Pages

الأحد، 27 أبريل 2014

رد على مقال نسف تعنتات ومجازفات الفئة الحدادية المنشور على شبكة سحاب الخلفية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وعلى آله وصحبه .أما بعد:
فقد اطلعت على مقال لأحد جراء المرجئة في شبكة الإرجاء خراب(سحاب) وصاحب المقال معروف بالتقميش  من غير فهم ، وجل مقالاته على نفس الوتيرة، ومثله لا يستحق أن يرد عليه أو يذكر اسمه لئلا يرتفع ، فهو بالخفض والجر أولى من الرفع أو النصب،
ولولا ما لبس به من نقول على طريقة ابن جرجيس العراقي ما رفعت بمقاله رأسا فالرد على رأسهم ربيع أتعبهم فتاهوا بحثا عن مخرج من أقوال العلماء ، وغفلوا أو تغافلوا أن الحكم عند التنازع هو الوحي لا غير لقوله تعالى﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾
ولم يأمرنا الله بالرد عند التنازع لا لشيخ الإسلام ولا للمجدد ابن عبد الوهاب ولا لغيرهما ، لكن جهل المرجئة وخبثهم جعلهم يجعلون نصوص العلماء فيصلا في القضية .
إذا غالبهم لا يمكنه أن يستخرج من النصوص ما يؤيد باطلهم في مسألة العذر بالجهل ، وإن فعلوا فمتشابه النصوص لا بمحكمها كعادة أهل الأهواء والزيغ.
وإني كالعادة أناقش الكاتب  في كلامه محاولا الاختصار ليفهم المراد.
قال الكاتب بعد أن نقل فتوى ربيع في المسألة وقد تم الرد عليها بحمد الله:
وما قرره الشيخ هنا هو عين ما قرره أئمة السنة والحديث فبأي شيء سيفرح الحدادية ؟!!
أولا : كان عليك أن تجد لشيخك دليلا من الوحيين تنصر به قوله ، وعجزك عن ذلك دليل جهلك فما كان لك أن تحشر أنفك فيما لا تحسنه ، وإني أقول هذا لمعرفتي بحجم الكاتب ومقداره في العلم.

ثانيا سيأتي البيان أن ما نقلته ليس لك فيه أدنى حجة أو مؤازرة لقول شيخك ، بل إن سلم فهو من متشابه أقوال أهل العلم فيرد لمحكمهم ، وإن كان كما قلت فلا نترك دلالة النصوص لقول أحد كائنا من كان قال الإمام المجدد في مفيد المستفيد:

على أن الذي نعتقده وندين لله به ونرجو أن يثبتناً عليه أنه لو غلط هو أو أجلَّ منه في هذه المسألة وهي مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة ، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين ، أو يزعم أنه على حق ، أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة ، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط من غلط .

فكيف والحمد لله ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة ، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون : ( فما بال القرون الأولى ) أو حجة قريش : ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) .ا.ه

وهو كلام نفيس جدا لمن عقله فالحجة في القرآن وإجماع الأمة لا فير قول أحد من العلماء.

وبدأ في النقل عمن يرى أنهم موافقون لشيخه في باطله فقال:
1
ـ الإمام أبوعبدالله محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري "( 13 / 407) : (( أخرج بن أبي حاتم في مناقب الشافعي عن يونس بن عبد الأعلى سمعت الشافعي يقول : لله أسماء وصفات لا يسع أحدا ردها ومن خالف بعد ثبوت الحجة عليه فقد كفر وأما قبل قيام الحجة فإنه يعذر بالجهل )) ا.هـ
جوابه:
ليس في كلام الشافعي أي توافق مع قول ربيع ، فالشافعي رحمه الله ينفي التكفير برد بعض الأسماء والصفات لا بكلها  لأنها لا تدري بالعقل كما في آخر قوله رحمه الله ، وأما ربيع فيثبت العذر بالجهل في اصل الدين وهو توحيد رب العالمين  وهو مدرك بالعقل بلا ريب فأين كلام الشافعي من كلامه؟
وثانيا الشافعي رحمه الله ثبت عنه قوله في الرسالة 357:
لعلم علمان: علم عامة لا يسع بالغا غير مغلوب على عقله جهله مثل الصلوات الخمس وأن لله على الناس صوم شهر رمضان وحج البيت إذا استطاعوه وزكاة في أموالهم وأنه حرم عليهم الزنا والقتل والسرقة والخمر وما كان في معنى هذا مما كلف العباد أن يعقلوه ويعلموه, ويعطوه من أنفسهم وأموالهم وأن يكفوا عنه ما حرم عليهم منه,وهذا الصنف كله من العلم موجود نصا في كتاب الله وجودا عاما عند أهل الإسلام ينقله عوامهم عمن مضى من عوامهم يحكونه عن رسول ا صلى الله عليه وسلم ولا يتنازعون في حكايته ولا وجوبه عليهم وهذا العلم الذي لا يمكن فيه الغلط من الخبر والتأويل ولا يجوز فيه التنازع) اهـ.
وهل علم التوحيد أخفى من العم بالصلوات؟ أم العكس ، والشافعي مثل بالصلاة لأنه لا يعقل عندهم أن ينكر مسلم استحقاق الله للعبودية وحده.
ثم قال
2
ـ الإمام النووي رحمه الله
قال في " شرح صحيح مسلم " (1 / 205) : (( وكذلك الأمر فى كل من أنكر شيئا مما أجمعت الأمة عليه من أمور الدين إذا كان علمه منتشرا كالصلوات الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الزنى والخمر ونكاح ذوات المحارم ونحوها من الأحكام إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام ولا يعرف حدوده فإنه إذا أنكر شيئا منها جهلا به لم يكفر )) ا.هـ
بداية كلام النووي تنقض بنيانك المتهافت يا مسكين حيث جاء فيه :
وهل اذا أنكرت طائفة من المسلمين فى زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من أدائها يكون حكمهم حكم أهل البغى قلنا لا فإن من أنكر فرض الزكاة فى هذه الأزمان كان كافرا بإجماع المسلمين والفرق بين هؤلاء وأولئك أنهم إنما عذروا لأسباب وأمور لا يحدث مثلها فى هذا الزمان منها قرب العهد بزمان الشريعة الذى كان يقع فيه تبديل الأحكام بالنسخ ومنها أن القوم كانوا جهالا بأمور الدين وكان عهدهم بالإسلام قريبا فدخلتهم الشبهة فعذروا فأما اليوم وقد شاع دين الاسلام واستفاض فى المسلمين علم وجوب الزكاة حتى عرفها الخاص والعام واشترك فيه العالم والجاهل فلا يعذر أحد بتأويل يتأوله فى إنكارها.ا.ه
ثم قال ما نقله الملبس الفاجر نصرة لقول شيخه المرجئ ربيع لا نصرة للحق ، وحصره المعذور في حديث العهد والناشئ ببادية بعيدة يفهم من أول كلامه حيث عذر من أنكروا فرض الزكاة.
ولست هنا لتقرير هل كان أولئك بغاة أو مرتدين ، بل الغرض رد الاستدلال بكلام النووي لا غير.
وليعلم أن التوحيد مدرك بالعقل والفطر السليمة ولا يخالفه إلا مشرك ، وهو أظهر في الدين من الصلاة والزكاة .
فيف ينفي العذر عن منكر الزكاة ، ولا ينفى عن جاحد التوحيد؟
ثم قال:

3 ـ الإمام ابن قدامة المقدسي رحمه الله
قال في " المغني " (19 / 464) : (( وَكَذَلِكَ كُلُّ جَاهِلٍ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَهُ ، لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى يُعَرَّفَ ذَلِكَ ، وَتَزُولَ عَنْهُ الشُّبْهَةُ ، وَيَسْتَحِلَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ .)) ا.هـ
وجوابه:
أولا في اول الفصل قال ابن قدامة مايلي:
وَأَمَّا إذَا كَانَ الْجَاحِدُ لَهَا نَاشِئًا فِي الْأَمْصَارِ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ ، فَإِنَّهُ يُكَفَّرُ بِمُجَرَّدِ جَحْدِهَا ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي مَبَانِي الْإِسْلَامِ كُلِّهَا ، وَهِيَ الزَّكَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْحَجُّ ؛ لِأَنَّهَا مَبَانِي الْإِسْلَامِ ، وَأَدِلَّةُ وُجُوبِهَا لَا تَكَادُ تَخْفَى ، إذْ كَانَ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ مَشْحُونَيْنِ بِأَدِلَّتِهَا ، وَالْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَيْهَا ، فَلَا يَجْحَدُهَا إلَّا مُعَانِدٌ لِلْإِسْلَامِ ، يَمْتَنِعُ مِنْ الْتِزَامِ الْأَحْكَامِ ، غَيْرُ قَابِلٍ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا سُنَّةِ رَسُولِهِ وَلَا إجْمَاعِ أُمَّتِهِ .ا.ه
فهل التوحيد أقل شأنا من مباني الإسلام يا منكوس الفهم؟
ثانيا:
ابن قدامة قيد كلامه ولم يطلقه فقال (يمكن أن يجهله) بسبب أنه حديث عهد بالإسلام أو نشأ ببادية بعيدة عن العلم، وهل التوحيد مما يمكن أن يجهل ؟ وهو معروف بالفطرة ومتفق عليه بين أهل العقول إلا من كابر؟
وهل جهل الشخص بشيء مما يقوم عليه الإسلام يعذر فيه بترك تعلمه ؟
وابن قدامة ما كان يتكلم في مسائل الشرك التي نحن بصددها ، فسياق كلامه يوضح المقصود  ففي أوله لم يعذر بالجهل في أمثال اعتقاد حل لحم الخنزير، أو حل الزنا ، أفيقبل مثله دعوى الجهل في الشرك برب العالمين وهو أصل الأصول؟
ثالثا: ابن قدامة يتكلم في مسائل خفية تدخل فيها الشبهة والجهل على العبد وليس من ذلك الشرك برب العالمين البتة ، إلا عند من قل حظه من العلم وخشية الله.
وقال أيضا:

4
ـ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا : أَنَّ الْقَوْلَ قَدْ يَكُونُ كُفْرًا كَمَقَالَاتِ الْجَهْمِيَّة الَّذِينَ قَالُوا : إنَّ اللَّهَ لَا يَتَكَلَّمُ وَلَا يَرَى فِي الْآخِرَةِ ؛ وَلَكِنْ قَدْ يَخْفَى عَلَى بَعْضِ النَّاسِ أَنَّهُ كُفْرٌ فَيُطْلِقُ الْقَوْلَ بِتَكْفِيرِ الْقَائِلِ ؛ كَمَا قَالَ السَّلَفُ مَنْ قَالَ : الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ فَهُوَ كَافِرٌ وَمَنْ قَالَ : إنَّ اللَّهَ لَا يُرَى فِي الْآخِرَةِ فَهُوَ كَافِرٌ وَلَا يَكْفُرُ الشَّخْصُ الْمُعَيَّنُ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ كَمَا تَقَدَّمَ كَمَنْ جَحَدَ وُجُوبَ الصَّلَاةِ . وَالزَّكَاةَ وَاسْتَحَلَّ الْخَمْرَ ؛ وَالزِّنَا وَتَأَوَّلَ . فَإِنَّ ظُهُورَ تِلْكَ الْأَحْكَامِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَعْظَمُ مِنْ ظُهُورِ هَذِهِ فَإِذَا كَانَ الْمُتَأَوِّلُ الْمُخْطِئُ فِي تِلْكَ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ لَهُ وَاسْتِتَابَتِهِ - كَمَا فَعَلَ الصَّحَابَةُ فِي الطَّائِفَةِ الَّذِينَ اسْتَحَلُّوا الْخَمْرَ - فَفِي غَيْرِ ذَلِكَ أَوْلَى وَأَحْرَى وَعَلَى هَذَا يُخَرَّجُ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ . { فِي الَّذِي قَالَ : إذَا أَنَا مت فَأَحْرِقُونِي ثُمَّ اسْحَقُونِي فِي الْيَمِّ فَوَاَللَّهِ لَئِنْ قَدَرَ اللَّهُ عَلَيَّ لَيُعَذِّبَنِي عَذَابًا مَا عَذَّبَهُ أَحَدًا مِنْ الْعَالَمِينَ } وَقَدْ غَفَرَ اللَّهُ لِهَذَا مَعَ مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ الشَّكِّ فِي قُدْرَةِ اللَّهِ وَإِعَادَتِهِ إذَا حَرَقُوهُ وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مَبْسُوطَةٌ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ . )) ا.هـ
وجوابه من وجوه:
أولا: ما هو ضابط قيام الحجة عند شيخ الإسلام رحمه الله في مثل هذه المسائل؟
ثانيا: ليس الخلاف بيننا وبينكم في مقالات أهل البدع الخفية ، بل في الشرك برب العالمين ، فلجوءكم  لمثل هذا التلبيس دليل خواءكم العلمي ، وتمسككم بمتشابه الكلام من أهل العلم، وليس ذلك من فعل من يريد الحق في شيء.
ثالثا:
قال الشيخ ابن سحمان في التعليق على لكلام مشابه لهذا من شيخ الإسلام ، في كتاب كشف الشبهتين:
فالجواب أن يقال كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حق وصواب لا يمتري فيه عاقل فضلاً عن العالم، وهذا هو الدين الذي ندين الله به ونعتقده، فإن كان الكلام في الجهمية وعباد القبور والأباضية وأنهم داخلون تحت كلام الشيخ فقد تقدم الجواب عن هذا، فإنهم عند أهل السنة والجماعة كفار، ولكن قد كان من المعلوم بالضرورة أن إدخالهم في كلام الشيخ من الإفك الفاضح، والبهتان الواضح، الذي لا يشك فيه من عرف يمينه من شماله، فمن كفرهم لا يكون في عداد الخوارج والروافض الذين يكفرون أئمة المسلمين لما يعتقدون أنهم أخطئوا فيه، فإن الجهمية، وعباد القبور، والأباضية، ليسوا من أئمة المسلمين، بل قد ذكر شيخ الإسلام عن الإمام عبد الله بن المبارك رحمه الله أنه لما سئل عن الجهمية فقال: ليسوا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم.ا.ه
وقال الشيخ عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن في مصباح الظلام:
وهذا كتاب الله وسنَّة رسوله، وكلام أصحاب رسول الله عيَن ومن بعدهم من أهل العلم والفتوى معروف مشهور مقرر في محله في حكم من عدل بالله وأشرك به، وتقسيمهم للشرك إلى أكبر وأصغر؛ والحكم على المشرك الشرك الأكبر بالكفر  مشهور عند الأمة لا يكابر فيه إلا جاهل لا يدري ما الناس فيه من أمر دينهم، وما جاءت به الرسل. وقد أفرد هذه المسألة بالتصنيف غير واحد من أهل العلم، وحكى الإجماع عليها، وأنها من ضروريات الإسلام، كما ذكره تقي الدين ابن تيمية، وابن قيم الجوزية، وابن عقيل، وصاحب " الفتاوى  البزازية "، وصنع الله الحلبي، والمقريزي الشافعي، ومحمد بن حسين النعمي الزبيدي، ومحمد بن إسماعيل الصنعاني، ومحمد بن علي الشوكاني، وغيرهم من أهل العلم.ا.ه
وقال الشيخ ابن سحمان في الضياء الشارق:
وأما قوله: (قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية: لم يكفر الإمام أحمد الخوارج، ولا المرجئة، ولا أعيان الجهمية، بل صلى خلف الجهمية الذين دعوا الناس إلى قولهم، وعاقبوا من لم يوافقهم بالعقوبات الشديدة).
فالجواب أن يقال: قد تقدم عدم تكفير الخوارج والمرجئة غير الغالية منهم.
وأما الجهمية فيقال: لو سلم هذا فجوابه من أوضح الواضحات عند أهل العلم والأثر: وذلك أن الإمام أحمد وأمثاله -من أهل العلم والحديث- لا يختلفون في تكفير الجهمية وأنهم ضلال زنادقة، وقد ذكر من صنف في السنة تكفيرهم عن عامة أهل العلم والأثر وعد اللالكائي الإمام رحمه الله تعالى منهم عدداً يتعذر ذكرهم في هذا الجواب، وكذلك ابن الإمام أحمد في كتاب السنة، والخلال في كتاب السنة، وابن أبي مليكة في كتاب السنة، وإمام الأئمة ابن خزيمة قرر كفرهم ونقله عن أساطين الأئمة.
وقد حكى كفرهم شمس الدين ابن القيم في "كافيته" عن خمسمائة من أئمة المسلمين وعلمائهم. والصلاة خلفهم لا تنافي القول بتكفيرهم، لكن تجب الإعادة حيث لا تمكن الصلاة خلف غيرهم، والرواية المشهورة عن الإمام أحمد هي المنع من الصلاة خلفهم، وقد يفرق بين من قامت عليه الحجة التي يكفر تاركها، وبين من لا شعور له بذلك، وهذا القول يميل إليه شيخ الإسلام في المسائل التي قد يخفى دليلها على بعض الناس، كما تقدم ذكره.ا.ه

وقال في (12 / 523) : (( مَنْ كَانَ مُؤْمِنًا بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ مُطْلَقًا وَلَمْ يَبْلُغْهُ مِنْ الْعِلْمِ مَا يُبَيِّنُ لَهُ الصَّوَابَ فَإِنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي مَنْ خَالَفَهَا كَفَرَ . إذْ كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ يُخْطِئُ فِيمَا يَتَأَوَّلُهُ مِنْ الْقُرْآنِ وَيَجْهَلُ كَثِيرًا مِمَّا يَرِدُ مِنْ مَعَانِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ . وَالْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ مَرْفُوعَانِ عَنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْكُفْرُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ الْبَيَانِ .)) ا.هـ
والجواب من وجوه:
أولا :من الحمق أن ينقل الشخص الكلام من غير مصدره ولا يتبين سياقه ليفهم مراد قائله ، وهذا سبب السعي في نصرة باطل ربيع لا غير ،فشيخ الإسلام كلامه السابق كان جوابا على سؤال جاء فيه:
مَسْأَلَةٌ: فِيمَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسًى تَكْلِيمًا، فَقَالَ لَهُ آخَرُ: بَلْ كَلَّمَهُ تَكْلِيمًا، فَقَالَ: إنْ قُلْت كَلَّمَهُ، فَالْكَلَامُ لَا يَكُونُ إلَّا بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ، وَالْحَرْفُ وَالصَّوْتُ مُحْدَثٌ، وَمَنْ قَالَ إنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ فَهُوَ كَافِرٌ كَمَا قَالَ أَمْ لَا ؟
الْجَوَابُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ أَمَّا مَنْ قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَمْ يُكَلِّمْ مُوسَى تَكْلِيمًا، فَهَذَا إنْ كَانَ لَمْ يَسْمَعْ الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يُعَرَّفُ أَنَّ هَذَا نَصُّ الْقُرْآنِ، فَإِنْ أَنْكَرَهُ بَعْدَ ذَلِكَ اُسْتُتِيبَ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ إنْ كَانَ كَلَامُهُ بَعْدَ أَنْ يَجْحَدَ نَصَّ الْقُرْآنِ. بَلْ لَوْ قَالَ: إنَّ مَعْنَى كَلَامِي أَنَّهُ خَلَقَ صَوْتًا فِي الْهَوَاءِ فَأَسْمَعَهُ مُوسَى، كَانَ كَلَامُهُ أَيْضًا كُفْرًا، وَهُوَ قَوْلُ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ كَفَّرَهُمْ السَّلَفُ وَقَالُوا يُسْتَتَابُونَ، فَإِنْ تَابُوا وَإِلَّا قُتِلُوا.ا.ه
وفي جواب الشيخ فوائد نفيسة يغفل عنها المرجئة :
الشيخ قيد الحكم بعدم سماع القرآن وهو ما كرره أئمة الدعوة ومن تبعهم في القول بعدم العذر في أصول الدين.
وجعله بعد بلاغ القرآن كافرا بدليل قوله باستتابته فإن تاب وإلا قتل.
وقوله أن السلف قالوا في الجهمية أنهم يستتابون وهذا فيه تكفير لأعيانهم لا لنوعهم كما في نصه السابق رحمه الله وهذا الموافق لتصرف السلف المنقول عنهم في كتب الاعتقاد.
إذ لا يستتاب إلا من حكم بكفره ، ولا يمكن أن يستتاب من هو باق على إسلامه.لكن المرجئة جمعوا بين الغباء والجهل .
ثم هو القائل رحمه الله في المجموع (3/395):
وكذلك الغلو في بعض المشائخ، بل الغلو في علي بن أبي طالب، بل الغلو في المسيح، ونحوه .
فكل من غلا في نبي، أو رجل صالح، وجعل فيه نوعاً من الألهية، مثل أن يقول : يا سيدي فلان، انصرني، أو أغثني، أو ارزقني، أو أجبرني، أو أنا في حسبك، ونحو هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال ؛ يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل ؛ فإن الله إنما أرسل الرسل، وأنزل الكتب، ليُعبد وحده، لا يجعل معه إلهاً آخر..ا.ه
فهل الاستتابة تكون بعد الحكم بالكفر أم قبله؟ وهل اشترط هنا إقامة الحجة؟
فإما أن يقال تناقض الشيخ أو يحمل قوله الآخر على المسائل عدا الشرك بالله.
وقال في (4/53 ومابعدها):
فَإِنَّهُ لَا يُعْرَفُ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ أَحَدٌ إلَّا وَلَهُ فِي الْإِسْلَامِ مَقَالَةٌ يُكَفِّرُ قَائِلُهَا عُمُومَ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى أَصْحَابَهُ وَفِي التَّعْمِيمِ مَا يُغْنِي عَنْ التَّعْيِينِ فَأَيُّ فَرِيقٍ أَحَقُّ بِالْحَشْوِ وَالضَّلَالِ مِنْ هَؤُلَاءِ ؟ وَذَلِكَ يَقْتَضِي وُجُودَ الرِّدَّةِ فِيهِمْ كَمَا يُوجَدُ النِّفَاقُ فِيهِمْ كَثِيرًا . وَهَذَا إذَا كَانَ فِي الْمَقَالَاتِ الْخَفِيَّةِ فَقَدْ يُقَالُ : إنَّهُ فِيهَا مُخْطِئٌ ضَالٌّ لَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ الَّتِي يَكْفُرُ صَاحِبُهَا ؛ لَكِنَّ ذَلِكَ يَقَعُ فِي طَوَائِفَ مِنْهُمْ فِي الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي تَعْلَمُ الْعَامَّةُ وَالْخَاصَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهَا مِنْ دِينِ الْمُسْلِمِينَ ؛ بَلْ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى يَعْلَمُونَ : أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بُعِثَ بِهَا وَكَفَّرَ مُخَالِفَهَا ؛ مِثْلُ أَمْرِهِ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَنَهْيُهُ عَنْ عِبَادَةِ أَحَدٍ سِوَى اللَّهِ مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَالنَّبِيِّينَ وَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالْكَوَاكِبِ وَالْأَصْنَامِ وَغَيْرِ ذَلِكَ ؛ فَإِنَّ هَذَا أَظْهَرُ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ وَمِثْلُ أَمْرِهِ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَإِيجَابِهِ لَهَا وَتَعْظِيمِ شَأْنِهَا وَمِثْلُ مُعَادَاتِهِ لِلْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ وَالصَّابِئِينَ وَالْمَجُوسِ وَمِثْلُ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَالرِّبَا وَالْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ . ا.ه
فهل يقر شيخ الإسلام بأن اليهود والنصارى يعلمون هذا الأصل ثم يخالفه هو ويشترط قيام الحجة للحكم بكفر فاعله؟
وقد جعل التوحيد أظهر شعائر الإسلام وبعده الصلوات الخمس، أفمثل هذا يجهله المسلم ويقع في ضده؟
تبا لكم يا مرجئة العصر.
ثم نقل فتاوى عن الجنة الدائمة والشيخ العثيمين في تقرير العذر بالجهل بزعمه ، وقد سبق الرد على من تمسك بذلك في الرد على رائد العراقي فأغنى عن التكرار فليراجعه من طلب الحق.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

0 التعليقات:

إرسال تعليق