبار الرسل، ولكنا أكملنا الحجة وأزحنا العلة وأتممنا البيان بإرسالك يا محمد إليهم»
هذا من أعجب العجب ان تحتج بما هو حجة عليك فإذا كان هذا في أهل الفترة ، فتراهم غير معذورين بالجهل وبأن آثار الرسالات كانت موجودة فيهم ، فكيف بأمة كتاب ربها بين أيديها يتلى في كل حين ، أليس هؤلاء أولى بعدم العذر من أولئك ؟
ومنها أنه قد كان في أهل الجاهلية من يعبد الله تعالى ولا يشرك به شيئا كزيد بن عمرو بن نفيل، فقد روى أحمد (2/89) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل (بلدح) وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم فأبى أن يأكل منه وقال: إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ولا آكل مما لم يذكر اسم الله عليه» قال الألباني في صحيح السيرة (1/34) وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وفي صحيح البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : رأيت زيد بن عمرو بن نفيل قائما مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معاشر قريش والله ما منكم على دين إبراهيم غيري .
أليس هذا موجودا في الأمة بأضعاف مما كان في الجاهلية ؟
أليس الموحدون ينادون ليلا ونهارا أن فعل المشركين باطل والكتب والدروس منتشرة في كل الوسائل ؟ أفمثل هؤلاء يعذرون ولا يعذر أهل الفترة الذين غيرت في عصرهم كثير من رسالات الأنبياء؟

   ومن الدلائل قول النبي صلى الله عليه و سلم : « أبي وأبوك في النار » وقوله: « اسْتَأْذَنْتُ رَبِّى أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّى فَلَمْ يَأْذَنْ لِى وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِى » وهما في صحيح مسلم، ومعنى هذا أن والديه في النار وهذا يدل على أهل الجاهلية ليسوا من أهل الفترات ، لأنه قد ثبت أن أهل الفترة يمتحنون .
هذا من تناقضك! إما أن تطرد أصلك في امتحانهم جميعا بأنهم أهل فترة ، أو أنهم جميعا بلغتهم الحجة .
وفي حديث بني عبد المنتفق قال:
فقلتُ: يا رسولَ الله؛ هل لأحد ممن مضى من خير فى جاهليتهم؟ فقال رجل مِن عُرْضِ قريش: واللهِ إنَّ أباكَ المنتفِق لفى النار، قال: فكأنه وقع حرٌ بينَ جِلد وجهى ولحمه مما قال لأبى على رؤوس الناس، فهممتُ أن أقول: وأبوك يا رسولَ الله؟ ثم إذا الأخرى أجمل، فقلتُ: يا رسولَ الله؛ وأهلك؟ قال: "وأَهْلى .
لَعَمْرُ اللهِ، حَيْثُ ما أَتَيْتَ على قَبْرِ عامِرىٍّ، أو قُرَشى من مشرك قُلْ: أرسلنى إليك مُحَمَّدٌ، فأُبَشِّرُكَ بما يَسُوؤُكَ، تُجَرُّ عَلى وجْهِكَ وبَطْنِكَ فى النَّارِ".قال: قلتُ: يا رسولَ الله؛ وما فعل بهم ذلك، وقد كانوا على عمل لا يُحسنون إلا إياه، وكانوا يَحسِبُون أنهم مصلحون؟ قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ذَلِكَ بِأنَّ اللهَ بَعَثَ فى آخِرِ كُلِّ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيّاً، فمَن عَصى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ، ومَنْ أطاع نَبِيَّهُ كان مِنَ المُهْتَدِين".
فإن قلت الحديث ضعيف قلت إليك كلام ابن القيم رحمه الله:
هذا حديث كبير جليل، تُنادى جلالتُه وفخامتُه وعظمتُه على أنه قد خرج مِن مِشكاة النُّبوة، لا يُعرف إلا من حديث عبد الرحمن بن المغيرة بن عبد الرحمن المدنى، رواه عنه إبراهيم بن حمزة الزُّبَيْرى، وهما من كبار علماء المدينة، ثقتان محتجٌ بهما فى الصحيح، احتجَّ بهما إمامُ أهل الحديث محمد بن إسماعيل البخارى، ورواه أئمةُ أهل السُّنَّة فى كتبهم، وتلقَّوْه بالقبول، وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحدٌ منهم فيه، ولا فى أحد من رُواته.
فممن رواه: الإمام ابن الإمام، أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل فى مسند أبيه، وفى كتاب "السُّنَّة" وقال: كتب إلىَّ إبراهيمُ بن حمزة ابن محمد بن حمزة بن مصعب بن الزُّبَيْر الزُّبَيْرى: كتبتُ إليك بهذا الحديث، وقد عرضتُه، وسمعتُه على ما كتبتُ به إليك، فحدِّث به عنى.
ومنهم: الحافظ الجليل أبو بكر أحمد بن عَمْرو بن أبى عاصم النبيل فى كتاب "السُّنَّة" له.
ومنهم: الحافظ أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن سليمان العسَّال فى كتاب "المعرفة".
ومنهم: حافظُ زمانه، ومحدِّثُ أوانه، أبو القاسم سليمان بن أحمد ابن أيوب الطبرانى فى كثير من كتبه.
ومنهم: الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن حَيَّان أبو الشيخ الأصبهانى فى كتاب "السُّنَّة".
ومنهم: الحافظ ابن الحافظ أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى ابن منده، حافظ أصبهان.
ومنهم: الحافظ أبو بكر أحمد بن موسى بن مردويه.
ومنهم: حافظُ عصره، أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن إسحاق الأصبهانى، وجماعة من الحُفَّاظ سواهم يطول ذكرهم.
وقال ابن منده: روى هذا الحديث محمد بن إسحاق الصنعانى، وعبد الله ابن أحمد بن حنبل وغيرهما، وقد رواه بالعراق بمجمع العلماء وأهلِ الدين جماعة مِن الأئمة منهم أبو زرعة الرازى، وأبو حاتم، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل، ولم يُنكِره أحد، ولم يتكلم فى إسناده، بل رَوَوْه على سبيل القبول والتسليم، ولا يُنْكِر هذا الحديثَ إلا جاحِدٌ، أو جاهل، أو مخالف للكتاب والسُّنَّة، هذا كلام أبى عبد الله بن منده.ا.ه
وإني أعيذك أن تكون جاحدا أو جاهلا أو مخالفا للسنة.
   ويلزم من يصر على قياس المسلم الذي عرضت له شبهة في مفهوم العبادة بالمشرك الأصلي ومشركي أهل الجاهلية أن يحكم على الجميع بالنار، وهذا ما التزمه بعضهم ممن لا يفرق بين أحكام الدنيا والآخرة ، ولا يشترط إقامة الحجة بإطلاق ، وهذا الرأي أقيس وإن كان أكثر بعدا عن الحق .
لا يلزم أبدا يا مسكين، تسميتك هؤلاء مسلمين سفسطة من جاهل معاند لا أكثر، فالواقع في الشرك يسمى مشركا ومن سماه مسلما فهو محتاج لمعالجته عقله كما قال الآلوسي رحمه الله.
ولبيان الفرق انتبه لقتال المشركين فعند القتال يعامل الأبناء معاملة الآباء في حكم الدنيا ، وفي الآخرة قال أهل السنة بنجاة أولادهم ، هل تسمي هذا تناقضا ؟ وانظر قصة العباس بن عبد المطلب في يوم بدر لعلك تفهم أكثر.
ومما يبين لك الفرق بين حكم الدنيا والآخرة تعامل النبي عليه السلام مع المنافقين .
قال الشاطبي: (إن أصل الحكم بالظاهر مقطوع به في الأحكام خصوصاً، وبالنسبة إلى الاعتقاد في الغير عموماً، فإن سيد البشر مع إعلامه بالوحي يجري الأمور على ظواهرها في المنافقين وغيرهم، و إن علم بواطن أحوالهم، ولم يكن ذلك بمخرجه عن جريان الظواهر على ما جرت عليه. لا يقال: إنما كان ذلك من قبيل ما قال: (خوفاً من أن يقول الناس أن محمداً يقتل أصحابه) فالعلة أمر آخر لا ما زعمت، فإذا عدم ما علل به فلا حرج. لأنا نقول: هذا أدل الدليل على ما تقرر، لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى أن لا يحفظ ترتيب الظواهر فإن من وجب عليه القتل بسبب ظاهر، فالعذر فيه ظاهر واضح، ومن طلب قتله بغير سبب ظاهر بل بمجرد أمر غيبي ربما شوش الخواطر وران على الظواهر، وقد فهم من الشرع سد هذا الباب جملة ألا ترى إلى باب الدعاوي المستند إلى أن "البينة على المدعي واليمين على من أنكر"، ولم يستثن من ذلك أحداً حتى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- احتاج في ذلك إلى البينة، فقال من يشهد لي؟ حتى شهد له خزيمة بن ثابت فجعلها الله شهادتين فما ظنك بآحاد الأمة، فلو ادعي أكذب الناس على أصلح الناس لكانت البينة على المدعي، واليمين على من أنكر وهذا من ذلك والنمط واحد، فالاعتبارات الغيبية مهملة بحسب الأوامر والنواهي الشرعية).
قال ابن القيم- رحمه الله- في طريق الهجرتين ص610:
فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول الإشكال في المسألة وهو مبني على أربعة أصول. ثم ذكرها رحمه الله.
والجواب عن هذا من وجوه:
أولا : أن اشتراط العلم بمدلول كلمة التوحيد أمر لا غبار عليه ، لكن من قال إن المسلمين يجهلون معنى الشهادة جهلا تاما كما يجهلها الأعجمي الذي لا يفهم العربية، فإن فهم المعنى الإجمالي لهذه الكلمة موجود في المسلمين اليوم جميعا عربيهم وأعجميهم ، من سلم من الوقوع في مظاهر الشرك ومن لم يسلم، كما أنهم ملتزمون الالتزام المجمل بالشريعة وهذا هو المطلوب للحكم عليهم بالإسلام.
كلامنا ليس في المسلمين ، بل في من ارتكب الشرك برب العالمين ، فهل هذا تنفعه شهادته وهو يتقرب لمعبوده بما هو محض حق الله؟
هل من شهد أن محمدا رسول الله ثم آمن برسالة غيرها تنفعه شهادته بالرسالة لمحمد عليه السلام؟ أم لابد أن  لا يأتي بما ينقضها؟
المسلم العامي الذي بن يتلبس بناقض من نواقض الإسلام  هو باق على فطرته وليس هو محل خلافنا فلا تسفسط، بل الخلاف  فيمن صدر منه ما ينقض شهادة التوحيد بأن فعل الشرك الأكبر.
وجعلك من تلبس بمظاهر الشرك ومن سلم منها في سلة واحدة جهل كبير بالتوحيد ومضادة لشرع الله جل وعلا.
أما مسألة الالتزام العام فذلك يقبل ابتداء ، وما كان صاحبه عريا من نواقض الإسلام كالشرك بالله عياذا بالله.
وكلامك هذا يفيد تصحيح إسلام، من يعتقد وحدة الوجود ، ومن يعتقد تصرف بعض الخلق في الكون ، ومن يعتقد في الأولياء أنهم يتصرفون مع الله في ملكوته ، لأنهم ملتزمون الالتزام العام بالإسلام كما هو في كلامك المرسل بلا قيود ، وهو كلام باطل عاطل لا ينفق إلا عند من جهل حقيقة التوحيد.
ثانيا : إن جهل بعض المسلمين لبعض مظاهر الشرك أو بعض نواقض الإسلام لا يعني أنهم يجهلون مدلول كلمة التوحيد بإطلاق وأنها لا تنفعهم، كما أن عملهم بما يناقض الشريعة جهلا أو تأولا لا يعني أنهم غير ملتزمين بها، فشرط العلم متحقق في الجملة، لكن يقع التقصير في بعض جزئياته وقد تقع المخالفة العملية منهم دون شعور بمناقضة ذلك للتوحيد، لذلك يشترط أهل السنة إقامة الحجة على المعين قبل تكفيره .
من وقع في ناقض من نواقض الإسلام فقد نقض شهادته، وقولك هذا كقول من يقول بصحة وضوء من خرج منه ريح، فهو توضأ لكن نقض وضوؤه بذاك الناقض .
وهل من جحد وجوب الصلاة وهو بين المسلمين يقبل منه ذلك ؟ وهل يقال أنه ملتزم الالتزام المجمل؟ وهو ينكر الصلاة أو ينكر تحريم الزنا؟
فما تجيب عنه هنا نجيبك به في نواقض الإسلام وأولها الشرك بالله.
ويقال لمن عاند في هذا ما هو حد العلم المطلوب ؟ هل تقصدون أن يكون عالما بمعنى لا إله إلا الله معرفة مفصلة على نحو معرفة العلماء الربانيين ، فهذا لا يقوله عاقل، ويلزم منه تكفير كثير من الغلاة في التكفير لأنهم يخطئون في تفسير كلمة التوحيد حيث يخصونها بالحاكمية، ويلزم منه تكفير جميع علماء الأشعرية الذين يفسرون كلمة التوحيد بالقدرة على الاختراع والوجود ونحو ذلك، وهذا لا يقوله أحد يدري ما يقول.
   قال حافظ حكمي في شرحه لشروط لا إله إلا الله في معارج القبول (2/418):( ومعنى استكمالها اجتماعها في العبد والتزامه إياها بدون مناقضة منه لشيء منها، وليس المراد من ذلك عدّ ألفاظها وحفظها، فكم من عامي اجتمعت فيه والتزمها، ولو قيل له اعددها لم يحسن ذلك، وكم حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم وتراه يقع كثيراً فيما يناقضها والتوفيق بيد الله والله المستعان).
هذا كلامنا لا فرق لكن في من لم يرتكب الشرك بالله، أو أنكر أمرا معلوما من الدين بالضرورة. أو أنكر وجوب الصلاة أو جحد الزكاة أو الحج .
رابعا : لابد أن يتنبه من احتج بهذه الحجة (عدم فهم الناس لكلمة التوحيد وتحقيق شروطها) أن لازم كلامه ليس فقط تكفير من وقع في مظاهر الشرك جهلا، بل تكفير جميع المسلمين الذين لم يحققوا تلك الشروط على وفق ما يتخيله ونحو ما يتصوره ، وهذا قد التزمه طوائف من الغلاة في التكفير كجماعة التكفير والهجرة وأهل التوقف والتبين، وهو لازم لغيرهم ممن قد يتبرأ منهم ويشاركهم في هذه الحجة .
كلامك تكرير لما سبق فقط وقد سبق الجواب  وننتظر منك جواب الجواب.
فمن شهد شهادة التوحيد ثم أنكر نبوة الرسول أو نكر معلوما من الدين بالضرورة ماذا تسميه؟
خامسا : أن هؤلاء العلماء الذين أسندوا إليهم تلك المقدمات التي بنوا عليها التسوية بين المشركين والمسلمين الذين لم يحققوا العلم المفصل بمعنى الشهادتين ، هل كانوا يقولون بأقوال الغلاة في التكفير على اختلاف مراتبهم في الغلو؟ الجواب :لا بلا مرية، فهذا المودودي يقول في الكتاب نفسه (11):« ومن الحق الذي لا مراء فيه أنه قد خفي على الناس معظم تعاليم القرآن ، بل غابت عنهم روحه السامية وفكرته المركزية لمجرد ما غشي هذه المصطلحات الأربعة من حجب الجهل ، وذلك من أكبر الأسباب التي تطرق لأجلها الوهن والضعف إلى عقائدهم وأعمالهم على رغم قبولهم دين الإسلام وكونهم في عداد المسلمين »، وقال في موضع آخر :« يجب ملاحظة قضية تكفير المسلم والاحتياط في هذه المسألة احتياطا كاملا يتساوى مع الاحتياط في إصدار فتوى بقتل شخص ما ، وعلينا أن نلاحظ أن في قلب كل مسلم يؤمن بالتوحيد ولا إله إلا الله إيمانا ، فإذا صدر منه شائبة من شوائب الكفر فيجب أن نحسن الظن ونعتبر هذا مجرد جهل منه وعدم فهم وأنه يقصد بهذا التحول من الإيمان على الكفر، لأنه لا يجب أن نصدر ضده فتوى بالكفر بمجرد أن نستمع إلى قوله ، بل يجب علينا أن نفهمه بطريقة طيبة ونشرح له ما أشكل عليه ونبين له الخطأ من الصواب» (نقلا عن ضوابط التكفير لعبد الله القرني 72).
المودودي ليس من العلماء فلا تكذب ، فالرجل ضال مضل تنقص الرسول عليه السلام وموسى ونوح و مدح ثورة الخميني ، وله من المخازي ما يستحي صاحب السنة أن يذكره أو يستدل بقوله .
ومن هذا حاله لا يعتد به في وفاق أو خلاف فلا تغالط ، وإن استدل به إخواني على حق معه فلا يقبل منه ذلك.
وكلامه متهافت لا يفرح به إلا مخذول ، فمن الذي يقصد الكفر في الدنيا؟
سادسا : ومقصود كثير منهم من تقرير هذه المعاني اعتبار مناقشة شروط التكفير وموانعه لغوا لا معنى له لأنها بحثها إنما هو في حق المسلمين؛ وهؤلاء المختلف فيهم عندهم مشركون أصليون. ويصبح جوابهم عن قول ابن حزم مثلا في الفصل (3/138): «إن كل من ثبت له عقد الإسلام فإنه لا يزول عنه إلا بنص أو إجماع » هذا فيمن ثبت إسلامه وهؤلاء الذين تدافعون عنهم لم يثبت إسلامهم.
ليس هذا هو الصواب يا جاهل، فعد فاعل الشرك مشركا هو عمل المسلمين إلا في عصر الإرجاء الذي نعيشه ، صارت القضية خلافية بعد أن كانت وفاقية بين العقلاء من المسلمين.
لا يشرفنا الاستدلال بجهمي مثل ابن حزم ، لكن لجوؤك له يحتم علينا المناقشة ، فأقول كلام ابن حزم صواب ولا ينفعك أبدا بل هو حجة عليك ، إذ تكفير فاعل الشرك دلت عليه النصوص الكثيرة ، ودل عليه إجماع السلف الذي نقله غير واحد من أئمة الدعوة ، ولا نجيب بما تدعيه علينا كذبا وزورا ،إلا أن تكون تقصد قوما معينين فيلزمك التفصيل والبيان.
ولا نستدل على كفر عباد القبر بأنهم مشركون أصليون فقط ، بل نصوص الكتاب والسنة وإجماع السلف على ذلك.

0 التعليقات:

إرسال تعليق