الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد :
فقد اطلعت كغيري على ما كتبه المسمى عبد الحميد نصرة لربيع في
باطله وردا على الأخ بدر الدين مناصرة، فهالني ما رأيت من كذب وتحريف للكلم ،
فأحببت مناقشته في عجالة ، وإن كان لا يليق به ذلك لتهافت مقاله من أصله ، وإن رآه
المرجئة نصرا مبينا وما ذلك إلا لأنه وافق أهواءهم ونصر باطلهم ولو بالكذب
والتحريف وإلى التعليق:
قال الكاتب:
(ـ لقد حكم هذا التكفيري الخارجي وخدينه الحازمي على كثير من علماء
الإسلام الذين يعذرون بالجهل قديما وحديثا بالردة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية
ومحمد بن عبدالوهاب وأحفاده والألباني وابن عثيمين وعبد الله البسام وربيع بن هادي
وعبد المحسن العباد ووصي الله عباس وغيرهم وغيرهم.)
ما شأن ابن تيمية وابن عبد الوهاب وأحفاده في هذا الأمر وهما لا
يتفقان مع ألبانيكم ولا ربيعكم الضالين؟ فلا يعذران عباد القبور كما زعمتم كذبا ،
وكان عليك لو كنت ذا عقل ولست مقلدا أن تأتي بأقوالهما الصريحة فيذلك أما الكذب
فصنعة كل مفلس من الحجة ، والإلزامات لا
تغير من واقع الحال شيئا فالحق حق ولو سميته غير ذلك.
وسيأتيك نقل بعض كلامهما وكلام أئمة الدعوة في بيان منهجهما
ومفارقة شيخي الضلالة لهما في هذه المسألة، في آخر المقال أو في مقال مستقل إن يسر
الله ذلك.
أما من ذكر مع شيخي البدعة فلا ندري حال كثير منهم ,غن عذروا عباد
القبور فهم مثلهم ولا كرامة.
وقال:
(وكما هو مقرر شرعا -عند أهل السنة- أن الطعن في علماء السنة الذابين
عنها من علامات أهل البدع والضلال ، بل كان السلف رحمة الله عليهم يعدّون الرّجل
من أهل البدع بمجرد طعنه عليهم)
ما نقلت من آثار هي في أئمة السنة وأين ذلك من الألباني الجهمي
الضال الذي يحكم بإلام عباد القبور ولا يكفر ساب الله وينكر آثار السلف في
الاعتقاد ، وينكت بأم المؤمنين رضي الله
عنها ، ناهيك عن تخليطاته في الحديث وشذوذاته في الفقه التي سببها له تعصبه لابن
حزم الجهمي الخبيث.
أما ربيع ففيه من ذلك وفيه مخالفة السلف في مسائل الإيمان وتارك
العمل واستدلاله بأحاديث الشفاعة ، ناهيك عن وصفه رؤوس الضلال بأنهم أئمة.
فمن هذه حاله لا تنطبق عليه الآثار المنقولة حتى يلج الجمل في سم
الخياط .
ثم قال:
(أقول : واضح أنّ هذا الحدادي لا يرى اشتراط إقامة الحجة ،ولا العذر
بالجهل، وهذا يخالف النصوص القرآنية وما بناه الأئمة الكبار على هذه النصوص.
وهم يرون أنّ الذبح لغير الله ودعاء غير الله شرك أكبر ،فمن كان عالما كفرّوه،
ومن كان جاهلا يعتقدون أنه وقع في الشرك الأكبر لكنهم يشترطون لتكفيره إقامة الحجة
والشيخ ربيع حفظه الله على هذا.)
هذا كذب ولا يروج إلا على الغوغاء ، فأين النصوص التي تعذر فاعل
الشرك ،وأين كلام الأئمة الكبار كما تزعم؟ إلا أن تقصد شيخي الضلالة فنقول لك ما
مثلهما من يعتد به في الوفاق فضلا عن الخلاف.
فإما أن تأتي بالنصوص أو أنت كاذب على خطر عظيم.
وقال:
(وإنّ الضلال الكبير هو في من لا يرى هذه الأعمال الشركية شركا ويحارب
من يعتقد أنه شرك، ويستميت في الدفاع عن هذا الشرك.)
من هذا حاله هو كافر بالله العظيم لا يلتفت لقوله البتة ، فالخلاف
في التعيين لا في الحكم على الأمور، فهذه بينها الشرع أتم بيان ومثلها الحكم على
المعين.
ثم قال:
(-بالنسبة إلى كلام ابن القيّم رحمه الله الظاهر أنّ هذا الإمام يقصد
بهذا الكلام الكفار الأصليين الذين يكذبون الرسل من الأمم الكافرة، ومن يكفر برسول
الله صلّى الله عليه وسلّم ويكذّبه ويكذّب ما جاء به من القرآن وما دلّ عليه من
اليهود والنصارى والمجوس والهندوك وغيرهم ممّن كذّب محمدا صلى الله عليه وسلّم،
وكفر بما أنزل عليه .)
أسألك سؤالا وأنتظر منك جوابا، هل رؤوس المشركين عندك كفار أم لا؟
إن قلت كفار قلت لك مقلديهم حالهم كحال من قلد كافرا أصليا ولا فرق
ومن ادعي الفرق طولب بالدليل .
وإن قلت ليسوا كفارا نقضت قولك في أن العال منهم يحكم بكفره.
ومما ينقض فهمك السقيم لكلام ابن القيم قوله في ذاك الموضع:
والإسلام هو توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له والإيمان برسوله واتباعه
فيما جاء به فما لم يأت العبد بها فليس بمسلم وإن لم يكن كافرا معاندا فهو كافر جاهل
فغاية هذه الطبقة أنهم كفار جهال غير معاندين وعدم عنادهم لا يخرجهم عن كونهم كفارا
فإن الكافر من جحد توحيد الله تعالى وكذب رسوله إما عنادا وإما جهلا وتقليدا لأهل العناد
فهذا وإن كان غايته أنه غير معاند فهو متبع لأهل العناد وقد أخبر الله تعالى في القرآن
في غير موضع بعذاب المقلدين لأسلافهم من الكفار وأن الأتباع مع متبوعيهم فإنهم يتحاجون
في النار وأن الأتباع يقولون (ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار) ا.ه
فكلامه عام في كل مقلد لأهل العناد ويدخل فيه عباد القبور
المتابعين لأهل العناد منهم ، وقوله أن لم يأت بالإسلام فليس بمسلم ,وأن التوحيد
هو عباد الله وحده، والمشرك لم يوحد الله .
وقال:
(وممّا يؤكد هذا الفهم لكلام الإمام ابن القيّم رحمه الله قوله في
"الطرق الحكمية":" الجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الثنتين
والسبعين فرقة ؟
وعلى هذا ، فإذا كان الناس فساقا كلهم إلا القليل النادر : قبلت شهادة
بعضهم على بعض ، ويحكم بشهادة الأمثل من الفساق فالأمثل ، هذا هو الصواب الذي عليه
العمل ، وإن أنكره كثير من الفقهاء بألسنتهم ، كما أن العمل على صحة ولاية الفاسق
، ونفوذ أحكامه ، وإن أنكروه بألسنتهم ، وكذلك العمل على صحة كون الفاسق وليا في
النكاح ووصيا في المال .
والعجب ممن يسلبه ذلك ويرد الولاية إلى فاسق مثله ، أو أفسق منه .
فإن العدل الذي تنتقل إليه الولاية قد تعذر وجوده ، وامتاز الفاسق
القريب بشفقة القرابة ، والوصي باختيار الموصى له وإيثاره على غيره ، ففاسق عينه
الموصي ، أو امتاز بالقرابة : أولى من فاسق ليس كذلك ، على أنه إذا غلب على الظن
صدق الفاسق قبلت شهادته وحكم بها ، والله سبحانه لم يأمر برد خبر الفاسق ، فلا
يجوز رده مطلقا ، بل يتثبت فيه حتى يتبين ، هل هو صادق أو كاذب ؟ فإن كان صادقا
قبل قوله وعمل به ، وفسقه عليه ، وإن كان كاذبا رد خبره ولم يلتفت إليه".اهـ
أقول: والروافض أكفر منهم فهذا تعريف واضح بيّن ما قرره هذا الإمام في
"طريق الهجرتين في طبقات المكلفين" وأنه يقصد الكفار المكذبين للرسول
صلى الله عليه وسلم وبين المبتدعة المقلدين لزعماء الفرق الضالة من جهمية وروافض.
ومعلوم أنّ عقائد الروافض قائمة على الكفر والشرك من عهد ابن سبأ إلى
وقتنا هذا ولا يزدادون على مرّ العصور إلاّ شركا وضلالا.
وأنا أسأل هذا الخائن لماذا أخفى كلام ابن القيّم رحمه الله الذي لم
يكفر فيه مقلدي علماء الجهمية والروافض ؟)
إن كنت تقصد أنه لم يكفر الجهمية في الكلام السابق فأنت كاذب جاهل
لا يصلح مثلك لكتابة في هذ الموضوع، بل في كلامه تكفير لهم حيث قال في كلامه الذي
حذفته عمدا حيث قال :
فإذا كان هذا ردهم لشهادة القدرية وغلطهم إنما هو من تأويل القرآن كالخوارج
فما الظن بالجهمية الذين أخرجهم كثير من السلف من الثنتين والسبعين فرقة..
فانظر ماذا يقصد ابن القيم بكلامه ولا تكذب بجهل ، فهو يرى أن
الجهمية أشد من القدرية ، وإذا كان السلف ردوا شهادة القدرية فكيف بالجهمية الذين
كفرهم السلف.
ثم قال:
(قال ابن القيم رحمه الله في "الطرق الحكمية"(ص : 146 ـ
137):" في المقلدين للروافض والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم والقدرية قال فيهم
:
من كفر بمذهبه - كمن ينكر حدوث العالم ، وحشر الأجساد ، وعلم الرب
تعالى بجميع الكائنات ، وأنه فاعل بمشيئته وإرادته - فلا تقبل شهادته ، لأنه على
غير الإسلام ، فأما أهل البدع الموافقون لأهل الإسلام ، ولكنهم مخالفون في بعض
الأصول - كالرافضة والقدرية والجهمية وغلاة المرجئة ونحوهم .
فهؤلاء أقسام : أحدها : الجاهل المقلد الذي لا بصيرة له ، فهذا لا يكفر
ولا يفسق ، ولا ترد شهادته ، إذا لم يكن قادرا على تعلم الهدى ، وحكمه حكم
المستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ،
فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم ، وكان الله عفوا غفورا .
القسم الثاني : المتمكن من السؤال وطلب الهداية ، ومعرفة الحق ، ولكن
يترك ذلك اشتغالا بدنياه ورياسته ، ولذته ومعاشه وغير ذلك ، فهذا مفرط مستحق
للوعيد ، آثم بترك ما وجب عليه من تقوى الله بحسب استطاعته ، فهذا حكمه حكم أمثاله
من تاركي بعض الواجبات ، فإن غلب ما فيه من البدعة والهوى على ما فيه من السنة
والهدى : ردت شهادته ، وإن غلب ما فيه من السنة والهدى : قبلت شهادته)
هذا يناقض كلامه في طريق الهجرتين حيث قال:
فالمتمكن المعرض مفرط تارك للواجب عليه لا عذر له عند الله.
ولا يمكن الجمع بما قلت لأن كلامه عام في كل مقلد لأهل العناد.
وقال:
(القسم الثالث : أن يسأل ويطلب ، ويتبين له الهدى ، ويتركه تقليدا
وتعصبا ، أو بغضا أو معاداة لأصحابه ، فهذا أقل درجاته : أن يكون فاسقا ، وتكفيره
محل اجتهاد وتفصيل ، فإن كان معلنا داعية : ردت شهادته وفتاويه وأحكامه ، مع
القدرة على ذلك ، ولم تقبل له شهادة ، ولا فتوى ولا حكم ، إلا عند الضرورة ، كحال
غلبة هؤلاء واستيلائهم ، وكون القضاة والمفتين والشهود منهم ، ففي رد شهادتهم
وأحكامهم إذ ذاك فساد كثير ، ولا يمكن ذلك ، فتقبل للضرورة ".اهـ)
وهذا مخالف لما في طريق الهجرتين حيث قال(ص:611):
محب له غير قادر عليه ولا على طلبه لعدم من يرشده فهذا حكمه حكم
أرباب الفترات ومن لم تبلغه الدعوة .ا.ه
قلت وأرباب الفترات لا يسمون مسلمين باتفاق كما ذكر ذلك الشيخ
إسحاق.
الثاني معرض لا إرادة له ولا
يحدث نفسه بغير ما هو عليه فالأول يقول يا رب لو أعلم لك دينا خيرا مما أنا عليه لدنت
به وتركت ما أنا عليه ولكن لا أعرف سوى ما أنا عليه ولا أقدر على غيره فهو غاية جهدي
ونهاية معرفتي والثاني راض بما هو عليه لا يؤثر غيره عليه ولا تطلب نفسه سواه ولا فرق
عنده بين حال عجزه وقدرته وكلاهما عاجز وهذا لا يجب أن يلحق بالأول لما بينهما من الفرق
فالأول كمن طلب الدين في الفترة ولم يظفر به فعدل عنه بعد استفراغ الوسع في طلبه عجزا
وجهلا والثاني كمن لم يطلبه بل مات على شركه وإن كان لو طلبه لعجز عنه ففرق بين عجز
الطالب وعجز المعرض فتأمل هذا الموضع والله يقضي بين عباده يوم القيامة بحكمه وعدله
ولا يعذب إلا من قامت عليه حجته بالرسل فهذا مقطوع به في جملة الخلق وأما كون زيد بعينه
وعمرو قامت عليه الحجة أم لا فذلك ما لا يمكن الدخول بين الله وبين عباده فيه بل الواجب
على العبد أن يعتقد أن كل من دان بدين غير دين الإسلام فهو كافر وأن الله سبحانه وتعالى
لا يعذب أحدا إلا بعد قيام الحجة عليه بالرسول هذا في الجملة والتعيين موكول إلى علم
الله وحكمه هذا في أحكام الثواب والعقاب وأما في أحكام الدنيا فهي جارية على ظاهر الأمر
فأطفال الكفار ومجانينهم كفار في أحكام الدنيا لهم حكم أوليائهم وبهذا التفصيل يزول
الإشكال في المسألة.
ثم قال في تفصيل آخر:
الأصل الثاني أن العذاب يستحق
بسببين أحدهما الإعراض عن الحجة وعدم إرادتها والعمل بها وبموجبها الثاني العناد لها
بعد قيامها وترك إرادة موجبها فالأول كفر إعراض والثاني كفر عناد وأما كفر الجهل مع
عدم قيام الحجة وعدم التمكن من معرفتها فهذا الذي نفى الله التعذيب عنه حتى تقوم حجة
الرسل.
وابن القيم يتكلم هنا عن العذاب في الآخرة لا عن الأحكام في الدينا
فتنبه ولا تخلط .
وقال:
(أقول : لقد ارتكب هذا الهدادي خيانة في كتمان هذا الكلام القائم على
العلم والعدل ،كتمه وأخفاه بعد اطلاعه عليه لأنه يهدم منهجه التكفيري .
كتمه ويتشبّث بقول الإمام ابن القيم رحمه الله في الكفار الأصليين
ليوهم الناس بأن الإمام ابن القيم رحمه الله يكفّر جهّال المسلمين قبل إقامة الحجة
عليهم).
جوابا على كلامك الساقط هو أن كلام ابن القيم _ على فرض صحته_ في
المبتدعة وكلامنا في المشركين فهات من كلام ابن القيم الحكم بإسلام مقلديهم؟ فاعلم
أن مجادل عنهم بالباطل.
وقال:
(وبهذا النقل عن الإمام ابن القيم رحمه الله ظهر أن ادّعاءه نقل
الإجماع عنه كذب منه ،وكيف يقوم الإجماع على مخالفة النصوص الواضحة على أنه لا بد
من إقامة الحجة قبل التكفير.)
ليس ابن القيم من نقل الإجماع على كفر المشركين فحسب بل نقله جماعة
من أئمة الدعوة، وهو إجماع الأنبياء والمرسلين
عليهم السلام وقد قال شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى (2/128.129):
..فَإِنَّ أَهْلَ الْمِلَلِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ الرُّسُلَ جَمِيعَهُمْ
نُهُوا عَنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَكَفَّرُوا مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَأَنَّ الْمُؤْمِنَ
لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا حَتَّى يَتَبَرَّأَ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ وَكُلِّ مَعْبُودٍ
سِوَى اللَّهِ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
فِي إبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ
وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ
الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ } . وَقَالَ
الْخَلِيلُ : { أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ } { أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ
الْأَقْدَمُونَ } { فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ } وَقَالَ الْخَلِيلُ
: { لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إنَّنِي بَرَاءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ } { إلَّا الَّذِي فَطَرَنِي
فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ } وَقَالَ الْخَلِيلُ - وَهُوَ إمَامُ الْحُنَفَاءِ الَّذِي
جَعَلَ اللَّهُ فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ الْمِلَلِ
عَلَى تَعْظِيمِهِ لِقَوْلِهِ - { يَا قَوْمِ إنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ }
{ إنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } . وَهَذَا أَكْثَرُ وَأَظْهَرُ عِنْدَ أَهْلِ الْمِلَلِ
مِنْ . الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى - فَضْلًا عَنْ الْمُسْلِمِينَ - مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ
أَنْ يُسْتَشْهَدَ عَلَيْهِ بِنَصِّ خَاصٍّ ..)ا.ه المراد
وقال المجدد رحمه الله في مفيد المستفيد:
على أن الذي نعتقده وندين لله به ونرجو أن يثبتناً عليه أنه لو غلط
هو أو أجلَّ منه في هذه المسألة وهي مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة ،
أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين ، أو يزعم أنه على حق ، أو غير ذلك من الكفر
الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة ، أنا نؤمن بما جاءنا عن الله
وعن رسوله من تكفيره ولو غلط من غلط .
فكيف والحمد لله ونحن لا نعلم عن واحد من العلماء خلافا في هذه المسألة
، وإنما يلجأ من شاق فيها إلى حجة فرعون : ( فما بال القرون الأولى ) أو حجة قريش
: ( ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة ) .ا.ه
وإن تعلقت بقله بلوغ الحجة إليك جوابه عن ذلك كما في الدرر(10/93):
إلى الإخوان، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد: ما ذكرتم من قول الشيخ: كل من جحد كذا وكذا، وقامت عليه الحجة،
وأنكم شاكون في هؤلاء الطواغيت وأتباعهم، هل قامت عليهم الحجة؟ فهذا من العجب، كيف
تشكون في هذا وقد أوضحته لكم مرارا؟! فإن الذي لم تقم عليه الحجة، هو الذي حديث عهد
بالإسلام، والذي نشأ ببادية بعيدة، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف، فلا
يكفر حتى يعرف.
وأما أصول الدين التي أوضحها الله وأحكمها في كتابه، فإن حجة الله هو
القرآن، فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة؛ ولكن أصل الإشكال، أنكم لم تفرقوا بين قيام
الحجة، وبين فهم الحجة، فإن أكثر الكفار والمنافقين من
المسلمين، لم يفهموا حجة الله مع قيامها عليهم، كما قال تعالى: {أَمْ
تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ
بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} 1.
وقيام الحجة نوع، وبلوغها نوع، وقد قامت عليهم، وفهمهم إياها نوع آخر;
وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها.ا.ه
وقال أيضا:
(-وقول هذا الحدادي : "ووضّح عبد اللطيف الأمر أكثر فقال في [
منهاج التأسيس ص 134 ] :( مع أنّ العلامة ابن القيّم - رحمه الله - جزم بكفر
المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفّرة إذا تمكّنوا من طلب الحقّ ومعرفته ،
وتأهّلوا لذلك. فأعرضوا ولم يلتفتوا.ومن لم يتمكن ولم يتأهّل لمعرفة ما جاءت به
الرّسل فهو عنده من جنس أهل الفترة ممّن لم تبلغه دعوة رسول من الرّسل. وكلا
النّوعين لا يحكم بإسلامهم ولا يدخلون في مسمّى المسلمين، حتى عند من لم يكفر
بعضهم ..، وأمّا الشّرك فهو يصدق عليهم، واسمه يتناولهم وأيّ إسلام يبقى مع مناقضة
أصله ؟ ) .اهـ
أقول : إنّ كلام الشيخ عبد اللطيف الذي عزاه إلى ابن القيّم إنما هو في
المقلدين للكفار الأصليين المكذبين للرسل والكافرين بما جاؤوا به كما عرف القارئ
من كلام الإمام ابن القيّم الذي صرّح به في "الطرق الحكمية".)
كذبت على الشيخ هداك الله ، فلا يحمل تعصبك لربيع وتزلفك له على
اللعب بدينك فعند الله لا تضيع الأعمال.
ولا تلازم بين كلامه في الطرق الحكمية وكلامه في طريق الهجرتين، وأعيد
عليك السؤال : إن كفرت علماء المشركين فكيف تعامل مقلديهم أتعذرهم بذلك ؟ أم هم
داخلون في عموم كلام ابن القيم؟
ثم الشيخ عبد اللطيف عمم في كلامه لئلا يتمسك به جاهل مثلك حيث قال (
المقلدين لشيوخهم في المسائل المكفرة) لتشمل كل المسائل.
وقال:
(وكلام الشيخ عبد اللطيف الثاني في ردّه على العراقي ابن جرجيس واضح في
أنه يقصد أعمال الكفر والشرك ،فإن الشرك لا يسمّى إلا شركا وإنّ الكفر لا يسمى إلاّ
كفرا ولا يقصد تسمية الجهال الذين لم تقم عليهم الحجة بالكفار والمشركين وهو ممن
يقول بالعذر بالجهل ولا يكفر إلاّ من قامت عليه الحجة ولا يطلق عليه اسم الكفر أو
الشرك وإنما سمّى عمله شركا وكفرا ،وكلامه هنا واضح في العذر بالجهل واشتراط قيام
الحجة قبل التكفير ،وهذا بخلاف ما عليه الخوارج والحدادية الخارجية ومنهم هذا
الجاهل الغبي الذي لا يعذر بالجهل ولا يشترط إقامة الحجة ويحرف كلام أهل العلم
لتأييد منهجه الباطل.)
لا أظنك قرات كتاب الشيخ عبد اللطيف وإلا لما قلت ما قلت من دجل
وهراء، فكتاب الشيخ فيه تقرير تكفير المشركين والرد على العراقي في تلك المسألة ،
فكيف تكذب عليه أنه يقصد الحكم على الأفعال لا على الفاعل؟
وقد قال كلمة في رده على العراقي يحسن بك أن تفقهها لو كنت صاحب
عقل(ص:78):
قد تقدم أن العمدة عندهم في مسائل أصول الدين وفروعه على كتاب الله
وسنة رسوله وإجماع أهل العلم من هذه الأمة، ولا تذكر أقوال أهل العلم إلا تبعاً وبياناً.
لا إنّها المقصودة بالذات والأصالة؛ ثم المسائل التي لا يلزم بها المجتهد غيره ما كان
للاجتهاد فيها مساغ، ولم تخالف كتاباً ولا سنة صريحة ولا إجماعاً، وما خالف ذلك فهو
مردود على قائله. ويلزمه أهل العلم بصريح الكتاب والسنة وإجماع الأمة.ا.ه
وقال (ص:97):
فمن اعتقد في بشر أنه إله أو دعا ميتاً أو طلب منه الرزق أو النّصر
أو الهداية، أو توكل عليه أو سجد له، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه". انتهى.
فبطل استدلال العراقي، وانهدم من أصله، كيف يجعل النهي عن تكفير المسلمين
متناولاً لمن يدعو الصالحين ويستغيث بهم مع الله، ويصرف لهم من العبادات ما يستحقه
إلا الله؟ وهذا باطل بنصوص الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة.
ومن عجيب جهل العراقي: أنه يحتج على خصمه بنفس الدعوى، والدعوى لا تصلح
دليلاً، فإن دعوى العراقي لإسلام عباد القبور تحتاج دليلاً قاطعاً على إسلامهم فإذا
ثبت إسلامهم منع من تكفيرهم، والتفريع ليس مشكلاً. ومعلوم أن من كفر المسلمين لمخالفة
رأيه وهواه كالخوارج والرافضة أو كفر من أخطأ في المسائل الاجتهادية أصولاً أو فروعاً،
فهذا ونحوه مبتدع ضال، مخالف لما عليه أئمة الهدى ومشايخ الدين. ومثل شيخ الإسلام محمد
بن عبد الوهاب لا يكفر أحداً بهذا الجنس ولا من هذا النوع. وإنما يكفر من نطق بتكفيره
الكتاب العزيز، وجاءت به السنة الصحيحة وأجمعت على تكفيره الأمة، كمن بدل دينه، وفعل
فعل الجاهلية الذين يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين، ويدعونهم مع الله، فإن الله كفرهم وأباح دماءهم وأموالهم وذراريهم بعبادة غيره، نبياً
أو ولياً أو صنماً لا فرق في الكفر بينهم، كما دل عليه الكتاب العزيز والسنة المستفيضة،
وبسط هذا يأتيك مفصلاً، وقد مر بعضه.ا.ه المراد
وإن قلت أنه يشترط إقامة الحجة فهذا كلامه يرد زعمك وزعم أهل
الضلال كشيخك ربيع حيث قال (ص:250):
فإن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهّاب رحمه الله لا يكفّر أحداً قبل
قيام الحجّة. وهذا يأتي على جميع ما ساقه العراقي بالرّد والدّفع، فسياق هذه العبارات
المتحدة المعاني والتشبيه بها وكثرة عددها مجرد تخييل وهوس، يكفي في ردها ما تقدم بيانه
من اشتراط قيام الحجة، وإن فرض كلام الشيخ في كل ما نقل العراقي في غير ما يعلم من
الدين بالضرورة، وفي غير المفرط في طلب العلم والهدى، كما تقدم فيما نقلناه من طبقات
المكلفين، وتقدم نص الشيخ أن فرض كلامه في غير المسائل الخفية، وكل جملة من هذه الجمل
تكفي المؤمن في ردّ جميع ما نقله ابن جرجيس عن شيخ الإسلام ابن تيمية، وينبغي أن يعلم
الفرق بين قيام الحجة وفهم الحجة، فإن من بلغته دعوة الرسل فقد قامت عليه الحجة؛ إذا كان على وجه يمكن معه العلم، ولا يشترط في قيام الحجة أن يفهم عن
الله ورسوله ما يفهمه أهل الإيمان والقبول والانقياد لما جاء به الرسول صلى الله عليه
وسلم ، فافهم هذا يكشف عنك شبهات كثيرة في مسألة قيام الحجّة.ا.ه المراد
ونصيحتي لك ألا تكذب على الشيخ عبد اللطيف دون أن تقرأ كتابه
فكلامك يوحي أنك لم تقرأه وإلا لما تجرأت على الكذب عليه في نسبة العذر بالجهل
للمشرك له.ألا قاتل الله التعصب أين يجر أهله.
ثم قال:
(أقول : هذا التقسيم من الإمام ابن القيم رحمه الله يقصد به المقلدين
لكفار المحاربين للإسلام المكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم وللقرآن ولماجاء به.
وأما المقلدون لمثل الروافض والجهمية والقدرية وغلاة المرجئة فهؤلاء لا
يكفّرهم ابن القيم رحمه الله ،وذلك لأن هذه الفرق الضالة تدّعي الإسلام والإيمان
بالرسول صلى الله عليه وسلم وبالقرآن وبما جاء به ويدّعون أنهم أولياء الله فينخدع
الجهال بهذه الدعاوى.)
ليس ابن القيم بحجة فيدين الله ، ومثله أقصى أحواله أن يستدل
لكلامه لا يستدل به كما تفعل جهلا وحماقة ، وإني أنبه هنا إلى أمر مهم وهو أن غالب
من تكلم في مسألة العذر بالجهل نقل أقوال الرجال وأعض عن النصوص الدالة على ذلك،
فكان كلامه سهل الرد والدفع بأقوال رجال آخرين .
والمقلدون للروافض والجهمية لم يعرف عن السلف استثناءهم من التكفير
مطلقا ومن نسب ذلك إليهم فهو مخطئ أو جاهل ، ومن طالع كتب في الاعتقاد جزم بأنهم
حكموا على أعيان الجهمية بالكفر بلا تفريق ، ولا يستدل علينا بكلام ابن تيمية فهو
مخالف لإطلاقات السلف المنقولة عنهم في كتبهم.
فالجهمي الذي ينكر علو الله يكفر سواء كان مقلدا أو عالما لأن
مسألة العلو ليست سمعية بل هي فطرية عقلية
لم يخالف فيها أهل الملل السابقة كما نص على ذلك شيخ الإسلام في بيان تلبيس
الجهمية، وبالتالي فلا فرق فيها بين عامي مقلد وبين عالم من رؤوسهم، ومن ادعى
التفريق لزمه الدليل الواضح ولا يمكنه ذلك.
والروافض بعقائدهم الكفرية اليت لا حصر لها ومنها الشرك في ربوبية
الله لا يمكن أن يعذر في ذلك عامتهم لأنها أمور فطرية لا ينكرها إلا مكابر ، فبطل
كلامك ، ولا يمكن لابن القيم أن يرى هذا
الرأي ,هو الذي نقل اتفاق السلف على كفر المعتزلة فضلا عن الجهمية.
وقال:
( انظر إلى قول ابن سحمان في أتباع الجهمية من أتباع المذاهب الأربعة
وغيرهم من أهل البدع الذين أحسنوا بهم الظن وقلّدوهم وتقدّم أنّ هذا الجاهل
الحدادي قد استنكر على الشيخ ربيع حفظه الله إطلاقه لفظ "المبتدعة "على
من وقع في الشرك من الجهال.)
ابن سحمان رحمه الله جعل كلام ابن القيم عام خلافا لما تقول فكيف
تأخذ منه ما تريد وتترك الباقي؟
فقد قال رحمه الله في كشف الأوهام(ص:48):
وقد بين ابن القيم رحمه الله تعالى في الطبقات تنويع الجهال المقلدين
لأهل الكفر من الجهمية وعباد القبور وغيرهم وفصل النزاع وأزال الإشكال فقال رحمه الله
تعالى.
إلى أن قال :
فانظر أيها المنصف كلام شمس الدين ابن القيم وتكفيره لهؤلاء الجهال
المقلدين للمعاندين وهذا الرجل الذي أعمى الله قلبه يقول إن بعض أهل السنة والجماعة
لا يكفرون الجهمية أفيجوز تكفير من لم يكفرهم من العلماء المذكورين وأما جمهور العلماء
فهم يكفرونهم ومراده بذلك الرد على من قال من العلماء بتكفير من لم يكفر الكافر والعلماء
لم يختلفوا في تكفير الجهمية النفاة المعطلين للذات والأسماء والصفات بل قد اتفقت الأمة
على تكفير الأتباع الجهال المقلدين لرؤسائهم وأئمتهم الذين هم تبع لهم وإنما ذكر ابن
القيم رحمه الله القولين للعلماء في الجهال المقلدين الذين أحسنوا الظن بمن قلدوه وأعرضوا
عن قبول الحق تقليدا لأشياخهم الذين تمكنوا من العلم والمعرفة وقد فصل النزاع وبين
أنواع هؤلاء بقوله..
ثم قال ابن سحمان ص:52:
قلت وعلى هذا فجهمية دبي وأبي ظبي الذين وقع الخلاف فيهم خارجون عن
هذا القسم ولا يقول مسلم أنهم غير متمكنين من العلم ومعرفة الحق ولا هم كذلك عاجزون
عن السؤال والعلم الذي يتمكنون به من العلم وطلب الهدى بل هم قادرون على طلبه والمرشدون
لهذا الدين والداعون إليه موجودون غير معدومين وهم مع ذلك بين أظهر المسلمين وقد بلغتهم
الدعوة وقامت عليهم الحجة كما تقدم في كلام الشيخ عبد اللطيف رحمه الله لكنهم غير مريدين
للهدى ولا مؤثرين له ولا محبين له بل معرضين عنه رأسا راضين بما هم عليه ويكفرون أهل
الإسلام وهم معادون لهم مبغضون لهم محاربون لهم غير مسالمين لهم ناصبين أنفسهم للسعي
في إطفاء نور الله وهدم دينه وإخماد كلماته فلا يكون حكمهم حكم أرباب الفترات ومن لم
تبلغه الدعوة ولا يقول ذلك إلا من أعمى الله قلبه مع أنه قد انتصب أناس جهال في الذب
عنهم وأنهم مسلمون على دعوى قول طوائف من أهل السنة والجماعة الذين لم يكفروا الجهمية
وهو قول لا دليل عليه ويستدل بقوله من كفر مسلما فقد كفر.
فهل ترى مشركي زماننا متمكنون من طلب الهدى أم عاجزون؟
إن قلت الأول نقضت كلامك كله وبينت جهلك الفاضح ، وقلت بالثاني
كذبك الواقع فلا محيص لك عن الحق فلم يبق
إلا الكبر والعناد وتقليد ربيع.
وقال:
(-تقدم كلام ابن القيّم في المغايرة بين مقلدي الكفار المكذبين للرسل
ورسالاتهم وبين الجهّال الذين قلّدوا الجهمية والرافضة وأنه يعذر هذا النوع بالجهل.)
لا تكذب على ابن القيم فهو يعذر من لم يتمكن من معرفة الهدى مع
طلبه له ورغبته فيه ، ومع هذا ففي الشرك لا يسمى هذا مسلما بل يعامل معاملة الكفار
كحال أهل الفترة .
وقال:
(– تقدّم تفريق الإمام ابن القيم بين المقلّدين للكفار أعداء الرسل
المكذّبين لهم ولرسالاتهم ويرمونهم بالكذب على الله ،وبين الجهّال ممن يؤمن بالرسل
ورسالاتهم ويحبّهم ولا سيّما محمدا صلّى الله عليه وسلّم، ثم إنهم يقعون بجهلهم في
تقليد أئمة الروافض والجهمية لإحسانهم الظن بهم واعتقادهم أنهم على دين الله الحق
، فيعذر هؤلاء ولا يعذر المعرضين عن الحق.)
ليس من موانع التكفير
الإيمان بالرسل والرسالات ولم يقل أحد بهذا المانع ، لكن التقليد إذا تمكن جر لهذا
الهراء العجيب ، فالصوفي مدعي لحب الرسول وفيهم مشركون ، ومن يسب الصحابة يزعم حب
الرول ويؤمن بالرسالات لكن كفره السلف ، ومن قال القرآن خلوق كذلك وأمثلة هذا كثير
فدعك من التخليط.
وقال:
6( ـ قال الحدادي المتلون في (ص: 22 ): "الشيخ ربيع يخرق الإجماع
.
فقد مرّ معنا أنّ الشيخ ربيعا خالف إجماع المسلمين الذي نقله ابن
القيّم و عبد الرّحمن بن حسن و أبو بطين وغيرهم ، و كانت المخالفة في مسألة
المتلبّس بالشّرك الأكبر ، حيث سمّاه مسلما و عذره بالجهل ، و الإجماع يقول ليس
بمسلم ، فما حكم من فعل ذلك ؟.اهـ
أقول : سبق للقارئ أن هذا الكلام الذي نسبه إلى الشيخ ربيع لم أجده في
الموضع المحال عليه فلا يبعد أن يكون افتراه.)
لا أدري أي كلام تقصد لكن لربيع كلام كثير في المسألة وأنت تؤكد
ذلك فدعك من الكذب ونصرة الباطل.
وقال:
(كل من الإمام ابن القيم و عبد الرحمن بن حسن يعذر بالجهل وقد تقدم
النقل عن الإمام ابن القيم.)
هذا كذب وافتراء على هؤلاء جميعا وقد سبق بيان سوء فهمك لكلام ابن
القيم ، أما الشيخ عبد الرحمن بن حسن فنسبة العذر بالجهل له أكذب الكذب كيف لا وهو
صاحب كتاب الأدلة والبراهين في عدم العذر
بالجهل في أصول الدين، ومحتوى الكتاب ظاهر من عنوانه ، وهو كاف لبيان جهلك الفاضح
وتحامقك الكبير نصرة لشيخ الضلالة ربيع والعجب أن يتصدر مثلك لبيان هذه الأمور مع
هذا الجهل.
وقال:
(ومعلوم أن السلف لم يجمعوا على كفر الروافض والجهمية بل اختلفوا في
ذلك ،فلم يحارب بعضهم بعضا وهذا ابن القيم لم يطلق عليهم الكفر.)
هذه ثالثة الأثافي وقد كنت أريد بيان كذبك في هذه فقط ثم أحببت
زيادة البيان لمقدار جهلك فعلقت على بعض من كلامك السابق .
لا أدري كيف استقام فيعقلك المريض اختلاف السلف على عدم تكفير
الجهمية والرافضة ونقلو السلف في ذلك لا تحصر ويكفي في ذلك ما نقله اللالكائي في
أصول الاعتقاد حيث قال(2/312):
..قالوا كلهم القرآن كلام الله غير مخلوق ومن قال مخلوق فهو كافر فهؤلاء
خمس مائة وخمسون نفسا أو أكثر من التابعين واتباع التابعين والائمة المرضيين سوى الصحابة
الخيرين على اختلاف الأعصار ومضى السنين والأعوام
وفيهم نحو ممن مائة امام ممن
أخذ الناس بقولهم وتدينوا بمذاهبهم ولو اشتغلت بنقل قول المحدثين لبلغت اسماؤهم الوفا
كثيرة لكني اختصرت وحذفت الاسانيد للاختصار ونقلت عن هؤلاء عصرا بعد عصر لا ينكر عليهم
منكر ومن أنكر قولهم استتابوه أو أمروا بقتله أو نفيه أو صلبه.
فأين الاختلاف بينهم حول تكفير الجهمية ؟ أم هو الكذب وقلة الحياء
؟
وابن القيم نفسه قال في نونيته :
ولقد تقلد كفرهم خمسون في ... عشر من العلماء في البلدان
واللالكائي الإمام قد حكاه عنهُم ... بل قد حكاه قبله الطبراني
فأين الخلاف يا كذاب؟
وأما الروافض فكفرهم لا يحتاج لبرهان ، والسلف كفروا بأقل مما عليه
الرافضة اليوم ، بل كفروا من طعن في عائشة رضي الله عنها لأنه رد القرآن، وكلامهم
فيهذا ونحوه كثير ، فلا أدري عن أي خلاف تتحدث ، غلا غن كنت تقصد شيخي الضلالة
الألباني وربيع.
وقال:
(وأما عبد الرحمن بن حسن فلا يكفر من يترك الأركان الأربعة ولا من يقع
في شرك القبور، فما حكمه عند هذا الجاهل المبطل الكثير الدعاوى للإجماع وغيره
؟)
ما علاقة من يترك الأركان الأربعة بالشرك بالله ؟ فلا تلازم بينهما
بأية حال.
أما عذر من يشرك بالله فقد سبق بيان كذبك في دعواك عليه ، ومن قرأ
كتابه عرف مذهبه ، وتبين له أنك كذاب مفتر على الأئمة نصرة لربيع الجهمي.
وقال:
(ـ
الشيخ ربيع حفظه الله يحارب التكفير في كتاباته وفي دروسه
وكذلك السلفيون في كل مكان يحاربون التكفير.)
أهل السنة لا يحاربون
التكفير لأنه حكم شرعي وعبارتك خطأ بين ، يحتاج صاحبها لتعلم العلم من جديد،
فالتكفير حق الله ولا يمكن محاربته ، ولا يحاربه مطلقا إلا ضال مضل يريد أن يجمع بين الكفر والإسلام.
ولو قلت محاربة الغلو في التكفير كفعل الخوارج لاستقام قلوك لكن
جهلت فقلت قولا منكرا.
وقال:
(ولا أشك أن الحدادية فصيل من فصائل الإخوان المسلمين.
ولا ينتقدون الإخوان المسلمين إلا نادرا من باب ذرّ الرّماد في العيون
،وما نعرف لهم نقدا لعقائدهم ولا لهذا الخليط في تنظيمهم.)
نحن لا ننتقدهم لأننا نعتقد أن غالبهم كفار وليسوا مبتدعة فحسب كما
هو معتقد شيخك .
وفي الإخوان نواقض كثيرة للإسلام منها موالاة الكفار وحبهم ,منها
الشرك بالله فهو كثير في رؤوسهم ، ومنها التوهين من الدعوة للتوحيد والتحذير من
الشرك وغيرها كثير ، وهذه ليست بدعا فحسب بل هي كفريات ظاهرة لا تحتاج لإقامة
الحجة.
وقال:
(ومن أئمتهم سيد قطب الذي يطعن في عثمان وفي عدد كبير من الصحابة و
يسقط خلافة عثمان و يقول تحطمت أسس الإسلام في عهده و تحطمت روح الإسلام في عهده و
يطعن في نبي الله موسى عليه السلام عدة طعنات و يسخر منه.
ويعطل صفات الله ويقول بأزليّة الروح و يقول بخلق القرآن إلى ضلالات
أخرى
وقد روج الإخوان المسلمين لمؤلفات سيد قطب التي تتضمن هذه الأمور الخطيرة
التي ذكرتها و لا يستبعد أن الحدادية تنشقّ من هذا المنهج وجُنّدت أو جندت نفسها لحرب
المنهج السلفي وهذا الحدادي أحدهم ولا نعرف لهم ردود على سيد قطب و أتباعه.)
سيد قطب زنديق مرتد عن الإسلام ، لكن شيخك الجهمي لا يصرح بذلك مع
علمه بكفرياته ، وما ذلك إلا لأنه بعيد عن منهج أهل السنة ، فالقول بخلق القرآن
كفر بين، وسب الأنبياء كفر بين ومثلها لا يحتاج لبيان .
فخاطب شيخك الضال بهذا لعله يعرف الإسلام الصحيح لا دين الجهمية
والمرجئة.
ثم قال:
(الوقفة الثالثة (حول أثر مجاهد في الإقعاد):
أقول : نعم وافق الشيخ ربيع حفظه الله أكثر السلف في هذه الجزئية
،ووافق السلف جميعا في منهجهم في ردّ الأحاديث والآثار الضعيفة لا سيّما إذا خالفت
الأحاديث الصحيحة.)
سم لنا من من السلف وافقهم ربيع وسكت عنه أهل السنة ؟ فإن لم تفعل
فأضفها إلى كذباتك الكثيرة في مقالك هذا.
وقال أيضا:
(لقد حذف هذا الرجل من كلام الشيخ ربيع حفظه الله ما يأتي:
قال الذهبي في "الميزان" (3/439) -بعد الثناء على مجاهد-:
وقال أبو بكر بن عياش : قلت للأعمش : ما بال تفسير مجاهد مخالف - أو شئ نحوه ؟ قال
: أخذها من أهل الكتاب .
ثم قال الذهبي : ومن أنكر ما جاء عن مجاهد في التفسير في قوله: عسى أن
يبعثك ربك مقاما محمودا - قال : يجلسه معه على العرش ."
و علقّ الشيخ ربيع حفظه الله في "الحاشية" ما يلي:
" قال الذهبي في العلو (ص : 170) أما قضيّة قعود نبينا على العرش
فلم يثبت في ذلك نص بل في الباب حديث واه وما فسّر به مجاهد الآية".
فكتم هذا المتلوّن هذين النصين من الذهبي و الشيخ ربيع ،فالبتر
والكتمان صارا طبيعتة له ).
وما ضره لو كتم كلام الذهبي الضال ؟ فأين هو من كلام أحمد وأمثاله من أساطين السنة ؟ وقد رموا من رد
ألأثر بالبدعة؟
فهل الذهبي من أئمة السلف الذين تقصدهم و طعوناته في الصحابة منشورة،
لكنكم قوم خبثاء تعملون الموازنات فيما ينفعكم وتردونها على خصومكم وهمكم الدفاع
على رؤوس التجهم لا غير.
ومن الذهبي؟ حتى يرد بقوله كلام مجاهد وقبول السلف له ؟ والذهبي كلامه في التبرك بالقبور كاف في بيان
انحرافه وجهله بالعقيدة
وقال:
(أقول : يريد هذا الخارجي التكفيري بنقل هذا الكلام في هذا السياق رمي
الشيخ ربيعا حفظه الله بل والعلماء الذين ضعّفوا أثر مجاهد بالكفر ،ومن هؤلاء
العلماء الطبري والذهبي و ابن باز وابن عثيمين والألباني وصالح الفوزان وعبد الله
الغديان وعبد العزيز آل الشيخ وغيرهم وغيرهم من علماء السنة والتوحيد).
الطبري لم يرد الأثر فلا تكذب عليه وكلامه في التفسير صريح في
قبوله ، ولا يحتج علينا بكلام رجل ضال
كالسيوطي وهو لديه من الضلالات وإنكار الصفات ما الله به عليم ، فكيف نترك كلام
الطبري الواضح في تفسيره ونأخذ قوله عن السيوطي الهالك الذي يمدح ابن عربي الزنديق
، وهو خرافي ضال ؟
أين عقولكم وأين غيرتكم المزعومة على السنة ؟ ألا قاتلكم الله.
ولا يمكن أن نأخذ بحكاية ياقوت ويظهر فيها تحامل شديد على الحنابلة
فلا يبعد أن تكون مكذوبة ، فمالك رددت أثر مجاهد بضعف راويه مخالفا لأئمة الحديث ،
وقبلت رواية عن الطبري بلا إسناد ؟ أهو الجهل أم الحماقة؟
أما الذهبي فكلامه فيه متناقض فمرة يثبته ومرة ينكره فلا يعتد
بكلامه .
اما إلزامك له بالحكم على الباقي فأقول لك من عرف كلام السلف ثم
رده يحكم عليه بمقتضى .حاله ول كان من كان ، فرد كلامهم أهون من رد اتفاق السلف على
قبول الأثر وهم أهل الحديث بحق لا كحال الألباني الجاهل.
ثم قال:
(فعلماء اللجنة وابن عثيمين مسبوقون إلى تضعيف أثر مجاهد وإثبات أنه
منكر).
بين من سبقهم من الأئمة المعتبرين ودعك من الكلام المرسل ، فكلام
اللجنة مردود ولا يقبل ولو كان فيها من كان فكلهم لا يساوون فقه أحمد ولا علمه
بالحديث ولا صحة معتقده رحمه الله ، كيف ولا يعرف من السلف من رده بل حدثوا به
وقبلوه وبدعوا من رده ووصفوه بالتجهم .
وقال:
(هذه الأقوال التي ساقها هذا المتلوّن كلها مدارها على الليث بن أبي
سليم وواحد منها عن عبد الله بن السلام.
أما الليث بن أبي سليم ضعيف جدا و لا يجوز قبول روايته عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم فضلا عن مجاهد و غيره.)
لم يكن حال ليثخافيا هذا على أئمة الحديث حتى تنبههم أنت وشيخك
الجهمي لهذا ، وكلامك هذا دليل على أنك لا تستحق المخاطبة بالعلم ، بل حقك أن تؤدب
على ما كتبت.
ومشكلتكم أنكم ترون أنفسكم أهلا لمقارعة الأئمة وسبقهم في الفضل
والعلم وأنتم غارقون في الضلالة والبدعة .
ومالك أعرضت عن كلام ابن عدي فيه وهو ممن يستقرئ أحاديث الرجل
للحكم عليه قال المزي في تهذيب الكمال (24/287):
وقال أبو أحمد بن عدي له أحاديث صالحة غير ما ذكرت وقد روى عنه شعبة
والثوري وغيرهما من ثقات الناس ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه وقال أبو بكر البرقاني
سألته يعني الدارقطني عن ليث بن أبي سليم فقال صاحب سنة يخرج حديثه ثم قال إنما أنكروا
عليه الجمع بين عطاء وطاووس ومجاهد.ا.ه المراد
ثم اعلم يا مغفل أن الموقوف والمقطوع لا يعامل كالمرفوع فلا يشدد
في الحكم عليه بالصحة ومن نظر تعامل الأئمة رأى ذلك فيهم كثير.
وروايته هنا في التفسير وهي صحيفة عن مجاهد قال ابن حبان في الثقات
ج7/ص331 (لم يسمع التفسير من مجاهد أحد غير القاسم بن أبي بزة وأخذ الحكم وليث بن أبي
سليم وابن أبي نجيح وابن جريج وابن عيينة من كتابه ولم يسمعوا من مجاهد)
ففي الميزان للذهبي (1/427):
قال أبو قدامة السرخسي: قال يحيى القطان: "تساهلوا في أخذ التفسير
عن القوم لا تولعوهم في الحديث ثم ذكر ليث بن أبي سليم وجويبر هذا والضحاك ومحمد بن
السائب وقال هؤلاء لا يحمد حديثهم ويكتب التفسير عنهم". ا هـ.
ففي هذا رد لتعلقك بحمق بكلام أئمة النقد فيه ، فحاله في التفسير
غير حاله في رواية الحديث فتعلم قبل أن تتكلم.
وقال :
(فمن حاله عند أئمة النقد و على رأسهم الإمام أحمد و يحيى القطان تقبل
روايته في باب العقيدة عن مجاهد رحمه الله تعالى الذي يروي الإسرائيليات ؟)
أما كلامك على ليث فقد سبق الجواب ، وأما جرأتك على مجاهد فعجيبة
من العقلاء ، لكن ممن مقلد مثلك لا تستغربن فقل لي أين قال واحد من السلف أن مجاهد
يحدث عن بني إسرائيل غير الأعمش.
ثانيا :هل غفل الأئمة كلهم على أن مجاهد يحدث عن بني إسرائيل
فقبلوا كلامه جهلا منهم؟ أليس في هذا اتهاما للسلف وتجهيلا لهم؟ وكفى بهذا ضلالا.
ثالثا: هل يعقل ان يحدث أهل الكتاب بما هو حجة عليهم فيروون إقعاد
النبي عليه السلام على العرش تفضيلا له؟
هذا إن سلمنا أن مجاهد يحدث عنهم وهو باطل من القول .
وهل مجاهد لا يعرف ما يعتقد في حق الله حتى يقول مثل هذا وهو باطل
لا يجوز أن يعتقد ، ثم كيف للسلف وهم افضل الأمة علما وفقها وعقيدة أن يقبلوا ما
لا يجوز اعتقاده ، ويحدثوا به ويطعنوا فيمن خالفه؟
كيف يخفى كل هذا عنهم ويأتي الألباني الجاهل وربيع الضال فيتفطنوا
له؟
وقد قال شيخ الإسلام في
الدرء(3/19):
وإنما الثابت أنه عن مجاهد وغيره من السلف وكان السلف والأئمة يروونه
ولا ينكرونه ويتلقونه بالقبول
وقد يقال : إن مثل هذا لا يقال
إلا توفيقا لكن لا بد من الفرق بين ما ثبت من ألفاظ الرسول وما ثبت من كلام غيره سواء
كان من المقبول أو المردود.ا.ه
وقال بلا حياء:
(بل هو سائر على منهج أئمة الحديث في ردّ روايات المنكرة ولو نسبه إلى
رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعلى منهج من قبل رواية ليث و طعن في من ردّها).
سبق البيان أن ليث ممن يقبل في التفسير فاكفف عنا جهلك ولا تزد
فنزيد.
وتلقي الأمة للأثر بالقبول يعطيه القوة أكثر مما لو صح إسناده كما
هو متقرر في علم الحديث.
ومن رد على السلف قولهم فليس سائرا على منهجهم ولو تزيا بزيهم ليغر
الجهال.
وقال:
(يلزمنا أن نقبل ونتديّن بالروايات المنكرة والإسرائيليات الباطلة ؟)
مادام قبلها السلف فما عليك إلا التقليد ، والرد عليهم دليل خبثك
وخبث شيخك في الضلالة فأبشر بما يسوؤك
أما الإسرائيليات ففرية ابتدعها المتأخرون لرد ما لا يتفق وباطلهم
ونفقت على أنصاف المتعلمين ، فضرب بها الألباني نصوصا ثابتة وتبعه على ذلك جم غفير
.
وقال بتعالم وغرور:
(غفر الله للإمام الخلال الذي قبل هذه الرواية ونقل طعون من قبلوها و
طعنوا في من يردّونها و رموهم بأنهم جهيمة والجهيمة يعطّلون صفات الله و ينكرون
استواء الله على عرشه و لهم عقائد أخرى كفرية.)
الخلال نشر الحق لكن أهل البدع ينفرون من سماع هذه الأحاديث لمرض
في قلوبهم ، ومن نقل عنهم الخلال أئمة لا يلحقهم ربيع ولا شيخه في الضلال ،
والاعتراض على السلف بمثل هذا دليل حمقك وأنك أنوك مغفل لا يليق بك العلم.
وقال بجهل فاضح مكشوف:
(أتدري من هو محمد بن يونس البصري ؟
إنه من الكذابين قال الذهبي في "الميزان" (4/74-75) محمد بن
يونس بن موسى القرشي السامي الكديمي البصري الحافظ أحد المتروكين.
وقال ابن حبان : لعلّه وضع أكثر من ألف حديث.
فهذا هو الكديمي و لعله يحارب من أهل السنة و يرميهم بالتجهّم من أجل
أنهم كذّبوه وتركوه و ردوا أحاديثه التي يفتريها .)
قبحك الله من جاهل فاجر .
ولم أعرضت عن كلام أحمد رحمه الله حيث قال فيه كما نقله المزي في
تهذيب الكمال(27/77):
َقَالَ عبد الله بن أَحْمَد: سَمِعْتُ أبي يَقُولُ: كَانَ محمد بن يونس
الكُدَيْميّ حَسَن الحديث، حسن المعرفة، ما وُجِد عَلَيْهِ إِلا صحبته لسليمان الشاذكوني.
وعلى فرض صحة اتهامه بالكذب فالرجل يقول ما يعتقد ولا ينقل عن غيره،
فلا يصح كلامك فيه ، وهو دليل على أن عن العلم بمعزل.
وقال أيضا:
(قوله :" فقيل لأبي مسعود الجريري: إذا كان على كرسيّ الرّبّ فهو
معه ؛ قال: نعم؛ مع الرّبّ ؛ ثمّ قال : هذا أشرف حديث سمعته قط ، وأنا منكر على من
ردّ هذا الحديث ، وهو عندي رجل سوء متهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) [
السنة للخلال 280 ] .
أقول : انظر إلى هذا الغلو الشديد في أثر منكر هو يرى أنه أشرف حديث
سمعه قط فلعله سمع ألوف الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لا ينطق
عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي.
كيف ينقل هذا المتلوّن مثل هذا الكلام الباطل الذي يخجل من نقله أهل
الأهواء.)
هذا الهراء يجاب عنه باختصار:
لكل داء دواء يستطب ه ** إلا الحماقة أعيت من يداويها.
أكل هذا يقال في الجرير نصرة لربيع الخبيث ؟ قبحكم الله وعجل
بهلاككم وطهر الأرض منكم.
أتجرأ أيها الأحمق الحقير على الكلام في إمام كالجريري الذي لا
يدانيه ربيع في تمسكه بالسنة
وقال قال أحمد:
: كان أيوب السختياني يقدم الجريري على سليمان التيمي لانه كان يخاصم
القدرية.
وكان أيوب لا يعجبه أن يخاصمهم.
ولا أظنك تعرف من هو الجريري وإلا ما قلت هذا الفجور. فلو قيل هذا
أو أقل منه في شيخكم ربيع لحاربتم قائله ، ولما يقال فيه الجريري نصرة لباطلكم يسهل عليكم ذلك.
وقال :
(فتأمل قول النجاد :" الذي ندين الله تعالى به ، ونعتقده ما قد
رسمناه وبيّناه من معاني الأحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما
قاله عبدالله بن العباس ، ومن بعده من أهل العلم..."
على هذا الكلام مآخذ :
1 ـ قوله :" الأحاديث المسندة عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم".
إن هذا الكلام ليوهم القارئ أن هناك أحاديث صحيحة عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم تنص على إجلاس الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ،وهذه دعوى عريضة
تؤخذ على النجاد إن كان قال هذا الكلام.
2 ـ ماروي عن ابن عباس رضي الله عنهما في إقعاد النبي صلى الله عليه
وسلم على العرش ، أورده الذهبي في "كتاب العرش" (رقم 189)وهو ضعيف جدا
في إسناده الضحاك بن مزاحم يرسل عن ابن عباس .
وقد سئل هل سمعت من ابن عباس ؟، فقال : لا .
قيل له : رأيته ؟
قال : لا .
وفي إسناده عباد بن أبى روق . قال يحيى بن معين : قد رأيته وليس بثقة .
وقال ابن عدى : له أحاديث ، ولأبيه أحاديث ، وما يرويانه لا يتابعان
عليه.
وفي إسناده أحمد بن الفرج الطائي.)
هذا تفسير يقال فيه ما قيل في أثر مجاهد ، وكتب التفسير مملوءة بهذا
الإسناد ولا تعامل كالمرفوعات.
وأثر ابن عباس قال به ابن القيم كما في النونية:
واذكر كلام مجاهد في قوله ... أقم الصلاة وتلك في سبحان
في ذكر تفسير المقام لأحمد ... ما قيل ذا بالرأي والحسبان
إن كان تجسيما فإن مجاهدا ... هو شيخهم بل شيخه الفوقاني
ويقصد بشيخه هنا ابن عباس فقل في ابن القيم ما قلت في الجريري
والنجاد؟
وقال:
(ـ انظر في قوله :" أنّ المقام المحمود: هو قعوده صلى الله عليه
وسلم مع ربّه على العرش".
بصيغة الحصر ،فأين أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم المتواترة في
الشفاعة ؟)
لا تتحذلق فما أبعدك عن العربية وعن العلم، فأين الحصر؟ فتفسير
الشيء بأحد معانيه لا يراد به الحصر ، والنجاد ليس جاهلا مثلك حتى ينكر ما ثبت عن
النبي عليه السلام في الشفاعة العظمى.
والطبري على علمه بالعربية ما فهم هذا الفهم المعكوس من رجل منكوس
الراية مثلك.
فقد رجح كون المقام هو الشفاعة ولم يرد أثر مجاهد.
ثم قال:
( ـ ونقل الذهبي رحمه الله في "العلو" (2/1090 رقم 426)عن
أبي بكر أحمد بن سليمان النجاد المحدث قال فيما نقله عنه القاضي أبو يعلى الفراء
لو أن حالفا حلف بالطلاق ثلاثا أن الله يقعد محمدا على العرش واستفتاني لقلت له
صدقت وبررت
فعلق الذهبي على هذا الأثر بقوله : "فأبصر حفظك الله من الهوى كيف
آل الغلو بهذا المحدث إلى وجوب الأخذ بأثر منكر واليوم فيردون الأحاديث الصريحة في
العلو بل يحاول بعض الطغام أن يرد قوله تعالى :(الرحمن على العرش استوى)".اهـ)
للذهبي كلام مخالف لهذا في كتابه العلو فلم أعرضت عنه ؟
حيث قال في العلو (ص:194: وقد ذكرنا احتفال الإمام أبي بكر المروذي
في هذا العصر، لقول مجاهد: (إن الله تعالى يقعد محمداً صلى الله عليه وسلم على العرش)،
وغضب العلماء لإنكار هذه المنقبة العظيمة التي انفرد بها سيد البشر، ويبعد أن يقول
مجاهد ذلك إلا بتوقيف؛ فإنه قال: قرأت القرآن من أوله إلى آخره ثلاث مرات على ابن عباس
رضي الله عنهما؛ أقفه عند كل آية أسأله"اهـ
وقال:
(أقول: –أي:الشيخ ربيع-:
فقلت : بعد أن سقت الأدلة الكثيرة على هذا القول.
قلت : "وهذا وإن كان هو الصحيح من القول في تأويل قوله تعالى :
{عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} [سورة الإسراء آية : 79] لما ذكرنا من الرواية عن
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين".
وإذن فما نسبه إلى مجاهد لم يثبت عنه وحاشاه أن يتعمد مخالفة رسول الله
صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين ،فما بالك وقد روي عنه قول يوافق فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأكثر المفسرين.)
ابن جرير لا يجهل قدر السلف لهذا لا يمكنه رد الأثر على طريقة
ربيع، وهو يعرف أن السلف قبلوه ولم يردوه ، وابن جرير أعلم وأفقه من أن يرى
التناقض بين الأمرين ، فهو وإن صحح الأول فلا يمكنه دفع الثاني.
هذا ما تيسر لي كتابته على عجالة ، وما يأتي بعد هذا استدلال
بأقوال الرجال لا يكون جملتهم أهلا لأن يرد بهم قول واحد من أئمة السلف ، فعليك
بالحجة ودعك من اعتماد الرجال في دين الله.
وكل من جاء بعد اتفاق السلف لا يرد إجماعهم ولو نجوت من الحماقة
لما نقضت الإجماع المتقدم بقول متأخر ، لكن الجهل إذا اقترن بالتعصب والتقليد ولد
كل شر وسوء. ونقلك عن عبد الرحمن بن حسن لا دليل فيه في نفي أثر مجاهد بل هو تفسير
للمقام المحمود بما ورد في الحديث وعدم الذكر ليس نفيا للوجود فلا تتحامق.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد
كتبه : أبو عبد الرحمن الشلالي المسيلي
05/09/1435
0 التعليقات:
إرسال تعليق